أخبار البحرين
الشيخ عبدالله الحسيني: حصانة الصحابة مستمدة من الشريعة الإسلامية
تاريخ النشر : السبت ٣١ مارس ٢٠١٢
تحدث الشيخ عبدالله الحسيني إمام جامع التوبة بالبسيتين عن مناقب عمر الفاروق فقال:
نحن اليوم مع رجل جاء إلى الحرم المكي ودخل في ستر الكعبة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قائم يصلي، وقد استفتح سورة الحاقة، فجعل هذا الرجل يستمع إلى القرآن، ويعجب من تأليفه، فقال: هذا والله شاعر كما قالت قريش، قال: فقرأ: (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ) فقلت: كاهن، قال: (وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ × تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، قال الرجل: فوقع الإسلام في قلبي، كان هذا أول وقوع نواة الإسلام في قلب هذا الرجل، ولم يتمكن منه بعد.
ثم انطلق هذا الرجل يوماً متوشحاً سيفه، فلقيه نعيم بن عبدالله العدوي فقال: أين تعمد يا رجل؟ قال: أريد أن أقتل محمداً، قال: كيف تأمن من بني هاشم ومن بني زهرة، وقد قتلتَ مُحمَّداً؟ فرد عليه: ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك الذي كنت عليه، قال: أفلا أدلك على العجب! إن أختك وختنك قد تركا دينك الذي أنت عليه ودخلوا دين محمد! فانصدم الرجل وتوجه إلى بيت أخته، وعندهما خباب بن الأرت معه صحيفة فيها (طه) يقرئها إياها - وكان يختلف إليهما ويقرئهما القرآن - فلما سمع خبابٌ حِسَّ الرجل توارى في البيت، وسترت فاطمة - أخت الرجل - الصحيفة، وكان قد سمع الرجل حين دنا من البيت قراءة خباب إليهما، فلما دخل عليهما قال: ما هذه الهَيمنة التي سمعتها عندكم؟ فقالا: ما عدا حديثاً تحدثناه بيننا، قال: فلعلكما قد صبوتما، فقال له ختنه: أرأيت إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب الرجل على ختنه فوطئه وطأً شديداً، فجاءت أخته لتدافع عن زوجها فضربها بيده، فدمى وجهها، فقالت وهي غضبى: إن كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.
فلما يئس الرجل ورأى ما بأخته من الدم ندم واستحى، وقال: اعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرؤه، فقالتْ أختُهُ: إنك رِجْسٌ، ولا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل، فقام فاغتسل، ثم أخذ الكتاب فقرأ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فقال: أسماء طيبة طاهرة، ثم قرأ (طه) حتى انتهى إلى قوله: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي. فقال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه؟ دلوني على محمد.
فلما سمع خباب قول الرجل خرج من البيت فقال: أبشر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، هو في الدار التي في أصل الصفا.
فأخذ هذا الرجل سيفه فتوشحه، ثم انطلق حتى أتى الدار، فضرب الباب، فقام رجل ينظر من خلل الباب فرآه متوشِّحاً السيف، فأخبر رسول الله واستجمع القوم، فقال لهم حمزة: ما لكم؟! قالوا: فلان، فقال: وفلان! افتحوا له الباب، فإن كان جاء يريد خيراً بذلناه له، وإن كان جاء يريد شراً قتلناه بسيفه، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم داخل يوحى إليه، فخرج إلى الرجل حتى لقيه في الحجرة، فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف، ثم جذبه جذبة شديدة فقال: (ما أنت بمنتهٍ حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة؟ اللهم أعز الإسلام بهذا الرجل) فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وأسلم، فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد الحرام.
أعرفتم هذا الرجل العظيم؟! إنه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حقيقة لا أدري ما الذي أسوقه من فضائله؟ وما أبثه من سيرته؟! وما أختاره من أخباره؟! وما أصطفيه من مناقبه؟! لكن الحر تكفيه الإشارة.
عن علي بن أبي طالب قال: ما علمت أحدًا هاجر إلا مختفيًا، إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما همَّ بالهجرة تقلَّد سيفه وأتى الكعبة - وأشراف قريش شهود - فطاف وصلى، ثم أتى حلقهم واحدة واحدة، فقال: شاهت الوجوه - أي قبحت -، من أراد أن تثكله أمه - أي تفقده - وييتم ولده، وترمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي. فما تبعه منهم أحد.
وكان ابن مسعود يقول: كان إسلام عمر فتحًا، وكانت هجرته نصرًا، وكانت إمامته رحمة، ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي إلى البيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا وما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.
لقد كان أمير المؤمنين عمر الفاروق رأسًا في العدل والعبادة والقيادة، صاحبَ علم وفضل وحكمةٍ وعبادةٍ وشجاعة، فهو بحق سباق غايات وحاوي مواهب.
وقال: إن عقيدتنا في الصحابة الكرام التي ندين الله بها هي أنهم ورثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ورثوا عنه الكتاب والسنة علمًا وفهمًا، وعملاً وطريقة، فهم عدول وثقات، فقد أثبت الله لهم العدالة في كتابه ورضي عنهم وأرضاهم، أقوالهم في الدين سديدة، وفهمهم للعقائد والأحكام صحيح، والأخذ عنهم موثوق، لأنهم تلقوا العلم وتعاليم الدين من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وفهموا ذلك على مراده الصحيح، وطبقوه على وجهه الحسن، وقد شهد لهم النبي بالخيرية والأفضلية، لذلك فنحن نحبهم ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم عندنا دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان.