الجريدة اليومية الأولى في البحرين


في الصميم


أوسمة على صدور سيوف الحق

تاريخ النشر : الأربعاء ٢٩ مارس ٢٠١٢

لطفي نصر



من الأشياء المحببة إلى النفس أن أستمع الى سمو رئيس الوزراء متحدثا إلى مرتادي مجلسه العامر وأفضل أن يكون ذلك في غير صبيحة يوم الأحد.. تلك الفترة المحدودة التي تسبق اجتماع مجلس الوزراء, والتي تحتم أن يكون نبض الحديث متلاحقا وعبارة عن رسائل قصيرة تبلور الموقف العام على الساحة للرأي العام.. لكن عموما أشعر به الزعيم الذي يتحدث بقلبه في كل الأحوال.
رأيت سموه يضع أوسمة فوق صدور كتاب الأعمدة الوطنيين الذين يذودون عن حياض الوطن بأقلامهم وصدق مشاعرهم.. منتصرين للحق.. ومتصدين للباطل في شجاعة وطنية يحسدون عليها.
و«أخبار الخليج» تحظى بمجموعة منهم.. وعلى رأسهم بالضرورة ومن دون مجاملة: أنور عبدالرحمن.. وسيد زهره.. ومن بينهم مجموعة أطلق عليهم «سيوف الحق» مثل: ابراهيم الشيخ – محمد مبارك جمعة – محميد المحميد – صلاح عبيد – جمال زويد.. وغيرهم.
ولذلك كانت سعادتي غامرة وأنا أستمع الى سمو رئيس الوزراء وهو يشيد بكل الكتاب الوطنيين الأفاضل في كل الصحف البحرينية.. مشيرا إليهم بأنهم يقفون دائما مع الحق ويدحضون الباطل بأدلتهم الدامغة المبرأة من كل ادعاء!
يقول سموه: «ان التاريخ سيسجل لهم وقفتهم الى جانب وطنهم.. فهذا الوطن يحتاج الى مزيد من وقفاتهم الشجاعة».
ثم يقول سموه: «إن الذين يعملون ضد وطنهم لا هدف لهم إلا أن يسلبونا استقرارنا ويجعلونا في دوامة.. ولا هدف آخر لهم غير هذا الهدف الأسود الذي يعشعش في بعض الصدور.
ولأن سموه يتحدث من قلبه الكبير الذي يتسع لحب الجميع.. نرى حديثه على الدوام مبرأ من أي إساءة الى أحد حتى الى من أساءوا الى الوطن أو ناوأوه.. لذا يجئ الحديث موزونا وموضوعيا على الدوام.. فيقول سموه: «قد يكون لدينا مناوئون يهددون أمن وطنهم.. ومع ذلك فنحن لا يمكن أن ننسى أنهم جميعا أبناء هذا الوطن.. وليس مطلوبا منا أكثر من تطبيق القانون على المخالفين».
ثم يقول سموه: «نحن لا ندعي الكمال.. لدينا قصور في بعض النواحي.. لذا نعمل بكل جد على علاج هذا القصور, واستكمال أي نقص ربما يكون موجودا.. ويبقى أن المهم هو أن يكون لنا جميعا كشعب كلمة واحدة توحدنا وتجمعنا على حب الوطن, والعمل من أجل مستقبله».
}}}
رغم أن الحوار بين وزير العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة والنائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالله بن خلف الدوسري, خلال جلسة مجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي, قد وصف بالسخونة.. إلا أن هذا الحوار لم يخل من الموضوعية والمواقف المتباينة التي تستحق الوقوف عندها.
كان النائب الدوسري محقا في طرحه في كثير من الجوانب وخاصة عندما تحدث عن قرار رفع رسوم التسجيل العقاري من 1% الى 3% متسائلا: هل يجوز لقرار – مهما كانت أداة إصدار هذا القرار – أن يلغي أو يعطل قانونا؟.. هل يجوز للوزارة الأمينة على القوانين أن تخالف القوانين؟.. أليس كل ذلك يأتي مخالفا للدستور.. وهي الوزارة التي على رأس الوزارات الحريصة على توقير وعدم الإساءة الى الدستور؟!
كان النائب الدوسري محقا في كل هذه التساؤلات.. وكان من حقه أن يغضب لأن معالي الوزير لم يكلف نفسه بالإجابة عن سؤاله كتابة وفضل أن تكون الاجابة شفاهة.. أقول من حقه ان يغضب وينفعل – كما انفعل خلال الجلسة – رغم ان الوزير كشف عن انه من حق الوزير – أي وزير – أن يجيب عن أسئلة النواب «كتابة» أو «شفاهة» وكما يختار.
وكان النائب الدوسري من حقه أيضا أن يذكر أو يشير الى أن فرض الرسوم أو تعديل قيمتها خفضا أو رفعا لا يكون إلا بقانون.. وهذا هو ما يقتضيه الدستور.. ولكن انفعاله وغضبه جعلاه لا ينطلق بكل ما كان يريد.. ومفوتا عليه أن تكون هذه الانطلاقة كاملة وشاملة.
لكن على الطرف الآخر كان وزير العدل عادلا وشجاعا في طرحه.. وفي مرافعته خلال الجلسة.
كان عادلا وصريحا عندما قال بالحرف الواحد: القرار موجود, ومن حق أي مواطن أن يطعن عليه بالإلغاء.. أو البطلان, وهو الذي يقصد بالضرورة قرار رفع رسوم التسجيل العقاري.
وكان شجاعا عندما اعلن اعتذاره خلال الجلسة رغم أنه لم يصدر عنه الشيء الكبير الذي يوجب الاعتذار عنه.. ولا ذنب له في القرار الذي صدر.
المهم هو ان طرح النائب الدوسري أصاب الهدف وكبد الحقيقة معا في مسألة شديدة الحيوية.. وكان وزير العدل – ابن الأصول – الذي لم يثر ولم ينفعل رغم سماعه عبارة موجعة.. كما كان الوزير الذي اعتذر رغم أنه لم يخطئ على الأقل خلال الجلسة.
المهم ان سؤال الدوسري, والحوار من حوله, قد أبقى في نفسي هوى لمتابعة الحوارات حول أسئلة النواب بعد أن كنت قد سئمتها ومللتها!