المال و الاقتصاد
ألقت الضوء على التفاعل بين المخاطر الاقتصادية والسياسية
البحرين تستضيف ندوة المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية حول الجيو اقتصاد والاستراتيجية
تاريخ النشر : الأربعاء ٢٩ مارس ٢٠١٢
شارك مفكرون كبار من مجموعة واسعة من مؤسسات الرأي العام العالمية في ندوة عقدت هذا الأسبوع في البحرين تناولت مناقشة أفضل الأساليب للتعامل مع المخاطر السياسية والاقتصادية الدولية. وكان عنوان هذه الندوة التي عقدت على مدى يومين في المنامة، في الفترة ما بين 24 و25 مارس، واستضافها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، «عصر جديد من الجيو اقتصاد: تقييم تفاعل المخاطر الاقتصادية والسياسية».
وشارك في الندوة الدكتور سانجايا بارو، مدير قسم الجيو اقتصاد والاستراتيجيات في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية والمستشار الإعلامي والمتحدث السابق باسم رئيس وزراء الهند، واللورد سكيدلسكي، عضو مجلس اللوردات، المملكة المتحدة والخبير الاقتصادي البارز، ورئيس التحرير الأسبق لصحيفة الإيكونوميست، بيل إيموت، وغيرهم من كبار الشخصيات.
والهدف من عقد الندوة هو إلقاء الضوء على كيفية فهم التفاعل بين المخاطر الاقتصادية والسياسية، بحيث تتمكن كل من الحكومات والشركات من تطوير أساليب أرقى للتعرف إلى التحولات الجيو اقتصادية والجيو سياسية المرتقبة.
وتعليقا على هذه الندوة، قال جون تشيبمان، المدير العام والرئيس التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن: «ينظم المعهد من مقره المتميز في منطقة الشرق الأوسط وفي مملكة البحرين مؤتمراً وبحوثاً دولية كبيرة حول الجيو اقتصاد والاستراتيجية. وجمعت هذه الندوة، وهي الثانية ضمن عدد من الندوات التي سيتم عقدها، 46 شخصية من 18 بلداً يمثلون الحكومات وقطاع الأعمال ومجتمع المفكرين لدراسة التفاعل بين المخاطر الاقتصادية والسياسية في عالم اليوم الذي يزداد تنوعه. واستطاع المعهد اجتذاب بعض كبار المفكرين في العالم إلى البحرين، وقطعت الندوة شوطاً كبيراً في المساعدة على تحديد أفضل الأساليب للتعامل مع المخاطر السياسية والاقتصادية الدولية. قضى المشاركون وقتا طيبا في البحرين، ونحن نتطلع إلى تعزيز الدور الذي يلعبه مكتبنا ليشكل مركزاً رئيسياً للمبادرات الراقية في هذه القضايا الحيوية».
وقال كمال أحمد وزير المواصلات والقائم بأعمال الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية «موقع البحرين في قلب دول مجلس التعاون الخليجي الغنية بالنفط يمكّنها من أن تكون الموقع المثالي لعقد حلقات دراسية مثل هذه الندوة. وقد شهد الاقتصاد العالمي تحولات جذرية متعددة على مدى السنوات الخمس الماضية».
وفي كلمته الافتتاحية، قال الدكتور سانجايا بارو، مدير قسم الجيو اقتصاد والاستراتيجيات في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية «هناك أربعة عوامل طويلة الأجل تسهم في التحولات الهيكلية الأكثر ديمومة في الاقتصاد العالمي، أولاً، قوة المعرفة والتحول الديموغرافي، وثانياً التحول الزراعي والبحث عن الموارد، وثالثاً التحول الاجتماعي والسياسي، وخصوصا صعود الطبقة الوسطى وطبقة رجال الأعمال؛ وأخيراً، القدرة المالية لتمويل القدرة العسكرية».
في الجلسة الاولى، قال باراغ خانا، كبير الزملاء الباحثين، مؤسسة أمريكا الجديدة «يحتاج واضعو السياسات إلى فهم مدى تعقد المخاطر في العالم الحديث. حيث إن المفارقة في اقتصاد القرن الحادي والعشرين تتمثل في أنه في الوقت الذي يبدو العالم فيه أكثر ترابطاً وتشابكاً من أي وقت مضى، فإن دوله تسير على نحو متزايد بسرعات مختلفة وتبدو منفصلة. وبالتالي فإن تصوراتنا عن المخاطر والفرص ستستمر في الاختلاف إلى حد كبير في المناطق والأسواق المتعددة، وبالتالي يمكن لهذه التصورات بحد ذاتها أن تكون سبباً في سوء الفهم وسوء التقدير».
