الجريدة اليومية الأولى في البحرين


عالم يتغير

المنظمات الدولية تستهدف اليوم

أهل السنة في البحرين والخليج (2-2)

تاريخ النشر : الثلاثاء ٣ أبريل ٢٠١٢

فوزية رشيد



} أشار «يوسف البنخليل» مؤلف كتاب (حرب اللاعنف في البحرين - هكذا تم تجنيدي لإسقاط النظام) إلى نقطة مهمة تصلح لتبيان كيف تسهم المنظمات ومراكز التدريب المنتشرة اليوم في فبركة المفاهيم والمصطلحات حيث يقول المدرب في «أكاديمية التغيير» له ولصديقه أثناء التدريب: الفكرة في العالم الآن أن الشيعة هم الأغلبية في البحرين وتحكمهم أقلية سنية، فهل هذه الفكرة هي فعلا صحيحة على أرض الواقع؟
لم يترك لنا المدرب المجال للإجابة عن سؤاله، بل أجاب بنفسه: طبعا لا يوجد دليل يثبت طبيعة التركيبة السكانية في البحرين، خاصة انه لا يتم احتساب نسبة السنة والشيعة في التعداد السكاني، ولكننا لو نحاول البحث في الكتب ووسائل الإعلام سنرى ان الجميع يتحدث (أغلبية شيعية تحكمها أقلية سنية في البحرين) وفي النهاية لن تجد من يتحدث عن مصدر معين لهذه الحقيقة التي صارت منتشرة وصارت وكالات الأنباء الدولية تنشرها كخلفية خبرية عندما تبث أخبارا عن الأوضاع في البحرين) ص 26 من الكتاب.
ويضيف المدرب الذي يعرف جيدا كما بدا ان تلك المقولة أكذوبة تم اختلاقها ونشرها ليقول:
(في ظل عدم وجود دليل قاطع بشأن التركيبة السكانية في البحرين، فان حقيقة (الصحيح أكذوبة) الأغلبية الشيعية التي تحكمها أقلية سنية، ستواصل انتشارها في العالم، ولكنها تسبب مشكلة عندما يتعلق الأمر بإقناع المجتمع الدولي بأن مطالب الشيعة في البحرين، تمثل مطالب الشعب كله، خاصة أنه لا يوجد دليل على أغلبية الشيعة وأقلية السنة)، ص 27 حرب اللاعنف في البحرين.
} تخيلوا ماذا يناقش مدرب في أكاديمية في «النمسا» مع متدربين بحرينيين شاءت المصادفات ان تكشف للكاتب وصديقه، حقيقة التدريب النظري الذي يرافقه تدريب عملي على إسقاط النظام، فهذه المنظمات تعرف الحقائق وتعرف الأكاذيب المنتشرة، وتعرف مآزق تلك الأكاذيب، فتعمل على تلافيها، لكي تقنع العالم بأكاذيبها. هل من جديد؟ الجديد أن هذا الكلام الذي قاله كتاب بحرينيون كثيرون منذ سنوات، يقوله هنا مدرب في «أكاديمية التغيير» الذي يدرب البحرينيين على كيفية تلافي مآزق ما تم نشره في العالم، من مفاهيم ومصطلحات كاذبة وخادعة من أجل إسقاط النظام.
} السؤال هنا: ماذا تريد إذاً هذه الأكاديمية وغيرها من المنظمات الغربية الشبيهة في برنامج التدريب وأهدافه من أهل السنة في البحرين؟
باختصار تريدهم أن يقوموا بدورهم بمهمة تخريب بلدهم، بعد أن عجز المتدربون الممولون والمدعومون من تلك المنظمات من الوجوه المعروفة في الطائفة الشيعية، وبعد أن فشل انقلابهم.
لماذا؟ يجيب المدرب نيابة عنا:
(لأنه لا يوجد دليل على أغلبية الشيعة وأقلية السنة، وبالتالي الفكرة هنا تقوم على «فرضية» أن السنة والشيعة نسبتهما متقاربة في البلاد، ولنفرض 50% أو 49% لكل منهما، ولذلك هناك حاجة حقيقية إلى أن يتم كسب تأييد نحو 3% من سنة البحرين في تغيير النظام، حتى يتم ضم 3% الى 50% وتصبح حينها مطالب الشيعة الذين يقودون الثورة (حسب تعريفه طبعا) هي مطالب شعب البحرين مادام 3% من السنة صاروا معهم. وبالإمكان عبر شبكات إعلامية خارجية «تحويل» هذه المطالب من مطالب شيعية بحتة الى مطالب لشعب البحرين كله كما تمت العملية عندما صار العالم مقتنعا بفكرة «الأغلبية الشيعية والأقلية السنية») ص 27 من ذات الكتاب، أي أن الهدف هو تمكين الانقلابيين الطائفيين من حكم البحرين عبر انضمام بعض الفئات السنية إليهم.
} هل من وضوح أكثر من هذا في كيفية ترويج الزيف والأجندة الأمريكيين عبر الشبكات الإعلامية الخارجية للعب على أوضاع البحرين؟
