رسائل
الثورات العربية.. هل تبشر بقدوم دولة الخلافة الإسلامية؟
تاريخ النشر : الأحد ١ أبريل ٢٠١٢
القاهرة ـ وكالة الصحافة العربية:
هل يمكن أن تكون ثورات الربيع العربي سببًا في تغيير خريطة الطريق في البلدان العربية وأن تكون سببًا في استجلاب دولة الخلافة الاسلامية من جديد بعد أن سقطت عام 1924؟
الناظر في بواطن الأمور يرى أن حدثًا مثل هذا يمكن أن يحدث في البلدان العربية التي سقطت فيها الأنظمة الفاسدة؛ والتي ولدت عبر انتخابات نزيهة التيار الإسلامي الذي اكتسح من دون منافس مقاعد البرلمان في دول الربيع العربي مثل تونس ومصر والمغرب وغيرها على الرغم من وجود تيارات علمانية وليبرالية متوغلة في تلك المجتمعات التي حكمتها أنظمة فاسدة على مدى عقود من الزمن وساعدت على انتشار مبدأ العلمانية وإضعاف أي قوى إسلامية ناشئة.
أيمن الظواهري القيادي في تنظيم القاعدة قال إن ثورات الربيع العربي منحة من الله وانها تأتي لصالح الثورات الإسلامية التي تقودها «القاعدة» في تلك البلاد وخصوصًا مصر، وهي قفزة إلى الأمام بالنسبة إلى مجاهدي القاعدة. مضيفًا ان القاعدة ليست ضد الثورات والمظاهرات السلمية التي تُطيح بالديكتاتوريات، ولكنها ضد استخدام القوة في تلك التظاهرات قائلاً: إذا لم تأت المظاهرات السلمية بالإسلاميين لحكم البلاد، فإن استخدام العنف يعد أمرًا إلزاميا، موضحًا أن الإسلاميين عليهم تغيير الأنظمة الفاسدة في بلادهم من خلال كسب تعاطف شعبي تجاه حركة المجاهدين الإسلامية.
وأضاف: ان ما تريده واشنطن من مصر هو إما حكومة مستبدة وإما حكومة ديمقراطية يحكمها حزب واحد أو أحزاب عدة تتصارع فيما بينها حول خلافة الحكم. بينما ذكر أنور العولقي القيادي بالقاعدة في شبه الجزيرة العربية في تعليقًا على أحداث الثورات العربية والتغيير أن إخواننا المجاهدين في تونس ومصر وليبيا وبقية العالم حصلوا على فرصة للتنفس مرة أخرى بعد ثلاثة عقود من الاختناق، وأصبح العلماء في مصر قادرين على التعبير عن آرائهم بحرية وأضاف: ان الثورات في العالم العربي التي تقودها وتغذيها الحركات الشبابية والديمقراطية تشكل نكسة للجماعات المتطرفة، مضيفًا: ان القاعدة لا تعرف بعد ما ستكون عليه النتائج في أي دولة بعينها وان النتيجة لا ينبغي أن تكون بالضرورة حكومة إسلامية، لنعتبر أن ما حدث خطوة في الاتجاه الصحيح.
الخلافة بشروط
بينما يؤكد نوح فيلدمان أستاذ القانون بجامعة هارفارد ان الصعود الشعبي للشريعة الإسلامية مرة أخرى في العصر الحالي، رغم سقوطها سابقًا، سيؤدي إلى خلافة إسلامية ناجحة لكن بشروط وسيؤثر ذلك في الغرب وفي الشرق.
ويضيف: ان الدولة الإسلامية الحديثة يمكنها تقديم العدالة القضائية والسياسية لمسلمي العصر الحديث ولكن فقط إذا تم إنشاء مؤسسات جديدة تستعيد التوازن الدستوري بين القوى والسلطات. ويقول الكاتب: إن الحكام المسلمين منذ خلافة الرسول - صلى الله عليه وسلم - احتفظوا بشرعيتهم في الحكم طالما قاموا بتنفيذ واجبهم في منع ما هو حرام، غير أن الإمبراطورية العثمانية بدأت تتهاوى حينما دخل الاصلاحيون ومرروا إصلاحات داخلية تحت ضغوط الغربيين من اصحاب الديون عليهم وكان من هذه التغييرات تغيير النظام القضائي الإسلامي واستبدال بالعلماء والقضاء قوانين مكتوبة مما أدى إلى سقوط الخلافة الإسلامية وتقسيم أملاكها بين القوى الغربية بقيادة فرنسا وبريطانيا.
