على «الوفاق» أن تختار
 تاريخ النشر : الأربعاء ٤ أبريل ٢٠١٢
بقلم: د. نبيل العسومي
عقدت جمعية الوفاق جلسة حوارية تشاورية مؤخرا بعنوان «آفاق تطوير المستوى المؤسسي السياسي» استعرضت خلاله أداء الجمعية ومواقفها في العديد من الملفات الساخنة، كما أعلنت اللجنة المنظمة للمؤتمر العام وانتخابات شورى الوفاق ٢٠١٢ عن بدء الحملات الانتخابية للمرشحين الذين سينافسون على ١٥ مقعدا من مجموع مقاعد الشورى الذي يتم انتخاب نصف أعضائه مرة كل سنتين.
هذا الإعلان المنشور على موقع الوفاق يؤشر نظريا على الأقل أن هذه الجمعية بصدد تجديد مجلسها الوطني ومجلسها الشوري ومراجعة أدائها، ولكن الذي نعتقده صادقين أن المطلوب من هذه الجمعية البحرينية الكبيرة أن تراجع بهذه المناسبة مجمل أفعالها الخاطئة وإدارتها السيئة للأزمة التي تسببت فيها وورطت المجتمع البحريني كافة في نارها من دون أن يكون هنالك أي موجب حقيقي لدفع هذه الفواتير الغالية.
الوفاق جمعية مرخصة في دولة ديمقراطية فيها دستور ينظم الحياة السياسية والحقوق والواجبات في إطار مملكة دستورية حقيقية فيها فصل بين السلطات وحريات عامة وخاصة وقانون للأحزاب وفيها نقابات حرة ومئات من الجمعيات الأهلية التي تشتغل في شتى الجوانب السياسية والحقوقية والخدمية وفيها مساحة كبيرة من حرية الإعلام والصحافة تنشر من خلالها الأحزاب السياسية المعارضة وغير المعارضة برامجها وأفكارها وانتقاداتها للحكومة من دون حدود أو شروط إلا ما يفرضه القانون الذي ارتضاه الناس، وفيها أيضا برلمان منتخب انتخابا حرا ونزيها شاركت فيه أحزاب المعارضة وحصلت الوفاق فيه على ٤٠% من المقاعد، وكان أداؤها فيه كبيرا سواء في مناقشة وإصدار ميزانية الدولة أو في قضايا الخدمات العامة أو في التشريع والرقابة على عمل الحكومة هذه هي الأجواء والبيئة التي كانت فيها الحياة السياسية والاجتماعية في البحرين في ظل قيادة منفتحة لشعبها وتعمل حثيثا ومن دون هوادة على تحسين مستوى عيش مواطنيها وبناء أكبر قدر من الخدمات للارتقاء بمستوى الشعب في المجالات كافة، ولكن ومن دون مقدمات وبتحريض خارجي قامت الوفاق ومن معها بالانقلاب على الدولة، ولا يهمنا هنا الألاعيب السياسية والأكاذيب التي تم سوقها لتبرير هذا الانقلاب الفاشل الذي جرت فيه الوفاق المجتمع إلى كارثة حقيقية ودفعنا ثمنها جميعا من دون أي موجب او داع خسرنا اجتماعيا وبشريا وماديا وسياسيا وإنسانيا وفقدت أرواح غالية وضاعت أرزاق كثيرة وتشتت أسر وغير ذلك من النتائج الكارثية التي تتحمل الوفاق ومن معها مسئولياتها كاملة أمام الله والتاريخ والمجتمع ولن يغفر لها التاريخ ما فعلته في هذا الشعب الطيب المسالم المتحاب الودود طمعا في السيطرة على الحكم بأي وسيلة حتى إن أدى ذلك إلى تدمير المجتمع والإضرار ببنيانه الوطني فالأنانية السياسية قد بلغت مداها في تلك الفوضى العارمة والتحدي الصارخ حتى لأبسط القيم والثوابت التي قام عليها مجتمعنا البحريني.
السؤال اليوم وبعد الكارثة التي تسببت فيها الوفاق ومن معها وبعد تفويت الفرصة وراء الفرصة للخروج بحل وطني مشرف يعيد الأمل لهذا الشعب الطيب اليوم والوفاق تتهيأ لعقد مؤتمرها وإصدار بياناتها نقول لها بوضوح ومن دون مجاملة نقول لها كجمعية سياسية وطنية مراجعة الأخطاء الكارثية وإن لم تعتذر لشعب البحرين الطيب عما ارتكبته من أخطاء قاتلة فإنه لن يثق فيها هذا الشعب مرة أخرى إلا إذا أرادت أن تعيش منعزلة في كانتونات الطائفية سجينة فبضعة آلاف من المريدين لا يشكلون شعب البحرين سنة وشيعة.
إنها فرصة ذهبية للوفاق إذا كانت صادقة ومخلصة ونزيهة وتتمتع بالجرأة السياسية ليكون مؤتمرها الجديد فرصة للتجاوز والحسم والمصارحة والاعتذار وتجنب تكرار الأخطاء واحترام شعب البحرين بكل طوائفه وأول مظاهر هذه المصارحة التوقف عن تكرار الأضاليل والأكاذيب اليومية في الداخل والخارج، وثانيا التوقف عن الربط بين الحزب السياسي والمرجعية الدينية، وثالثا التوقف عن اعتبار وثيقة المنامة مرجعية للتعايش السلمي فوثيقة المنامة بما فيها من سخافات مضحكة وهزيلة فلا هي ميثاق عمل وطني ولا هي دستور، ورابعا أي حوار لابد أن يكون بين جميع مكونات الشعب لا أن يكون بين الوفاق والحكم فقط فقد ولى ذلك الوقت وعلى الوفاق أن تختار بأن تكون مع التاريخ أو تكون خارج التاريخ.
.