الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٣٢ - الجمعة ٦ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ١٤ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


في الذكرى الأربعين للدكتور غازي الزيرة





إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع وإنا على فراقك لمحزونون.. لست بشاعر حتى أختار أشعاري في رثائي لك.. تمر الايام ولا زلنا نبكيك.. تمر الايام وروحك وصورتك لا تفارقنا ابدا.

تمر الايام ونحن نتنفس رحيق ذكرياتك العطرة.. تمر الايام وصورتك الحقيقية في قلوبنا واذهاننا.. اننا لا نبكيك لانك رحلت.. بل نبكي انفسنا لانك تركتنا وحدنا.. نحن من تمتد به الحياة لنبكيك.. ونذرف الدمع في وداعك.. لا نكاد نصدق اننا لا نراك بعد.. حبيب مودتنا ورفيق دربنا.. شيعتك القلوب وانت فيها، حبيبا طاهرا، نقيا.. نودعك وقد لا نقوى على الوداع.. رحل الكلام مع رحيلك وجفت الأقلام.. نعم، نعم يا بوبدر.. لا نعارض ولا نمانع على ما كتبه القدر.. ولكن فراقك في مدى الايام صعب.. نمسك بالخيال باي ذكرى.. حاضرنا يبحث عن سيرتك الذاتية.. فلن تنعم نواظرنا بتسلق تضاريس هيبتك الشامخة.. فالشوارع.. تبكي خطى قدميك.. والامكنة.. تعبق بوقار حضورك الانيق.. انتحر الفرح في غيابك يوم ودعناك.. قسما ثم قسما، لن تغيب صورتك المبتسمة عنا.. لا ولن نسمح للزمان ان ينسينا عبير ذكراك.. يا من رحلت ورقدت على رجاء القيامة.. رحلت وتركت الما مريرا وحزينا مستديما.. يا من كانت حياته مليئة بالعطاء والحب والايمان.. لم نصدق بعد، انك ذهبت ولن تطل علينا.. فقد ضاقت بك الارض لتحتل السماء.. نبكي عصفورا جميلا ملأ حياتنا تغريدا وفرحا.. فطرت إلى السماء تاركا خلفك الآلام والحزن.. عهد علينا، وعد منا ان نكون عند حسن ظنك.. نعم.. والف نعم.. سنتغنى باسمك الغالي بلحن جميل.. فقد كنت صديقا صدوق صادق الوعد منصفا.. رحمك الله يا بوبدر.

صديقي أودعك وقد لا أقوى على الوداع فكل كلمة رسمتها أمامي باتت كلماتي التي أرددها من دون ان أشعر بأنها ليست كلماتي أنا. نحن ضحكنا معا وكرهنا معاً وتحاورنا بأمور عدة معاً كل حديث تحدثنا سويا يا صديقي أجعله في طي الذكريات.

صديقي بوبدر ان اخبرتك أن روحي كانت تتجرد من هذا الجسد الفاني لكي تحمي روحك أثناء مرضك فهذا ليس بكذب إن اخبرتك أنك تتجسد بصورتك دائما في واقعي وأنت لست أمامي فهذا أيضا ليس بكذب أشعر بما ستقوله قبل ان تبوح به لأنك مرآتي التي تعكس صورتي بهذه الدنيا، وإن كانت الصورة معكوسة في المرآة فذلك لأن الأقدار تعاكس واقعين لنا ولا يمكن ان يكون واقعا واحدا.

صديقي ورفيق المهنة قبل أن أقول لك كلماتي الأخيرة علمت أنني فقدت أشياء لا يمكن ان تعود إلى ما كانت عليه فالجوهرة دائما جميلة، مبهجة، تسّرُ الناظرين، لكنها كثير من المرات تُكسر، ويجب أن يكون السبب قوياً لكي يتم تفتيتها فهي ليست كما الزجاج المزيف الذي لا يعود كما كان بعد كسره. مع هذا الجوهرة يا صديقي يمكن أن تعود كما كانت إذا ما تناولتها يد فنان ماهر. لم اجد ما اقوله بعد لا حول ولا قوة إلا بالله، إلا أن أختار هذه الكلمات لكي أرثي بها اخي وصديقي الغالي الدكتور غازي الزيرة رحمه الله واسكنه فسيح جنانه وانزله منازل الشهداء والصالحين.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة