الجريدة اليومية الأولى في البحرين


دراسات

مناقشة رسالة ماجستير تتحول إلى تظاهرة لاستعراض إنجازات جلالة الملك

الرسالة تناقش أثر الإصلاح السياسي في تمكين المرأة البحرينية في عهد جلالة الملك

تاريخ النشر : السبت ٣١ مارس ٢٠١٢



شهد معهد الدراسات والبحوث العربية التابع لجامعة الدول العربية ومقره القاهرة يوم 24 مارس 2012، وتحديدًا في الفترة من السادسة مساءً حتى التاسعة مساء- حدثًا لافتًا، إذ تحولت أمسية مناقشة رسالة ماجستير للباحثة السياسية والإعلامية البحرينية «بثينة خليفة قاسم» التي جاءت تحت عنوان: «أثر الإصلاح السياسي في تمكين المرأة البحرينية في عهد جلالة الملك «حمد» في الفترة من 1999 إلى 2009 إلى تظاهرة حب وتأييد واستعراض لإنجازات جلالة الملك «حمد» في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية كافة.
فالرسالة من ناحيتها تتناول موقع قضايا المرأة في المشروع الإصلاحي للملك؛ حيث تبرز الإنجازات التي تحققت للمرأة في إطار هذا المشروع، الذي هدف إلى أن تكون المرأة البحرينية مصدرًا رافدًا للتنمية، ولتدخل في شراكة فاعلة مع الرجل لخدمة مجتمعها، ولذا اعتمد على عدة مرتكزات رئيسية، وهي: الإصلاح التشريعي عبر ميثاق العمل الوطني والدستور والتشريعات التي يصدرها البرلمان ومراقبة تنفيذها، ووضع إطار تنظيمي من خلال إنشاء المؤسسات الكفيلة بتعزيز حقوق المرأة وزيادة مساحة مشاركتها وتمكينها، وإيجاد رؤية ذهنية إيجابية ثابتة عنها، وذلك وفق منهج تدرجي يراعي خصوصية البيئة البحرينية.
أما الحضور فكانوا لفيفًا من الباحثين والمهتمين بقضايا المرأة في منطقة الخليج وبالأخص في البحرين، وكان في مقدمتهم سفير مملكة البحرين بالقاهرة الشيخ «راشد بن عبدالرحمن آل خليفة»، والملحقة الثقافية بسفارة المملكة «فاطمة بوعينين» ورئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمر الحسن وبعض أعضاء سفارة مملكة البحرين في القاهرة وعدد من باحثي مركز الخليج بالإضافة إلى بعض أساتذة الجامعات ورؤساء مراكز الدراسات والبحوث وعدد من الإعلاميين والناشطين في المجالات الحقوقية والإنسانية.
وتتكون اللجنة المشرفة على الرسالة من أ.د «محمد نعمان جلال»، وأ.د «ودودة بدران»، وأ.د «خلف الميري»، فجميعهم كانوا وما زالوا شهود عيان على الإنجازات التي شهدتها مملكة البحرين في عهد الملك، فالعضو الأول في اللجنة هو سفير مصري سابق وكان مستشارا بمركز البحرين للدراسات والبحوث عدة سنوات، أما العضو الثاني ـ أي د.«ودودة بدران» ـ فهي أمين عام منظمة المرأة العربية، التي بحكم طبيعة عملها كانت على صلة مباشرة بما يحدث من تطورات وإنجازات على صعيد قضايا المرأة في المملكة، وأخيرًا فقد عمل العضو الثالث باللجنة د.«خلف الميري»ـ أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس ـ فترة تقدر بنحو ست سنوات أستاذًا بجامعة البحرين.
