الجريدة اليومية الأولى في البحرين


بين السطور


مواقفها تكشف نواياهائو

تاريخ النشر : الجمعة ٣٠ مارس ٢٠١٢

صلاح عبيد



حين نقول إن الدول الكبرى تكيل بمكيالين فإننا لا نفتري عليها زورا ولا نجترح بهتانا، بل هو أقل من الحقيقة، ولنا أصدق مثال في طريقة تعامل الدول الكبرى مع إسرائيل التي تحظى بالتغاضي والتجاهل التامّين لكل ما تقوم به من جرائم في حق الشعب الفلسطيني وفي حق الشعوب العربية في دول الطوق وبالذات منها لبنان، بينما نفس تلك الدول الكبرى تسلط اليوم منظماتها المدنية وهيئاتها البرلمانية وأحزابها السياسية ووسائل إعلامها ضد الدول العربية لتشويه صورة شعوبها وحكوماتها تمكينا ودعما للعملاء المتسربلين بثياب «المعارضة» والمدّعين زورا وبهتانا أنهم أصحاب «حركات مطلبية شعبية» وأن مسلكهم سلمي تماما، وهم في حقيقة الواقع ينفذون مخططات تخريبية وتفتيتية لدولنا هدفها إسقاط حكوماتنا الشرعية وإشعال نزاعات طائفية بين أطياف شعوبنا تظل نيرانها مستعرة إلى أن تحرق الأخضر واليابس في أراضينا وتقضي على كل منجزاتنا الحضارية وتسحق كل أمل لنا في التطور والتقدم.
إسرائيل قررت قبل أيام قليلة «قطع علاقاتها مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بعد أسبوع من إعلان المجلس اعتزامه التحقيق في المستوطنات الإسرائيلية، بحسب ما أعلن (يغال بالمور) المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية الذي أضاف أن وزارته اتخذت قرارا بقطع علاقات العمل مع المجلس، وأنه لن تكون هناك علاقات عمل معه أو محادثات أو تمرير أوراق أو زيارات أو تبادل للمعلومات أو حضور للاجتماعات». سبب القرار الإسرائيلي هو أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أثار استياء الحكومة الإسرائيلية «بعد أن أعطى يوم الخميس الماضي الضوء الأخضر لتشكيل أول بعثة تحقيق دولية مستقلة حول تداعيات بناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية».
وزير الخارجية الإسرائيلي (أفيغدور ليبرمان) صرّح للإذاعة الإسرائيلية قائلا: «هذه الهيئة المنافقة لا علاقة لها بحقوق الإنسان. من الواضح أنها منحازة وغير موضوعية وليس لدينا أي سبب يدفعنا للتعاون معها»!.. وأضاف: «لن نكون طرفا في هذه المهزلة لأن 70 في المائة من قرارات هذا المجلس معادية لإسرائيل»!. واستطرد قائلا: «نعتزم الطلب من الدول الحرة مثل الولايات المتحدة الانسحاب منها». وهو نفس مضمون تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) الذي قال: «هذا المجلس الذي يعد غالبية معادية لإسرائيل منافق ويجب أن يخجل من نفسه»!
القرار الذي أثار حنق الحكومة الإسرائيلية ودفع مسئوليها لاتهام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالنفاق وعدم الموضوعية لم يكن فيه أي إدانة لإسرائيل أو أي اتهام لها بشيء، بل كل ما نص عليه هو إرسال بعثة تحقيق دولية مستقلة لتقصي الحقائق بشأن تداعيات المستوطنات الإسرائيلية على الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب الفلسطيني. لكن كل الدول الكبرى لزمت الصمت تجاه الموقف الإسرائيلي في موافقة ضمنية عليه، وفي تأييد ضمني لمواقف إسرائيل العدوانية ضد الشعب الفلسطيني وضد الشعوب العربية كلها.
موقف الدول الكبرى الأعوج هذا يتناسق تماما مع موقفها المؤيد للمخربين والعملاء المتخفين وراء قناع المعارضة في دولنا العربية ــ وبالذات في البحرين وشقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي ــ ويكشف بجلاء نوايا ومخططات تلك الدول ضد شعوبنا وأنظمتنا الحاكمة الشرعية، فمن يساند المحتل المعتدي على الشعب الفلسطيني من المنطقي جدا أن يجند العملاء في دولنا ويقدم الدعم لكل من يريد لبلادنا وشعوبنا الخراب والدمار.. جعل الله كيدهم في نحورهم وحمانا منهم جميعا.



salah_fouad@hotmail.com