الجريدة اليومية الأولى في البحرين


المال و الاقتصاد

صندوق النقد: معدلات النمو العربية غير مستقرة
سلطنة عمان ستسجل 4.4% نموًا في الناتج المحلي الإجمالي

تاريخ النشر : الأحد ١ أبريل ٢٠١٢



قالت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد إن «ثورات الربيع العربي تحتاج إلى التعامل معها بطريقة منظمة لتحقق أكبر استفادة منها على مستوى كل المتغيرات»، مشيرة إلى أن التغيير السياسي في أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يواجه رياحا عاتية نتيجة التباطؤ الاقتصادي في أنحاء الدول المستوردة للنفط بالمنطقة التي كانت تعاني بالفعل من ارتفاع معدل البطالة وتوترات اجتماعية متزايدة.
اختيارات صعبة
ووفقًا لما توقعته لاجارد، فإن هذه الفترة والتي تلت رياح التغيير التي هبت على العالم العربي ستكون محفوفة بالمخاطر والتشويش، ويتعين معه القيام باختيارات صعبة بعد أن تنحسر الغبطة التي تعقب الثورات. مفسحة المجال أمام المخاوف المتعلقة بالمناحي العملية، في وقت الذي يواجه فيه الاقتصاد العالمي اضطرابا كبيرا، وهو ما يزيد الأمور تعقيدا.
وتلفت رئيس صندوق النقد الدولي إلى أن العالم كله قد تعلم دروسا مهمة من الربيع العربي، فرغم أن أرقام النمو الاقتصادي في بعض دول الربيع العربي بدت جيدة، إلا أن صندوق النقد الدولي ما زال مستمرا في تحذيراته من ارتفاع معدل البطالة.
وربطت لاجارد بين المساواة والنمو الاقتصادي، قائلة إنه «بدا واضحًا الآن أن المجتمعات التي تنعم بالمساواة تتمتع بالاستقرار الاقتصادي وبتنمية اقتصادية مستدامة».
مواجهة العجز
وفي انتقاد للسياسات الحكومية الحالية ذكرت لاجارد أن الحكومات تحاول في هذه الفترة تجنب الاستياء الشعبي من خلال رفع الدعم الحكومي والأجور وزيادة الإنفاق في وقت يتعين فيه وضع سياسات نقدية أطول أجلاً والحد من العجز الهائل في الميزانيات. كما أوضحت أن استخدام الحكومات للموارد ينبغي أن يتسم بالدقة وأن يستهدف مجالات بعينها.
وأوضحت لاجارد أن المساعدات التي يقدمها صندوق النقد حاليًا لدول الربيع العربي من شأنها أن تتغلب على السمعة التي اقترنت باسمه في المنطقة العربية بسبب فرض سياسات لا تحظى بالشعبية من جماهير تلك الدول.
ودعت لاجارد الحكومات إلى توفير مناخ مناسب يرسي أسس مؤسسات حديثة وشفافة لتشجيع المحاسبة والحكم الرشيد وضمان قواعد عادلة. كما شجعت على القضاء على المصالح التي كان لا يستفيد منها سوى عدد محدود من رجال الأعمال، مؤكدة إن ذلك سيكون ابتعادًا عن ممارسات الماضي عندما كان يجري استغلال الدعم الحكومي العام، لاسترضاء السكان بينما يسمح للنخبة بالاستفادة من ممارسات جائرة.
تباطؤ اقتصادي
وأظهرت بيانات نشرها صندوق النقد الدولي مؤخرا، أن البلدان العربية التي ثارت على أنظمتها الاستبدادية، تواجه تباطؤًا اقتصاديًا في عام 2011 غير أن بلدان الخليج النفطية الغنية التي لم تتعرض لموجة الاحتجاجات غير المسبوقة باتت تتمتع بزيادة في العائدات حسبما قال صندوق النقد في مراجعته الاقتصادية الإقليمية التي تصدر كل ثلاثة أشهر والتي صدرت في دبي.
ففي تونس، كشفت بيانات صندوق النقد أن اقتصاد البلد الواقع في شمال إفريقيا والذي كان أول من أطاح بزعيمه فيما عرف بالربيع العربي. لن يشهد أي نمو في 2011 بعد أن كان قد حقق نموًا بمعدل 3.1% العام الماضي.
كما توقع الصندوق انخفاض النمو الاقتصادي في مصر، وهو البلد الأكبر سكانًا بين البلدان العربية، وقد توقع الصندوق ألا يتعدى نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر نسبة 1.2% في 2011 مقارنة بـ5.1% في 2010.