وفي الجلسة الثانية، قاد النقاش الذي دار حول الاقتصاد والمال اللورد سكيدلسكي، عضو مجلس اللوردات في المملكة المتحدة، والأستاذ الفخري للاقتصاد السياسي في جامعة وارويك. وتمثل النقاش في أن: «تحقيق السلام والازدهار يتطلب مزيدا من تدخل الحكومة، وليس التقليل من تدخلها. حيث نحتاج تدخل الحكومة لتجنب تكرار ما حدث في ثلاثينيات القرن الماضي. ولكنه حذر من أنه في حين أن التعاون الدولي كان ضرورياً إلا أن هناك حاجة إلى نقلة نوعية في قدرة القوى الكبرى على التعاون وتنفيذ الحلول التعاونية، وإلا فإن الاقتصاد السياسي للعولمة سوف يبدأ بالتحلل».
وفي مطالعة تالية، رأى بيل إيموت، رئيس التحرير السابق لصحيفة الإيكونوميست، إنه من الناحية النظرية، وكذلك في الممارسة العملية، من الصعب للغاية قياس التأثير الاستراتيجي لمختلف البلدان والمناطق حيث يعتمد القياس على مجموعة من المتغيرات. وبالتالي فإن التخمين والتوقعات حول التوجهات المستقبلية والمواقف والقدرات يعد من العناصر الحيوية للنفوذ الاستراتيجي، بالإضافة إلى قضايا أكثر تقليدية مثل الجغرافيا، والعتاد العسكري، والوزن الاقتصادي والوضع القانوني الدولي. ونحن بحاجة إلى مزيج من كل هذه الجوانب إذا ما أردنا حقا تحسين فهمنا للتأثير الاستراتيجي، وخصوصاً فهم المخاطر السياسية والاقتصادية التي تنشأ عن ذلك.
وفي ختام اليوم الأول من الندوة، قال اندرو اردمان، مدير مساعد في ماكينزي آند كومباني: «نحن نعيش في منعطف تاريخي»، ففي حين يخرج النمو خلال العقد المقبل من البلدان النامية وتحديداً في آسيا. فإن هذا يزيد من صعوبة مهمة المخطط الاستراتيجي اليوم. ومع ذلك يمكننا من خلال التخطيط الدقيق لمختلف السيناريوهات التي توضع على أساس متين من النمذجة الاقتصادية مضافاً إليها المعطيات والمؤثرات السياسية والجيو سياسية يمكننا التغلب على هذه الصعوبة.
وفي الجلسة الأولى من جلستي يوم الأحد، استعرض جيفري فرانكل، أستاذ جيمس دبليو هاربيل في قسم رأس المال والنمو في كلية كينيدي للعلوم الحكومية بجامعة هارفارد، نظرته المستقبلية للصدمات المحتملة التي يمكن أن يواجهها النظام الاقتصادي العالمي في العام 2012 والاستجابات التاريخية لهذه الأنواع من القضايا. وأشار إلى أمله في أن نتمكن من الحصول على نتائج أكثر ايجابية لسياساتنا في العقد المقبل، مقارنة بما حصلنا عليه في السنوات العشر الماضية. وخصوصاً في الارتفاع إلى مستوى التحدي المتمثل في كل ما يمكننا أن نواجهه من صدمات جديدة.
وفي الجلسة الختامية، تناولت ليندا يوا، زميل الاقتصاد في جامعة أكسفورد، والمراسلة الاقتصادية لتلفزيون بلومبرغ، الصين كمثال رئيسي على دولة لاقت نجاحاً خاصاً في استخدام سياسة اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشر من أجل تطوير الصناعات التحويلية، والقدرة على التصدير. وبينما قدرت النجاحات التي حققتها الصين في سياسة جذب الاستثمارات وتصدير السلع، إلا أنها دعت إلى تجنب رد الفعل العنيف ضد الاستثمارات التي تقودها الدولة، من خلال النظر بعناية إلى الاصلاحات التي يمكن أن تقوم بها الصين لمساعدة شركاتها على أن تصبح شركات متعددة الجنسيات، وكيفية إدارة تأثير عمليات الاستحواذ التي تمولها الدولة على جميع أنحاء العالم.