إشارات
تصرفات غير مسؤولة
تاريخ النشر : السبت ٣١ مارس ٢٠١٢
عبدالرحيم فقيري
ما زالت اللامسؤولية تنخر هياكل المؤسسات الخدمية الرسمية في الدولة، وما زالت الممارسات القائمة على المحسوبية تكاد تمزق أهلية وأولوية البطاقات الالكترونية التي يحصل عليها المتعاملون مع بعض هذه المؤسسات للحصول على فرصة الدور قبل أن تنتهي تراخيص الإذن المحدودة التي حصلوا عليها من المؤسسات التي يعملون بها.
كما أنه ما زالت أمزجة موظفي بعض المؤسسات الرسمية هي التي تقرر متى وكيف وأين ولماذا يحصل المواطنون على الخدمات التي جاءوا من أجلها، من دون أن يكون للتذاكر الالكترونية التي ابتكرت للحد من التصرفات غير المسؤولة في المؤسسات الخدمية، أي اعتبار وأي شأن في تغيير مزاجية الموظف لاتجاه ذاته، ولا تجاه طالب الخدمة، ولا تجاه النظام الالكتروني الذي استحدث وكلف الدولة مبالغ طائلة، ولا حتى تجاه المؤسسة التي يعمل بها، لا يعتبر نفسه فيها مجرد موظف جل وظيفته أن يكون مخلصا في تقديم الخدمة الى طالبيها مقابل الأجر الذي يعمل به، بقدر ما يعتبره سيدا على الجميع، تزداد هيبته كلما ألقى على طالبي الخدمات نظرة احتقار ودونية، وكلما أمعن تمثيل دور (الأصمخ) الذي يبعث طالبي الخدمة على الصراخ، وكلما جفل عنه تاركا إياه يسترسل في استفسار بدأه فصُفع بنظرة استعلاء لا تكشف إذ تكشف إلا عن (وضاعة) موظف في غير محله.
ولله الحمد، فإن الغالبية العظمى من الوزارات والمؤسسات الرسمية في الدولة، تعمل بنظام التذاكر الالكترونية التي تحدد بدقة متناهية دور هذا المواطن أو ذاك المقيم في حقه بالحصول على الخدمة التي جاء لأجلها إلى المؤسسة الرسمية، غير أن إمعان الموظفين المستأمنين على أمور تقديم هذه الخدمات في ذاتية مفرطة، وغوغائية ضاربة أطنابها، وعدم مسئولية تساوي صغار الموظفين بمن هم في مواقع المسئولية، وإدمانهم فنون ترك صاحب الطلب أمام النوافذ التي يتلقون عبرها الخدمات واقفا، والاستغراق إما في الحديث على هواتفهم النقالة، وإما تبادل (الغشمرة) مع زميل آخر، أو التهامس مع زميلة من الزميلات، كل ذلك يجعل من تقنية التعامل بالتذاكر الالكترونية أمرا غير ذي جدوى كما كان مرتقبا، وهو الأمر الذي يستلزم إدخال وسيلة رقابية حاسمة على مثل هؤلاء المستهترين الذين يعملون في أكثر من موقع خدمة ومسئولية في عدد من وزارات الدولة، لا نستثني منها حتى مواقع تقديم الخدمات في المؤسسات الخدمية التابعة لوزارة الداخلية، وأكاد أقول (بالذات) هذه المواقع التابعة للوزارة.
لن نكشف المزيد حول ما تعرض له ويتعرض له عدد من طالبي الخدمة في موقع من مواقع وزارة الداخلية، أو وزارة الكهرباء والماء، أو غيرهما من الوزارات، إلا إذا استدعى الأمر في لاحق الأيام، ولكننا نكتفي بالقول والنصيحة للمسئولين الحريصين على تقديم الخدمات التي يستحقها المواطنون ومرتادوا هذه المواقع الخدمية كما يجب أن تقدم، ويكفيهم لتقييم مستويات تقديم الخدمات في مؤسسات الدولة، مقارنتها بالمستويات الراقية التي تقدمها مؤسسات القطاع الخاص المزودة بالتعاملات الالكترونية من قبيل ما نتحدث عنها.
فليعلم الجميع، ان ممارسة التصرفات غير المسؤولة من قبل موظفي الدولة مهما كانت مناصبهم ومهما كان شأنهم، لم تعد مقبولة، كما أنها لا تتناغم البتة مع مستجدات الوقت الراهن ذي النبض السريع جدا، وباتت وفرة المعلومة وسرعة الحصول على الخدمة، خيارا أساسيا أمام المستثمرين ورؤوس الأموال، لتقييم الدول وإرساء عطاءات توظيف الرساميل فيها، فليعِ الموظفون الذين يتوهمون أنهم محميون بحكم مناصبهم أو جدية المؤسسات التي يعملون بها، أن مناصبهم لم تعد تحميهم من المساءلات، ولا جديتها باتت تقيهم من الوقوف في أقفاص المتهمين والتعرض لاستجواب النواب.