يوم طويت الأزمة
 تاريخ النشر : الأحد ١ أبريل ٢٠١٢
بقلم: وجدان فهد
في أنظار المجتمع الدولي فإن الأزمة التي مرت فيها البحرين منذ فبراير ٢٠١١ قد انتهت دوليا مع صدور تقرير اللجنة الملكية لتقصي الحقائق وما تبعه من تقرير لجنة متابعة التوصيات في مارس ٢٠١٢، الذي أثبت التزام الحكومة بتنفيذ اغلب التوصيات المتعلقة بها.
ويستدل على أن صفحة الأزمة البحرينية قد طويت من الملفات الدولية بعدم إدراجها على أجندة القمة العربية التي عقدت مؤخرا في بغداد، مما أثار سخط جمعية الوفاق وخسرانها آخر فرصها لتدويل القضية وكسب التأييد لموقفها، وهي تعلم في قرار قرارة نفسها برخاوته، ولا سيما بعد أن رفعت يدها عنها الدولة العظمى المساندة لها من قبل، وتركتها تواجه مصيرها عاثرة لا تفقه من دروس البراجماتية والنفعية شيئا كما تفقه الأنظمة التي تغيّر مواقفها بتغير دفّة مصالحها.
أما على صعيد الدائرة المحلية فأعيد واكرر السؤال هل انتهت الأزمة في البحرين؟ الجواب نعم ولا !!
نعم، انتهت الأزمة لدى غالبية من أبناء المجتمع حاولت أن تتحدى بعزيمتها منغصات الأمن وحوادث الشغب بأن تذهب إلى أعمالها وتمارس نشاطاتها اليومية من دون أن تكترث لهؤلاء الذين يسدّون الشوارع ويحرقون الممتلكات العامة ويقطعون تيارات الكهرباء!
ولا، لم تنته الأزمة عند فئة تفتعل المشكلات والجرائم ولا تمتلك شجاعة
الاعتذار حتى إن هذه الفئة بأفعالها لم تبق ذرة لشعور التعاطف والتسامح معها بل أفرزت شعور الكره والبغض والحقد حين تطاولت بأفعالها على الإنسانية وجرحت الطفولة البريئة. والغريب في أمر هؤلاء المتأزمين المتباكين ليل نهار أنهم لا يمتلكون الشجاعة للاعتذار عن جرمهم بل بالعكس لا يتوانون في وصم الضحية بالمجنس ذاك الذي روى بدمائه تراب البحرين ويكفيه هذا الشرف عن اي اصل وسلالة ونسب، او ترديد أكذوبة ان هؤلاء الضحايا ما هم الا نسج قصص مفبركة ودمى، ونسوا ان فاقدي الإحساس بيننا هم الدمى، وان كانوا بشرا يتحركون على أرجلهم!
أعطيكم مثلا أقتبسه من المدوّن الإعلامي الشيخ صقر بن سلمان آل خليفة، حين كتب أن الذين يؤطرون وجوههم بدوائر حمراء على صورهم في موقع التويتر لإدانة تلفزيون البحرين بأنه تسبب في فتق الجرح الطائفي وإشعال الفتنة المذهبية حينما عرض صورهم في برامجه في بداية الأزمة ومشاركتهم في الاضرابات والعصيان المدني، هم أنفسهم متصلبون في نكرانهم لجريمة محاولة القتل العمد التي تعرض لها الطالب الجامعي خالد السردي فقط لأنه سني المذهب، رغم أن محاولة قتله قد تمت قبل أن يبدأ التلفزيون بعرض برامجه التي يحمّلونه فيها وزر التمييز الطائفي وزرع الأحقاد!
والنكران ذاته يتكرر في عدم الاعتراف بخطيئة المعلمة التي أرغمت طفل الروضة «عمر» دون سواه من الأطفال على تقبيل قدميها مدة خمسة شهور، فقط لأنه من أصول عربية واسمه عمر!! وهو على اسم الخليفة الراشد عمر بن الخطاب الذي عرف عنه الحق والعدل، فألهبت بشناعة فعلها نفوس آلاف البشر على هذا الصغير لإهانته وتحميله تركة خلافات مذهبية وأحقاد مريرة بعيدة عن مفهوم التعايش السلمي والتسامح كما تدعو إليه شريعتنا الإسلامية السمحة.
والسؤال بعد كل ذلك هل من الممكن للبحرين أن ترجع إلى طبيعتها المعهودة، إلى ذاك الهدوء والانفتاح والضيافة والرحابة والأمان، وان يرجع شعبها إلى التواد والتراحم بعيدا عن الدخلاء الذين استماتوا في اغتيال ووأد الشخصية البحرينية الودودة وإخراجها من ثوبها وهويتها؟ الجواب نعم، ولكن كيف؟ أجيب بالقانون والتشريع، ما حدث كان ضريبة التساهل في القانون وغياب التشريعات الكفيلة بحفظ الحقوق، ولكي لا يتكرر افعل العكس وكفى.
البحرين بأهلها الطيبين ستبقى بلد خير وعز ورخاء، فاتحة ذراعيها للقاصي قبل الداني. وما مرت به يقويها أكثر ولا يضعفها ان استفادت من التجربة واستنتجت منها الدروس والعبر
للتواصل مع الكاتبة عبر التويتر @wejdanjassim
.