وفي بداية فعاليات المناقشة قامت الباحثة كما هو متعارف عليه علميًا في مثل هذه المناسبات بتقديم عرض ملخص عن الدراسة يشمل أهميتها والمشكلة البحثية والتساؤل الرئيسي الذي تدور حوله وفصولها والنتائج التي توصلت إليها والتوصيات التي خرجت بها؛ حيث أشارت إلى أن حجم ونوعية مشاركة المرأة في ميادين الحياة كافة مرتبطة بشكل مباشر بما اصطلح عليه بـ«تمكين المرأة» الذي يرتبط بدوره ارتباطًا وثيقًا بالإصلاح السياسي الذي كان محور المشروع الإصلاحي للملك «حمد»، وبالتالي كان من المهم الوقوف على أثر هذا الإصلاح في تمكين المرأة البحرينية في العقد الأول من عهده لتقييم أوضاع المرأة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما آلت إليه من تطورات، وكيفية تلافي أوجه القصور على المستوى العملي إن وجدت، مشيرة إلى أنها التزمت بثلاثة مناهج دراسية، وهي: المنهج القانوني وذلك لدراسة التشريعات ذات الصلة بالإصلاح السياسي وتمكين المرأة، والمنهج الوصفي وذلك لتحديد الظواهر والقضايا ذات الصلة بما هو متعلق بالإصلاح السياسي من جهة وتمكين المرأة من جهة أخرى، والمنهج التحليلي؛ حيث تحليل وتفكيك البرامج السياسية القائمة لمعرفة مكانة المرأة فيها، واستكشاف طبيعة العلاقة القائمة بين متغيري الدراسة «الإصلاح السياسي وتمكين المرأة».
ووفق هذه الرؤية أكدت الباحثة أنها قامت بتقسيم دراستها إلى ثلاثة فصول، تناول الأول: مفهوم الإصلاح السياسي وتمكين المرأة، بالإضافة إلى أبرز الاتفاقيات والإعلانات والمؤتمرات الدولية المتعلقة بالمرأة، فضلاً على واقع المرأة البحرينية ضمن تشريعات المملكة، أما الفصل الثاني فسلط الضوء على الإصلاح السياسي بالمملكة في خلال الفترة من 1999-2009 ومكانة تمكين المرأة، من خلال عرض كل من: برامج الإصلاح السياسي بالمملكة، والخطط الوطنية التي تستهدف النهوض بالمرأة البحرينية، والمؤسسات المعنية بتمكين المرأة.
وجاء الفصل الثالث ليظهر نتائج المسح الميداني الذي قامت به من خلال اختيارها عينة عشوائية تقدر بـ297 فردًا (110 ذكور، و187 إناثًا)، وتضمنت ورقة الاستبيان 34 سؤالاً، وتم تحليل الإجابات إحصائيًا بواسطة برنامج SSPS.
وفي ختام عرضها قدمت الباحثة النتائج التي توصلت إليها الدراسة، التي منها:
- يرى جميع أفراد العينة الذكور والإناث أن أهم ملمح من ملامح الإصلاح السياسي في مملكة البحرين هو حرية الرأي والتعبير، يليه المشاركة السياسية، ثم دولة الرفاهية، وأخيرًا تمكين المرأة، وهذه النتيجة تعني أن تمكين المرأة لم يأخذ حظه من الإصلاح السياسي حتى الآن كما ينبغي.
- يختلف تمكين المرأة عند الذكور عن الإناث، فبينما يرى الذكور من أفراد العينة أن تمكين المرأة يتمثل أساسًا في مساواة المرأة بالرجل في فرص العمل، نجد أن المرأة ترى أنه يتمثل في تمكينها على مستوى الوظائف القيادية، في حين يأتي هذا المعنى من تمكين المرأة ومساواتها بالرجل في الوظائف القيادية في الترتيب الرابع من الأهمية عند الذكور، الأمر الذي يعني إنكار الرجل أحقية المرأة في توليها الوظائف القيادية في المجتمع البحريني، مع ملاحظة أن المرأة ترى أن بناء قدراتها ومهاراتها الاقتصادية أهم من مشاركتها السياسية.
- فيما يختص بمدى إنصاف التشريعات البحرينية للمرأة، فتبلغ نسبة موافقة الذكور على ذلك 79,9% وعند الإناث 71,2%، وهذا يوضح أن المرأة مازالت ترى أن التشريعات البحرينية لم تنصفها كثيرًا.
- يرى 34,0% من الذكور أنه يمكن للإصلاح السياسي أن يساعد على تمكين المرأة من خلال ضمان حقوق المواطنة الكاملة للنساء، و30,9% يرون أن ذلك يمكن أن يتحقق من خلال نهوض المرأة والتنمية الإنسانية، بينما في الإناث نجد أن 42,9% منهن يرين أنه يمكن للإصلاح السياسي أن يساعد على تمكين المرأة من خلال ضمان حقوق المواطنة الكاملة للنساء، و26,7% يرين أن ذلك يمكن أن يتحقق من خلال نهوض المرأة والتنمية الإنسانية، وهذا يعني أن المرأة ترى المواطنة الكاملة تعني شراكتها مع الرجل في المسؤولية واتخاذ القرار.
