الجريدة اليومية الأولى في البحرين


الإسلام في الانتخابات الرئاسية الأمريكية

تحريض متواصل ضد الإسلام خلال الخطابات العامة

تاريخ النشر : الأربعاء ٢٨ مارس ٢٠١٢



في كل موسم سياسي وانتخابي في الولايات المتحدة الامريكية يبرز بعض القضايا الساخنة. هناك الاقتصاد، التمييز العنصري، الإجهاض، غزو الفضاء وغيرها من المواضيع، لكن القضية الاكثر سخونة هذه الأيام، كما يتبين من تعليقات المرشحين الرئاسيين عن الحزب الجمهوري، فضلا عما حدث خلال انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في عام 2010، هي: الإسلام، وبلا منازع.
فقد سيطر الإسلام على العناوين الرئيسية خلال صيف عام .2010 على سبيل المثال، نذكر تعهد تيري جونز بحرق القرآن الكريم والشائعات المستمرة حول ديانة الرئيس باراك أوباما بالاسلام، بالاضافة إلى ذلك، بالطبع، الجدل حول «بارك51» وهو المركز الثقافي الإسلامي المزمع تأسيسه في مانهاتن. كما ان تلك الانتخابات في عام 2010، شكلت اختبارا لموقف الكثير من السياسيين الأمريكيين المناهض للإسلام. وهناك عدد محرج منهم من المناهضين للإسلام والمسلمين.
فما الذي يحصل اليوم فيما يشحذ السياسيون الهمم خلال معركة الانتخابات التمهيدية في الولايات المتحدة؟
«اورينت برس» اعدت التقرير التالي:
على الرغم من أن معظمهم عادة ما يشن الحملات الشعواء على العنصرية والتمييز على أساس الجنس والدين، ينغمس الكثير من السياسيين الامريكيين في المشاعر المعادية للإسلام وعادة ما يفلتون من العقاب والعواقب المترتبة على ذلك.
وأحد أسباب ذلك هو مشاعر الكراهية التي غرست لدى مجموعة كبيرة من الأمريكيين حيال الإسلام بعد احداث 11 سبتمبر 2001 وما تلاها من حملات لمضايقة المسلمين واتهامهم بالتشدد والراديكالية. وفقا لدراسة اعدها معهد بروكينجز بالتعاون مع مركز بحوث الدين في سبتمبر 2011، تبين ان 47 في المائة من الأمريكيين يعتقدون أن قيم الإسلام لا تنسجم مع القيم الأمريكية، والجمهوريون هم أكثر عرضة من الديمقراطيين للتأثر بهذا الرأي.
الجمهوريون والاسلام
بحسب الدراسة فإن مناصري الحزب الجمهوري هم الاكثر عداء للإسلام، وتضيف الدراسة: «فاذا كنت من مشاهدي قناة فوكس نيوز التابعة لهم أو تنتمي إلى حزب الشاي، فأنت بلا شك ستنظر إلى الاسلام باعتباره تهديدا»، اذ غالبا ما تتركز الحملات ضد الإسلام باعتباره ديناً متطرفاً يدعو إلى الارهاب. نتيجة لذلك، فقد استخدم المرشحون الرئاسيون الجمهوريون اخيراً عداءهم للإسلام لتوسيع قاعدتهم الانتخابية وجذب الانصار من دون ان يكترثوا بالعناوين العريضة التي لطالما تغنوا بها بأن الولايات المتحدة هي دولة حرية التعبير والمعتقد وتحترم جميع المواطنين على اختلاف دياناتهم وانتماءاتهم ومعتقداتهم.
على سبيل المثال شن المرشح الجمهوري نيوت جينجريتش الذي قارن في احدى المرات المسئولين عن انشاء «بارك 51» بالنازيين، حملة شعواء ضد التهديد المزعوم للشريعة الاسلامية على الولايات المتحدة. علما انه حتى الآن لم تبرز اي جهة اسلامية في المجتمع الامريكي ممن تطالب باحلال قوانين الشريعة الاسلامية محل القانون الامريكي، نظرا لاختلاف الفسيفساء الامريكية وتعدد دياناتها ومعتقداتها. مما يعني ان اتهامات النائب الجمهوري هي محض افتراء لا اكثر، ومجرد مزاعم لاثارة جلبة حول موضوع لا اساس له من الصحة لكنه يتعلق باثارة الحساسية حيال الاسلام والمسلمين. وفي الإطار عينه قدمت قرارات مدعومة من الحزب الجمهوري في أكثر من عشرين ولاية من ضمنها ميتشغان،انديانا، آيوا، ميزوري، من شأنها منع المحاكم من النظر في صلاحية القوانين الأجنبية مثل الشريعة الإسلامية للتطبيق داخل الولايات المتحدة الأمريكية رغم أنه وكما ذكرنا آنفاً لم تطلب أي منظمة إسلامية في الولايات المتحدة ذلك.