هل يدرك أهل السنة مثلا أن المنظمات الغربية ذات الأجندة المكشوفة يكفيها اليوم في البحرين 3% فقط منهم، لكي تدير الدول الكبرى شبكاتها الإعلامية لإقناع العالم بأن الشعب البحريني كله يريد إسقاط النظام ولكي يتمكن الانقلابيون الطائفيون من السلطة؟ وهل سيصعب على تلك المنظمات، ذات التمويل المادي الكبير وبشكل خاص وسري لتحقيق هدف تخريب البحرين بعد إسقاط نظامها، هل سيصعب عليها اختراق عدة آلاف من أهل السنة، لترويج أكذوبة أن الشعب كله يريد إسقاط النظام؟ أم أن الشرفاء في هذا الوطن لن يقبلوا أبدا ليكونوا مطية أمريكية؟
} ولأن هذا غيض من فيض، وحيث التدريب على أشياء أخرى كثيرة من بينها (بناء شبكة تواصل خليجي للانقلاب على الأنظمة) وتحديدا في السعودية المستهدفة اليوم بشكل كبير في ذاتها لذاتها، ولأنها أكبر الدول الخليجية، ولأنها الداعم الأساس لأمن البحرين واستقرارها، وهو ما أشار إليه (مدرب أكاديمية التغيير) بوضوح أثناء تحليله أو تدريبه على كيفية تفادي الثغرات التي أفشلت «الحراك الانقلابي الطائفي» في البحرين، فماذا اذاً عن بقية المنظمات التي تقدم وجبات تدريبية دسمة لشباب الخليج والشباب العربي في اطار منظومة التغيير الدولي لإشعال ثورات هدفها الأول والأخير، ليس مجرد إسقاط الأنظمة، وإنما (تدوير الفوضى في المنطقة الى ما لا نهاية) بإغواء وإغراء ودعم آلاف من الشباب في كل بلد، يكفون مع التدريب المكثف نظريا وتطبيقيا، لأخذ أوطانهم وبلدانهم الى المجهول، والى حافة الهاوية والى الدمار، وهم إما أنهم يعرفون ذلك ولكن ليس بإمكانهم مقاومة التمويل الذي يصل الى ما لا يمكن أن تقاومه النفوس الضعيفة والمريضة واللاوطنية، وإما أنهم لا يعرفون ويصدقون أن ما يفعلونه هو لبناء مستقبل سيجدون مكانا في السلطة فيه؟ وأنا أعتقد أنهم في الغالبية العظمى يعرفون جميعا أنهم يخونون أوطانهم تحت الشعارات الفارغة والواهية كالديمقراطية وغيرها، لأنهم من خلال التدريب يتضح أن تلك المنظمات لا تصرف عليهم بعد ذلك أو تدعمهم إعلاميا ولوجستيا وميليشياويا، لسواد عيونهم أو عيون أوطانهم وانما لأهداف وغايات من يحركهم من الدول الكبرى، ولديهم أجندتهم للسيطرة على المنطقة العربية عبر جعلها دائخة في الفوضى المستمرة.
} وإذا كان اختراق أهل السنة والشرفاء في البحرين هو محط عمل الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة من خلال منظماتها التابعة لها، التي تتحدث عنها بأنها منظمات غير حكومية، فما هي خطة أهل السنة والشرفاء في البحرين لمواجهة هذا الزحف الغادر تجاههم وتجاه هدف اختراق أبنائهم؟
وما هي خطة الدولة البحرينية في صد هذا الهجوم المنظماتي الجديد لشعب البحرين، خاصة بعد أن انكشفت كل المخططات وطبيعتها وأساليبها وغاياتها؟
ما هي خطة دول الخليج العربي في هذه المواجهة الجديدة، التي تستهدف بخبث شيطاني قطاعات شعوبها كافة من أجل تمكين ما تسميه تلك المنظمات «الثورة الشيعية» في الخليج بعد أن فشل حراكها في البحرين التي هي منطلق إسقاط الأنظمة الخليجية جميعها، ماعدا الدولة التي تعتقد أن «على رأسها ريشة»، لأنها قد دخلت اللعبة الكبرى .. ومن حفر حفرة لأخيه وقع فيها.
} ولأن المسألة لم يعد يستهان بها، فان التوعية بين أهل السنة في غاية الضرورة كأولوية أولى، حتى لا يتم استخدامهم مطية للحراك الانقلابي الطائفي في البحرين والخليج العربي أو الدول الكبرى، الذي تريده الولايات المتحدة بعد رسم خريطة تحالفاتها الجديدة في الخليج، وبعدها لا تهم ابتسامات «هيلاري كلينتون» الماكرة، ولا ابتسامات سفراء دولتها في الخليج العربي، لأن اللعبة الكبيرة باتت مكشوفة «على الآخر»، ومن يقبل أن يلدغ من جحره مرتين فليس بمؤمن وسيكون هو السبب في ضياع أوطاننا وخليجنا العربي، ولا عزاء بعدها للمغفلين أيا كانوا، وفي أي موقع وقعوا، ومن أي طائفة جاءوا.