- 78,0% من الذكور يعتقدون أن القيادة السياسية في البحرين جادة في تمكين المرأة البحرينية، في مقابل 72,8% من الإناث، وهذه النتيجة تعني أن المرأة أكثر طموحًا وترقبًا للمزيد من القيادة.
- أبرز المجالات التي ظهر فيها أثر الإصلاح السياسي في تمكين المرأة من وجهة نظر الذكور كان مجال المشاركة السياسية الذي جاء في الترتيب الأول، يليه مجال الإعلام. أما بالنسبة إلى الإناث فقد جاء مجال المواقع القيادية في الترتيب الأول، يليه مجال المشاركة السياسية.
- يرى الإناث أن عقبتهن الكبرى تتمثل في الثقافة الذكورية السائدة.
- اتفق الذكور والإناث من أفراد العينة على أن أهم طريق لتخطي العقبات التي تواجه تمكين المرأة البحرينية هو سن المزيد من التشريعات والقوانين المساندة، فضلاً على تغيير الصورة النمطية للمرأة في الإعلام والمناهج الدراسية.
وفي ضوء النتائج التي توصلت إليها الدراسة، ومن منطلق تصحيح ما يمكن تصحيحه رغبة في إعلاء شأن المرأة البحرينية وإفساح المجال لها أكثر للمشاركة في تسيير الشؤون الخاصة والعامة للبلاد، فقد رأت الباحثة أن هناك إمكانات للحد من أوجه القصور، والقيام بجملة من التدابير الوقائية العلاجية لتسويتها ومعالجة ما قد ينشأ في المستقبل، وذلك من خلال الأخذ ببعض التدابير منها:
× عدم اجتزاء النصوص الشرعية، وتطبيق الشريعة الإسلامية بحذافيرها- فيما يتعلق بحقوق المرأة وواجباتها- وذلك من خلال مساندة ووقوف الخطاب الديني إلى جانب المرأة، إزاء قضية الاعتراف بأحقية المرأة ككائن منتج فعال.
{ أن تضع الحكومة ضمن أولوياتها إطلاع الجمهور على مجمل التدابير القانونية التي تكرس مبدأ المساواة بين الرجال والنساء وتضمن احترامه في المؤسسات الحكومية، كما يجدر بها ؟ أي الحكومة- أن تنشر بصورة دورية بيانات عددية حول النساء في الوظائف العامة وفي المؤسسات والدوائر الحكومية.
{ عدم الانسياق خلف شعارات الديمقراطية وأخذ قشورها فقط، لأن ذلك من شأنه أن يكون وبالاً على المشروع الإصلاحي، وذريعة جديدة تضاف لذرائع من لايزال ينظر لتمكين المرأة نظرةً ناقصة.
{ مكافحة كل أشكال الطائفية في المجتمع البحريني؛ لأن ذلك من شأنه إبعاد المرأة عن بؤرة اهتمام اللاعبين الأساسيين للعملية السياسية في مملكة البحرين، بالتفرغ لتصفية حسابات الآخر على حساب وضع المرأة ضمن أولوياتهم أو ضمن قوائمهم الانتخابية.
{ لا بأس بتطبيق نظام الكوتا في الجمعيات السياسية، كبادرة أولى لتغيير قناعات الشارع المتحفظ إزاء قدرة المرأة على التمثيل السياسي، فذلك من شأنه أن يفسح المجال والفرصة أكثر أمام المرأة للمنافسة.
{ التغيير المستمر والممنهج في الوجوه النسائية صاحبة المناصب الرفيعة في المجتمع البحريني، وإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من النساء، فاحتكار مناصب بعينها، من شأنه أن يصيب قطاعات واسعة بالإحباط واليأس وعدم والرغبة في العطاء.
وبعد أن انتهت الباحثة من عرض ملخص لدراستها بدأ أعضاء لجنة الحكم مناقشتها وبيان أوجه القوة والضعف في الدراسة، وفيما اكتفى المشرف أ.د.«محمد نعمان» بالثناء على الباحثة والترحيب بالحضور، من دون أن يبدي أي ملاحظات أو استعراض لمضمون الرسالة، على غير العادة المتبعة، أشادت أ.د.«ودودة بدران»، بجهود الباحثة في إعداد هذه الدراسة التي اعتبرتها إضافة علمية جيدة للمكتبة العربية في مجال بحوث المرأة البحرينية وخاصة والخليجية والعربية بشكل عام، لكنها أبدت بعض الملاحظات الهامة منها أن الرسالة لم تفرد مساحة كبيرة للمجلس الأعلى للمرأة المعني الأول بالمرأة البحرينية لجهة تناول دوره في تمكينها، وجهوده في تنظيم ورش تدريبية وحلقات نقاشية، بالإضافة إلى دور المرأة البحرينية في إنجاح قيام منظمة المرأة العربية.
