الجريدة اليومية الأولى في البحرين


بين السطور


ليتهم يتعلمون الدرس

تاريخ النشر : الثلاثاء ٣ أبريل ٢٠١٢

صلاح عبيد



الخروج على الأنظمة الحاكمة ومحاولة إسقاطها ليس نزهة ولا تسلية، سواء كان النظام الحاكم شرعيا ويحظى بتأييد غالبية الشعب أم كان نظاما مفروضا على غالبية الشعب فرضا، وسواء نجحت تلك المحاولة في إسقاطه أم لم تنجح، لأن العواقب تكون في جميع الأحوال وخيمة، ويدفع الشعب كله ثمنها من حاضره ومستقبله.
أفهم مشروعية الخروج على النظام الحاكم الظالم المفروض على غالبية الشعب فرضا، سواء جاء بثورة شعبية ثم انحرف عن مساره الذي أراده الشعب تنمية وارتقاء وتوزيعا عادلا للثروات، مثلما حدث مع النظام المصري والنظام الليبي وسيحدث عما قريب مع النظام السوري، أو جاء بانقلاب سلمي على الحاكم ثم صار أسوأ من سلفه، مثلما حدث في تونس التي تولى فيها الرئيس السابق زين العابدين بن علي الحكم بعد أن أزاح سلفه الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة سلميا تحت ذريعة عدم صلاحيته للحكم بسبب كبر سنه، ففي كل تلك الحالات كان خروج الشعب على النظام الحاكم مشروعا لأنه لم يعد يحظى بتأييد غالبية الشعب، لكن الذي لست أفهمه ولا أتقبله هو أن يتصارع الثوار على غنائم الثورة ومناصب الحكم لتسقط بلادهم في هوة الصراعات الطائفية أو القبلية أو الحزبية مثلما حدث في الدول الثلاث الآنفة الذكر، ما أدى إلى تأثر اقتصاداتها بشكل خطير نجم عنه تزايد معدلات البطالة إلى مستويات تهدد بانفلات عقد الدولة وبروز عصابات مسلحة وتشطير البلاد إلى كانتونات متصارعة تقضي على كل إنجازاتها وتقذف بحاضرها ومستقبلها إلى المجهول، فتصبح الثورة وبالا ونقمة على الشعب بأسره بدلا من أن تكون رحمة وخلاصا له من نظام فاسد.
في تقرير نشرته (العربية.نت) يوم أمس الأول عن الأحوال الاقتصادية في مصر وتونس وليبيا بعد عام من الثورة وردت أرقام مفزعة عن معدلات البطالة في كلا البلدين، فوفقا للتقرير بات مليون مواطن مصري بلا وظيفة خلال عام 2011 بسبب «تعرض الاقتصاد المصري لحالة من الانكماش هي الأولى من نوعها منذ عقود. وعلاوة على ذلك أعلن البنك المركزي التونسي أن معدلات البطالة في تونس التي كانت مهد الثورات العربية قد ارتفعت بنسبة تتعدى 18 في المائة مقابل 13 في المائة عام 2010م» والاقتصاد التونسي يشهد أيضا حالة انكماش هي الأولى من نوعها منذ عام 1986م. وتكافح ليبيا من أجل التعافي من آثار ثورتها، وحتى قبل الثورة وصل معدل فيها البطالة إلى 26 في المائة بحسب صندوق النقد الدولي.
وخلص تقرير (العربية.نت) إلى أن المحصلة النهائية للثورات العربية هي ارتفاع معدلات البطالة وتراجع معدلات النمو إلى مستويات غير مسبوقة، ما يعني تعاظم المخاطر الأمنية في بلدان الثورات العربية الأربع: مصر وتونس وليبيا واليمن، والتي ستلحق بها سوريا خلال فترة وجيزة.
لست أظن أنه يخفى عن أحد أن الخطة المعلنة للولايات المتحدة الأمريكية لتفتيت عالمنا العربي تحت شعار نشر (الفوضى الخلاقة) تتضمن إثارة النزاعات الطائفية والقبلية والإثنية لتحويل عالمنا العربي إلى أسوأ مكان للمعيشة على الأرض، حيث سينهار الاقتصاد لتصل معدلات البطالة إلى أكثر من ثمانين في المائة، ما يؤدي إلى تلاشي الأمن تماما وتحول هذه المنطقة من العالم إلى خراب ينعق فيه البوم.
ألا ليت الغربان الذين ينعقون ضد البحرين ونظامها الشرعي الحاكم متخفين تحت ستار المعارضة المزعومة يتعلمون الدرس من أحوال غيرهم قبل أن يتسببوا في خراب ديارهم بأيديهم وفي ضياع حاضرهم ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم إلى الأبد.



salah_fouad@hotmail.com