في الوقت نفسه، فان زميله ريك سانتوروم، قد جادل بأن الإسلام لم يخلق مفهوم المساواة بين المسلمين عموماً، واعتبر ان المسلمين لا يعبدون الله نفسه كما هو في الديانتين المسيحية واليهودية، على الرغم من ان المساواة مركزية في الإسلام، وكلمة «الله» في القرآن الكريم تشير إلى الله رب العالمين الذي يعبده جميع البشر من المسلمين والمسيحيين واليهود.
الى ذلك، وعد المرشح الرئاسي السابق هيرمان كين بأنه لو جرى انتخابه فلن يعين مسلماً واحداً بين أعضاء وزارته لكن يبدو ان خطابه الحاد ضد الاسلام لم ينفعه على الاطلاق فسحب ترشحه على مضض خوفاً من الخسارة المحتملة في الانتخابات التمهيدية.
ويبدو فقط ان المرشح الجمهوري رون بول هو الوحيد الذي يعارض الاسلاموفوبيا، وهو يربط المشاعر المعادية للإسلام في الداخل الامريكي بالحروب التي شنتها القوات الامريكية على الدول ذات الغالبية الاسلامية حول العالم، ويدخله في إطار لوازم البروبجندا والدعاية الحربية.
فوق الخلافات
حتى الآن، بقي المرشح الرئاسي الجمهوري البارز ميت رومني إلى حد كبير فوق هذه الخلافات، وهو كثيرا ما يلجأ إلى عبارات صيغت بعناية مثل «الاسلام ليس دين عنف بطبيعته»، ولكن يجوز كثيرا ان يغير هذا السياسي من مواقفه مثلما فعل فيما يتعلق بقضايا كثيرة في السابق. علما ان وليد فارس، الناقد اليميني، هو واحد من مستشاري رومني. كما ان الاخير يحظى بدعم سوبر CAP (لجنة العمل السياسي) التي يديرها لاري مكارثي، وهو المتخصص في الهجمات الإعلانية، فمكارثي هو الذي صمم الحملات التي تمكنت من حسم السباق الرئاسي في عام 1988 لصالح جورج بوش الأب، كما انه صمم اعلانا يستهدف مشروع «بارك 51».
مواقف اوباما
علما ان المشاعر المعادية للإسلام لا تبرز فقد عند المرشحين الرئاسيين عن الحزب الجمهوري، فعلى الرغم من جهوده لإعادة العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي، كثيرا ما اثارت سياسات أوباما غضب المسلمين، سواء كان ذلك من خلال الحروب على الدول التي تولد الخسائر في صفوف المدنيين الذين هم من المسلمين على الدوام، او الاعتقالات التي تجرى بحق المسلمين في دول اخرى تعمل بالوكالة لصالح واشنطون، او من خلال التشدد في ملاحقة المسلمين الامريكيين وترصدهم بشكل كبير من قبل مكتب التحقيق الفيدرالي ووكالة الاستخبارات الامريكية بما يضعهم على الدوام في دائرة الاتهامات.
الطامحون للوصول
بالتأكيد، لايزال الاقتصاد من العناوين الرئيسية في الحملة الانتخابية. ولكن فيما يعمل الطامحون الجمهوريون إلى الوصول إلى البيت الابيض على شحذ هجماتهم على بعضهم بعضا، ويستعدون لمواجهة أوباما في الخريف، لا ينبغي أن ندهش إذا ما اصبح الإسلام هو القضية السياسية الاساسية للحملات الانتخابية كما كانت قضية «الشيوعية» التي جرى استغلالها خلال ايام الحرب الباردة. لكن كثرا في الولايات المتحدة يعبرون عن رغبتهم عدم تكرار مشاعر الاسلاموفوبيا القبيحة التي تجلت في الانتخابات النصفية في عام 2010 ويأملون الا تؤدي الدعاية المتعطشة للمرشحين إلى تشويه صورة الولايات المتحدة بوصفها بلدا للحريات.. علما ان الخطابات السياسية المحرضة ضد الاسلام اثبتت انها ذات تأثيرات بالغة فقد ازدادت جرائم الكراهية ضد المسلمين بنسبة 50 في المائة في الولايات المتحدة خلال .2010
في المقابل، اتخذت مجموعة من المسلمين الامريكيين من مدينة شيكاغو قرارا بمحاربة الخطابات المعادية للإسلام التي ساهمت حملات الانتخابات الرئاسية الحالية في زيادتها مستخدمين تكتيكات تشتمل على حملات تلفزيونية ضد التعصب الديني، وأنفقت منظمة «كسب السلام» للتوعية الإسلامية، ما يقارب 40 ألف دولار في شهر ديسمبر الماضي لمواجهة الصور السلبية وإنتاج إعلانين تلفزيونيين بغية ترويج الإسلام كدين عادل. وستقوم تلك الإعلانات التي تنشر في شهر مارس على محطات فوكس، و«سي ان ان»، و«تي ان تي»، بإظهار حقيقة وودية الطلاب والمهنيين المسلمين كما تعرض رقم هاتف وموقعا إلكترونيا لمزيد من المعلومات.