وتفرض الاضطرابات السياسية والاقتصادية في تلك البلدان فضلاً عن الوضع الاقتصادي الواهن في أوروبا. الشريك التجاري الرئيسي والمصدر الهام للتحويلات لبلدان بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ضغوطًا على اقتصادات تلك الدول.
ضعف الانتعاش
وأضاف مسئولون بصندوق النقد الدولي إن البيئة السياسية والاقتصادية غير المستقرة وضعف الاقتصادات المتقدمة سيؤثر على آفاق النمو في المنطقة. ما سيؤدي إلى ضعف الانتعاش بشكل كبير في 2012 عما كان متوقعًا من قبل.
كما يبدو أن الاحتمالات الآنية للوضع الاقتصادي في ليبيا الغنية بالنفط ليست مبشرة. حتى بعد تحرير البلاد من حكم القذافي الذي استمر طيلة 42 عامًا.
وأضافوا في جزء من تقرير الصندوق عن الوضع في ليبيا إنه من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 50% في 2011. وكانت ليبيا تصدر 1.65 مليون برميل يوميًا من النفط الخام قبل الثورة التي اندلعت في فبراير. كما تركت الاضطرابات في ليبيا أثرها على بلدان أخرى حيث اضطر نحو مليون ونصف مليون عامل مهاجر- غالبيتهم من مصر وتونس- إلى العودة إلى بلادهم.
احتجاجات دامية
وتوقع صندوق النقد أيضًا أن ينكمش الاقتصاد السوري بنحو 2% بعد سنوات من النمو القوي. وذلك في أعقاب شهور من الاحتجاجات الدامية ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
كما من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد اليمني بنحو 2.5% هذا العام بعد تسعة أشهر من الاحتجاجات حتى رحيل الرئيس علي عبد الله صالح عن الحكم.
أما اقتصاد اليمن فقد كان البلد الفقير بجنوب الجزيرة العربية، وقد شهد نموًا بنسبة 8% عام 2010. بحسب صندوق النقد.
وأشار تقرير الصندوق إلى أن الاضطرابات الاجتماعية تسببت في انخفاض تندرج نسبته ضمن فئة العشرات % في السياحة في كل من مصر والأردن ولبنان وسورية وتونس خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام.
وأضاف إن الاستثمارات الأجنبية المباشرة وحركة شراء الأسهم والسندات قد انخفضت أيضًا.
وقال الصندوق إن بعض الحكومات قدمت دعمًا وقامت بتحويلات بهدف تخفيف أثر التراجع الاقتصادي غير أن المتاح لها من الهامش المالي محدود فضلاً عن ارتفاع تكاليف الاقتراض.
وأضاف: ومن ثم تواجه تلك الحكومات فترة صعبة خلال ما تبقى من عام 2011 وعام 2012. ومن المتوقع ألا يتحقق التعافي الاقتصادي قريبا فيها.
اقتصادات متباطئة
وأفاد تقرير الصندوق إن بلدان مجلس التعاون الخليجي أفلتت في أغلبها من الأثر السلبي للقلاقل الاجتماعية التي عمت المنطقة، وإضافة إلى ذلك فقد استفادت من الأسعار المرتفعة للنفط، وهي الأسعار التي كانت أعلى بنسبة 31% في 2011 عنها في 2010، فضلاً عن زيادة معدلات التصدير.
وأشار تقرير الصندوق إلى الكويت والسعودية والإمارات العربية المتحدة من حيث إنها زادت إنتاجها من النفط لتعويض النفط الليبي المتوقف. بينما رفعت قطر قدرتها على إنتاج الغاز الطبيعي المسال.
ومن المتوقع أن ينمو اقتصاد الكويت بـ5.7% في 2011 مقارنة بـ3.4% العام الماضي. بينما سيكون النمو في الإمارات 3,3% مقارنة بـ3.2 % في 2010.
وسينمو الاقتصاد السعودي بمعدل 6,5% في 2011 بعد أن نما بمعدل 4.1% في 2010. بينما يستمر نمو الاقتصاد القطري بشكل ضخم بنحو 18.7% مقارنة بـ16.6% العام الماضي بفضل تنامي صناعة الغاز لديها.
وذكر مسئولو صندوق النقد أن سلطنة عمان ستسجل 4,4% نموًا في الناتج المحلي الإجمالي لديها. مقارنة 4.1% في 2010. حيث بدا إن مسقط خلفت وراءها الاضطرابات الاجتماعية المحدودة التي شهدتها في ربيع 2011.