الجريدة اليومية الأولى في البحرين


زاوية غائمة


بلاش استعباط يا خواجات

تاريخ النشر : الثلاثاء ٣ أبريل ٢٠١٢

جعفر عباس



يعجبني في وسائل الإعلام الغربية اهتمامها بالأمور الإنسانية، ويندرج في هذا الباب ما أوردته وكالة رويترز قبل سنوات، عن معاناة عراقية كانت تبلغ من العمر 28 سنة واسمها ميلاد، بسبب انفلات الأوضاع الأمنية في بغداد، وميلاد هذه جميلة، وتصلح مذيعة في أي قناة مجاري فضائية، ورشيقة، وكانت تضطر إلى حمل مسدس أينما ذهبت، لأنها (يا عيني) راقصة وتتطلب طبيعة عملها ان تكون خارج البيت ليلا، وأن يكون حولها عدد من الأوباش.. والكلمة الأخيرة من عندي، لأنها بداهة تعتبر جمهورها مستنيرا ومتحضرا، ولا ترى بأسا في ان يمدوا أيديهم نحوها بطريقة بلبل كلينتون مع مونيكا لوينسكي.. ولكنها ترى ان الأوباش هم من تلتقي بهم في الشارع فيصفرون بأفواههم، ويطلقون نحوها عبارات الغزل العابرة للحارات.. وتتحسر ميلاد على عهد غبر عندما كانت ترقص في نادي الصيد أمام عدي صدام حسين، فيعطيها 500 دولار عن كل ساعة، إضافة إلى النقوط التي كان يحشوها مرافقو عدي في صدرها، وينثرونها على رأسها، وكانت كلها بالدولار، بينما كان على الشعب العراقي ان يبيع ويشتري بالدينار الذي يحمل صورة صدام، (بالمناسبة فإن عدي كان يدفع للحلاق 500 دولار في القَصَّة الواحدة، وكان يقص شعره أربع مرات في الشهر، مما يعني ان دخل ذلك الحلاق في الشهر من عدي وحده، كان يعادل رواتب 500 مدرس في المرحلة الثانوية زائدا عائدات الدروس الخصوصية!! حسرة عليك يا ابو الجعافر، يا من لا يزال يحلق عند بابو نظير 15 ريالا مرة كل 74 يوما).الشاهد هو ان أهل الغرب يتمتعون بالحِنِّية، ومن ثم فان وكالة محترمة مثل رويترز أفردت بضع صفحات لمعاناة انسانة طفيلية مثل ميلاد، بل إن حكومة لندن شخصيا أوفدت امرأة ذات منصب رفيع لمساعدة النساء العراقيات على نيل حقوقهن والإسهام في الحياة العامة بالطول والعرض، وكانت ميلاد في طليعة المستفيدات من مبعوثة العناية البريطانية، القادمة من بلاد تكفل حرية التزاوج بين اسماك الدولفين الشاذة جنسيا. وفي مناخ تسرق فيه مثيلات ميلاد الأضواء من البؤساء الحقيقيين في بغداد، لا شك في ان تلك الموفدة وجهت إلى العراقيين تلك النصيحة التي وجهها عادل إمام إلى برعي في مسرحية شاهد ما شفش حاجة:.. أتكل على الله واشتغل رقاصة!! ولحسن الحظ فان بغداد تعج وتضج بالطبالين الذين عادوا اليها من الخارج مثقلين بملفات إجرامية، تؤكد باعهم الطويل في مجال اللصوصية، واكتشفوا ان التطبيل يلغي تلك الملفات، ويجعل سيئاتهم حسنات، في نظر العلوج والطراطير، الذين هم لا في العير ولا في النفير (كثيرون لا ينتبهون إلى ان وزير الإعلام العراقي الأسبق محمد سعيد الصحاف كان يقصد بالطراطير البريطانيين على وجه التحديد من زاوية انهم كانوا مجرد تابع للمعلمة الكبيرة أمريكا).. ومبلغ علمي هو ان المرأة العراقية شبعت حقوقا، ولكنها لم تشبع خبزا ولحما، في زمن صارت فيه الباجة او الباتشا أكلة أرستقراطية، ومبلغ علمي ايضا ان مبعوثة العناية البريطانية لم تكن معنية بحقوق المرأة العراقية، بل بما تعتبره «عقوق» الشعب العراقي: تبهدلنا وحررناهم ويتهموننا بأننا نريد سرقة ثرواتهم! حاشا لله يا ست هانم، بدليل انهم لم يجدوا من يفهم المرأة العراقية حقوقها غيرك انت يا ذات المنصب الكبير في وزارة التجارة والصناعة!!!!!!لماذا كل هذا اللف والدوران يا بريطان ويا أمريكان و«كل شيقن انكشفن وبان»؟ فليس في الأمر أسلحة دمار شامل او بطيخ، ولم يقل لكم احد تلت التلاتة كم، فشيلوا اللي فيها النصيب، وبارك الله في من زار وخفف... وأدونا عرض أكتافكم، فقد أطحتم بصدام وأتيتم بـ«هدّام» موديل الألفية الثالثة! ليجرب الشعب العراقي حظه مع الحرب المقبلة التي أقترح ان يكون اسمها «أم المعارك، على أبو اللي يشعللها».



jafabbas19@gmail.com