واعتبرت د.«ودودة» أن سمو الأميرة «سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة» رئيسة المجلس الأعلى للمرأة من أهم الوجوه العربية في المنظمة وسباقة دائمًا بمبادراتها، وأسهبت في الاستشهاد بما حققه جلالة الملك من تطوير وتحديث في هذا المجال منذ تسلمه الأمانة عام 1999؛ حيث أشرك المرأة في لجنة صياغة ميثاق العمل الوطني، ومُنحت في عهده حق الترشح والانتخاب، وقلدها مناصب عليا ما بين وزيرة وسفيرة وقاضية وعضوٍ بمجلس الشورى، وإنشاء المؤسسات الكفيلة بتعزيز حقوق المرأة وزيادة مساحة مشاركتها وتمكينها سياسيًا، واقتصاديًا واجتماعيًا، وعلى رأسها المجلس الأعلى للمرأة، والذي إذا ذكر ذكرت معه الأمين العام السابق له د.«لولوة العوضي» التي لعبت دورًا رائدًا في تعزيز مكانة المرأة البحرينية وتنفيذ المشروع الإصلاحي للملك، وإنجاح منظمة المرأة العربية والإعلاء من شأنها كما يقول الدكتور عمر الحسن الذي يشهد على إسهاماتها ونجاحها.
أما أ.د.«خلف عبدالعظيم الميرى»، فانصبت مناقشته على الجانب المنهجي والشكلي فبعد أن أشاد بأهمية الدراسة بحكم عمله فترة بالمملكة كما سبقت الإشارة، بل تثمينه للسلامة اللغوية للرسالة، تركزت ملاحظاته على عدد من النقاط منها: ضرورة توضيح بعض المصطلحات التي وردت بالرسالة التي قد يصعب على القارئ العادي فهمها، وتصحيحه لمقولة أن البحرين تحولت من مرحلة البداوة إلى مرحلة الحضارة بعد اكتشاف النفط؛ حيث رأى أن التحول بدأ مع تحول البحرين إلى مركز لتجارة اللؤلؤ؛ أي قبل اكتشاف النفط بفترة زمنية طويلة، مستشهدًا على ذلك بأن أول مدرسة للبنات في البحرين تعود إلى العشرينيات من القرن الماضي، مستطردًا أنه رغم أن المملكة كانت من أولى الدول التي تم اكتشاف النفط فيها، فإنها ليست منتجًا كبيرًا له، وأنها بنت نهضتها من خلال برنامج تحديثي استكمله وأشرف على تنفيذه الملك «حمد» من خلال برنامج إصلاحي حقيقي له أهداف واضحة ومحددة بمعاونة الأمير «خليفة بن سلمان آل خليفة» رئيس الوزراء.
كما أوضح أن المرأة في البحرين لم تستغل مناخ الحرية الذي أتاحه المشروع الإصلاحي للملك، موضحًا على سبيل المثال أنه رغم مشاركة المرأة في الانتخابات البرلمانية كقوة تصويتية بنسبة تصل إلى51% فإنه لم تفز سوى امرأة واحدة، وهو ما يعني أن اختيارات المرأة الناخبة انحازت إلى الرجل لا المرأة، الأمر الذي أرجعه إلى الثقافة المجتمعية في البحرين.
وأخيرًا، ومع إعلان لجنة الحكم لقرارها، الذي منح الباحثة درجة الامتياز، أشادت د.«ودودة بدران» ود.«خلف الميري» بالجهد الذي بذلته الباحثة، وأكدا أنها ستكون وجهًا إعلاميًا مميزًا يمكن الاستفادة منه ليظهر الوجه الحقيقي للمرأة البحرينية والخليجية، كما كان لسان حال أعضاء اللجنة هو الإشادة بما تشهده البحرين في عهد الملك «حمد» من تطورات وإنجازات، والتي كانت الأرقام والإحصاءات التي تضمنتها الرسالة مؤشرًا حقيقيًا عليها وتأكيدًا لها، وهو ما يؤهل الدراسة؟ بعد العمل بتوجيهات اللجنة المشار إليها - لأن تكون مرجعًا علميًا ووثيقة تاريخية للمرأة البحرينية في العقد الأول من تسلم جلالة الملك «حمد» الأمانة.