الجريدة اليومية الأولى في البحرين


زاوية غائمة


القرار الذي ليس بيدك

تاريخ النشر : الأربعاء ٢٩ مارس ٢٠١٢

جعفر عباس



رأيت قبل أيام فيلما تسجيليا عن الجرائم التي ارتكبها الطبيب البريطاني هارولد شيبمان، ونال عنها حكما بالسجن مدى الحياة، بالمعنى الحرفي للكلمة بحيث لا يخرج من السجن حيا بعد ان ادين بقتل بعض مرضاه.. وفي ما هو ثابت فان هذا الطبيب قتل اكثر من 300 من مرضاه، تخيل أن تذهب إلى طبيبك على أمل ان يساعدك على الشفاء من مرض، فيخطط ويتكتك لقتلك، وقد ارتكب تشابمان عمليات الإبادة الجماعية تلك ليس طلبا لمال او لاستخدام جثث موتاه في البحث العلمي، ولكن فقط لأنه كان يرى أن بعض مرضاه لا يستحقون الحياة! تذكرت شيبمان السفاح هذا وانا اقرأ حكاية طبيب نفساني كولمبي جلست أمامه امرأة تعاني من اضطرابات نفسية، وشرعت تحكي له تفاصيل حالتها وحياتها المعقدة، وبعد قليل نهض الطبيب وتوجه إلى جاكيته المعلق على مشجب في الحائط، ثم التفت صوب المريضة واطلق عليها وابلا من الرصاص من مسدس، فشفيت تماما من أمراضها النفسية والجسدية لأنها ماتت على الفور، وبرر الطبيب المجنون تصرفه هذا بأنه «سئم الاستماع إلى هلوسات هؤلاء المجانين»، وبالتالي أراد توجيه إنذار إليهم: اللي يهوب ناحيتي شاكيا من وسواس او اكتئاب او بطيخ سأطخه بالرصاص! ألا يذكركم هذا بقصيدة لإيليا ابو ماضي التي يحكي فيه محاورة بين الشاعر والسلطان الجائر، وعندما زهج السلطان من «فلسفة» وحجج الشاعر يأمر بقطع رأس الشاعر الطويل اللسان ويبرر ذلك بأن «رأسه عبء على منكبيه»!
وحكاية الطبيب البريطاني تشابمان وزميله الكولمبي اللذين قتلا مرضاهما تثبت ان الموت يأتيك من حيث لا تدري، وعندك حكاية المحامي البريطاني الذي أحس بأن حياته خاوية وبلا طعم أو معنى، وقرر في لحظة يأس ان ينتحر، فقام بفتح صنابير الغاز في الفرن وادخل رأسه في الفرن، وامسك بعود ثقاب ليشعل النار ويُحدث الانفجار، ولكنه تردد في آخر لحظة، وصرف النظر عن الانتحار، وخرج من المطبخ وقطع الورقة التي كتب عليها وصيته التي تركها لذويه، وهدأت أعصابه قليلا، فعاد إلى المطبخ وأغلق صنابير الغاز، وجلس ثم اخرج سيجارة وأشعل عود ثقاب فكان: بووووووم، فالمطبخ كان سلفا مشبعا بالغاز فكان الانفجار الذي خطط له بادئ الأمر ثم صرف النظر عنه، ولكنه حدث، وهكذا مات من دون أن «ينتحر»! وفي ولاية ألسكا الامريكية، قفز الصياد هنري سيمبسون فرحا عندما نجح في ضرب إوزة برية طائرة بطلق ناري، وصفق له رفاقه وسقطت الاوزة على بندقية سيمبسون فانطلقت منها رصاصة «جابت خبره».. نفس حكاية اغنية محمد رشدي: صياد ورحت اصطاد وصادوني!
وفي مدينة فوجيا الايطالية تعارك العجوز انتونيو دي بالما مع عجوز آخر حول أحقية الجلوس في الجانب الأكثر ظلا تحت شجرة بلوط في حديقة عامة، ورغم سنيه التسعين نجح دي بالما في زحزحة الرجل الآخر، والجلوس حيث اختار، ويا بئس ما اختار، فقد سقط فرع من الشجرة المعمرة مثله على رأسه، فانتقل إلى الظل النهائي! ولكنني حزنت للعريس الأمريكي البالغ من العمر 23 سنة والذي احتفل به اصدقاؤه قبل يوم من «عقد قرانه على كريمات إحدى الأسر»!، ففي أمريكا ينظمون للعريس ما يسمى «ستاق بارتي ytrap gats» يعربد فيها مع زملاء العزوبية، ثم يودعهم، وأثناء اللهو والعبث ربط أصدقاؤه في ساقه سلسلة في طرفها كرة ثقيلة ليذكروه بان الزواج عبء ثقيل، وانطلق العريس المنعنش بالسوائل الروسية والاسكتلندية، عائدا إلى بيته بسيارته ولكنها انحرفت وسقطت في بحيرة وسحبته السلسلة والكرة إلى أسفل فغرق على التو.. وهكذا نجت كريمة إحدى الاسر من الترمل!



jafabbas19@gmail.com