يوميات سياسية
قمة بغداد ماذا نتوقع منها؟
تاريخ النشر : الأربعاء ٢٨ مارس ٢٠١٢
السيد زهره
القمة العربية التي ستعقد في بغداد غدا هي اقل القمم العربية اثارة للإهتمام على المستويات السياسية والإعلامية.
في القمم العربية السابقة، وعلى الرغم من انه لم يكن أحد يتوقع منها ان تحقق انجازات ملموسة كالعادة، لكن على الأقل كان هناك اهتمام قبل انعقادها بطرح ما تريده الشعوب العربية وما ينبغي على القمة ان تفعله.. وهكذا.
لكن مع قمة بغداد، من الملاحظ ان الكل تعامل معها بفتور شديد وبعدم اكتراث واضح يكاد يصل إلى حد التجاهل السياسي والإعلامي.
بالطبع، هناك أسباب كثيرة تفسر هذه الحالة من عدم الاهتمام .
بداية، كان الهاجس الأمني يمثل العامل الأساسي في عدم الاهتمام بالقمة. كما هو معروف، ثارت الشكوك القوية في مدى قدرة الحكومة العراقية على تأمين القمة. ومن الملاحظ ان الحكومة العراقية طوال الفترة الماضية في حديثها عن القمة لم تكن تتحدث الا عن هذا الجانب، أي عن قدرتها على تأمين القمة.
وعلى ضوء هذه الهواجس الأمنية، بدا ان الانجاز الأكبر الذي يمكن ان يحققه عقد القمة في بغداد، ليس اتخاذ مواقف تخدم العمل العربي أو تحل مشكلة عربية، انما مجرد ان تذهب الوفود إلى بغداد وتعود آمنة. هي مسألة عبثية بالطبع، ان يكون هذا هو معيار نجاح او فشل القمة.
الأهم من هذا الاعتبار الأمني، هناك بالطبع التحفظات المعروفة المعلنة حول عقد القمة في بغداد بالنظر الى طبيعة الحكومة القائمة.
معروف ان هناك تحفظات عربية كثيرة منذ فترة على القمة بالنظر الى طبيعة الحكومة العراقية كحكومة طائفية، وبالنظر الى ارتباطها الوثيق بالنظام الإيراني الذي يكاد يصل الى حد التبعية، بما يعنيه ذلك من ارتباط عراقي بالمشروع الإيراني في المنطقة.
وعزز هذه التحفظات المواقف المستهجنة التي اتخذتها الحكومة العراقية في الفترة الماضية من قضايا عربية أساسية مثل الأحداث في البحرين، وأيضا الموقف مما يجري في سوريا والذي سار في ركاب الموقف الإيراني، قبل ان تحاول الحكومة العراقية تعديل موقفها بمناسبة عقد القمة.
هذا الجانب الجوهري دفع الكثيرين في الدول العربية على المستويات الرسمية وغير الرسمية الى عدم الاقتناع بجدوى عقد القمة في بغداد أصلا.
ومع هذا، فقد تغلبت في النهاية وجهة النظر التي ترى ان العراق بلد عربي كبير، ومن المهم العمل على ان يعود الى ساحة وطنه العربي ، والا يترك ساحة مفتوحة للنفوذ الإيراني أو غيره.
ورغم هذا الاعتبار الذي دفع الدول العربية في النهاية الى ان تقرر المشاركة في القمة، بغض النظر عن مستوى هذه المشاركة، فقد بقي عدم الاكتراث بالقمة قائما. ذلك لأن هناك أسباب أخرى بعيدا عن تلك الأسباب تفسر ذلك.
في مقدمة هذه الأسباب ان كثيرا من الدول العربية تعيش ظروفا داخلية صعبة، وتشهد مراحل تحول غير واضحة المعالم. من الطبيعي في ظل هذا ان اهتمام كثير من الدول العربية بالعمل العربي المشترك في المرحلة الحالية أصبح اهتماما محدودا للأسف الشديد.
وغير هذا، فان التطورات التي تشهدها الدول العربية في الفترة الأخيرة لا تترك مجالا لأن نتوقع خطوة عربية ملموسة أو موقفا عربيا مهما من أي قضية من القضايا الكبرى المطروحة .
دعك من الموقف التقليدي المعروف من القضية الفلسطينية مثلا، والذي سيتم تكراره بالطبع في قمة بغداد، أما فيما يتعلق بالأزمات الكبرى المطروحة حاليا وخصوصا الأزمة السورية، ليس لدى القمة جديد تضيفه. نعني ان الجامعة العربية قدمت بالفعل أقصى ما تستطيع في الأزمة السورية على النحو الذي نعرف.
وللأسف في ظل الظروف العربية الحالية، فإن المناخ ليس ملائما في القمة لمناقشة قضية كبرى جوهرية كان يجب ان تناقش، وهي قضية طبيعة دور الجامعة العربية في ظل التحولات التي يشهدها الوطن العربي . لقد رأينا مثلا ان الجامعة لعبت في الأزمة السورية دورا غير تقليدي هو موضع جدل. ومن المهم ان تحدد الدول العربية حدود وطبيعة دور الجامعة مستقبلا وخصوصا حين يتعلق الأمر بأزمات داخلية في دول عربية.
وعلى العموم، نعتقد ان ما نتوقعه أساسا من قمة بغداد لا يتعلق بمواقف القمة بحد ذاتها وما سوف تفعله، وإنما يتعلق بالحكومة العراقية نفسها.
نعني أن القمة تعتبر اختبارا حقيقيا للحكومة العراقية ولمدى إيمانها فعلا بدور العراق العربي وارتباطه بأمته العربية وليس بأي قوة أو جهة أجنبية غير عربية.
سوف يكون من المهم ان نتابع مثلا مع القمة وبعدها، موقف الحكومة العراقية من إيران ومشروعها في المنطقة. وسوف يكون من المهم ان نتابع ، حين تترأس العراق القمة في الاشهر القادمة، أي مواقف ستتخذ، وما الذي ستسهم به في العمل العربي وفي نصرة القضايا العربية.