بينما يرى مراقبون سياسيون انه نتيجة الثورات العربية والتخوف من عودة حكم إسلامي في المنطقة العربية فإن الغرب حاول جاهدًا دعم التحول الديمقراطي في الدول الناشئة بتقوية الجماعات الليبرالية والموالية للنظم الغربية على حساب الحركات الإسلامية والقومية، ويتركز نشاط تلك الدول في دعم عمليات التحول الديمقراطي بتمويلٍ للجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، وتنفق الولايات المتحدة مليارات الدولارات على تلك النشاطات، بالإضافة إلى تقاطع مصالحها مع مصالح الجماعات الليبرالية وتحركات بعض الأقليات الدينية في الدول الكبرى مثل مصر، وبالإنفاق على المسارين السياسي والإعلامي، وبتطوير آليات للتواصل الجماهيري في تلك الدول استعدادًا لتشكيل الرأي العام في حقبة ما بعد الثورات، وأضاف: إذا فشلت الولايات المتحدة في غرضها بالطريق السلمي فإنها تستخدم الحل الأسهل وهو التدخل العسكري المباشر كما حدث في ليبيا من أجل ترسيخ أقدامها في المنطقة، ومن أجل رفع أسهمها في التحكم في الأوضاع في البلدان العربية بعد انقشاع غبار المعارك، وما سوريا عن ذلك ببعيد أيضًا مع تطورات الأوضاع في البلاد وحدوث مزيد من الانشقاقات في صفوف الجيش وتحول الصراع إلى المرحلة التالية التي من المتوقع ألا تتحملها تركيا (عضو حلف شمال الأطلنطي) بسبب نزوح اللاجئين إليها وتداعيات ذلك على القضية الكردية، ومن المرجَّح أنها سوف تذعن في النهاية لأي مطالبات بتدخل عسكري دولي كما أذعنت من قبل في ليبيا.لن تكون دينية
على الرغم مما قيل فإن هناك وجهة نظر تؤكد أنه مهما سيطر التيار الديني على مقاليد الحكم فلن تكون الدولة دينية بالمعنى الصحيح هذا ما أكده محمد علي شريح الكاتب الفلسطيني حيث قال: لقد فشلت العقلية الأيديولوجية بما فيها الإسلامية في تغيير الواقع العربي، وعلى الرغم من تراجع الأيديولوجيا القومية التقليدية والعلمانية والانتشار الأفقي للتيار الإسلامي الذي ينمو في ظل واقع الاشتباك المباشر والميداني، فإن هذا التيار لم يتقدم على مستوى إنتاج الرؤى والتصورات والمشاريع السياسية. فاستمرار الحركات الإسلامية وفاعليتها مرتبطان بحقيقة أن المجتمع العربي هو مجتمع مسلم، يتفاعل مع الإسلام والخطاب الإسلامي، لكن هذا التفاعل والفاعلية والقدرة على الفوز في الانتخابات الديمقراطية ليست غطاء ولا مبررًا لفقدان هذا التيار الإسلامي رؤيته الجيوسياسية وبالتالي عدم القدرة على تحقيق هذه الرؤية في الواقع، وتابع قائلاً: المطلوب الانتقال بالواقع العربي من مأزق الدولة الضعيفة إلى آفاق الدولة القوية، فحجم المهام والتحدّيات التي تواجه العرب لا يمكن أن تقوم بحمله الدولة القطرية كما عهدناها، لأنّ هذه الدولة القطرية الضعيفة ستعود في كلّ الأحوال للوقوع فريسة لقوى أكبر منها.. وبالتالي ستفقد استقلاليتها وتفقد قرارها وستدخل في تناقض مع تطلّعات الشعوب ولن يكون أمامها من خيار إلا اللجوء إلى القبضة الأمنية لحماية نفسها وبالتالي العودة إلى الفساد المنظم الذي سيعيد إنتاج نموذج الدولة الواهنة مرّةً أخرى. ومن هنا يجب التأكيد أنه ليس المطلوب أن تقوم دولة عربية واحدة على كلّ الامتداد العربي الآن في ظل التعقيدات الدولية والإقليمية، وإن هذا لا يمنع من قيام تكتّلات سياسية واقتصادية على أسس حضارية معاصرة في إطار دولة أو مجموعة دول، في أقاليم جغرافية مشرقية أو مغربية تؤُسس لقيام كتل جيوسياسية فاعلة وقادرة على الوقوف جنبًا إلى جنب مع الدول المحيطة التي يزداد نفوذها في الإقليم وتقف حائرة تجاه العجز العربي بين أن تتبنّى هذا الامتداد العربي القاصر أو تبتلعه.