الجريدة اليومية الأولى في البحرين


في الصميم


الكمين الذي نصبوه للوزيرة!!

تاريخ النشر : الجمعة ٦ أبريل ٢٠١٢

لطفي نصر



عندما وقعت عيناي على الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وزيرة الثقافة جالسة على منصة الوزراء بجوار وزيري المالية وشئون مجلسي الشورى والنواب في جلسة مجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي.. أيقنت على الفور أن هذه الجلسة لن تمر في سلام حيث إن هناك الكثير من الحسابات التي لم تصف - ولن تصفى - بينها وبين التيار الإسلامي بالمجلس مهما تنوعت جمعياته وانتماءاته.. وتساءلت: ما الذي جاء بها إلى الجلسة؟.. هل كان مجيئها ضروريا؟.. وهل كان يمكن لها ألا تجيء؟
قبل أن أجيب عن هذه التساؤلات أود تأكيد أن الحريق الذي شب خلال هذه الجلسة كان لا بد له أن يشتعل سواء ورد على لسان الوزيرة كلمة «مرتزقة» أو لم ترد.. وسواء قالت: «إن هذا المجلس ليس فيه رجال» أو لم تقل.. ذلك لأنه إذا كانت الشيخة مي تهاجم من خلال الجلسات المختلفة - وكل الجلسات تقريبا - رغم غيابها عنها. فما بالنا لو كانت موجودة.. لذا أيقنت أن الحريق سوف يشتعل لا محالة.
أما إجاباتي عن هذه الأسئلة التي طرحتها.. ألا وهي: ما الذي جاء بالوزيرة إلى الجلسة؟.. وهل كان حضورها ضروريا؟.. وهل كان يمكن للوزيرة ألا تحضر؟
أود القول وبشديد الصراحة إن حضور الوزيرة مشكلة.. وعدم حضورها مشكلة.. لماذا؟
عن المشكلة التي لا بد أن تترتب على حضورها فقد رأينا أنها قد تحققت بالفعل وعلى خلاف ما كنا نتمنى يوم الثلاثاء الماضي.. أما عن المشكلة التي لا بد أن تحدث إذا غابت عن الجلسة.. فأقول إن سبب حضورها هو سؤال واحد موجه إليها من النائب محمد إسماعيل العمادي حول: ما هي الأسس والشروط المتبعة في اختيار الفرق المشاركة في أنشطة وفعاليات ربيع الثقافة؟
الوزيرة توقن تماما أنه من واجبها أن تحضر، وأنها يجب ألا تتخلف عن الحضور، احتراما وتوقيرا وتنفيذا للوائح والقوانين التي توجب عليها الحضور كوزيرة وجه إليها سؤال نيابي.. هذا من ناحية.. أما من الناحية الأخرى فمن واجبها أيضا أن تستجيب لتوجيهات سمو رئيس الوزراء إلى السادة الوزراء بضرورة التعاون - وإلى أبعد مدى - مع السلطة التشريعية، والإجابة عن كل أسئلة أعضائها.. فلا بد من تعاون الحكومة (السلطة التنفيذية) مع السلطة التشريعية حتى تستقيم الأمور.. لأن ثمرات هذا التعاون سوف تجيء بالضرورة في مصلحة كل المواطنين.
وزيرة الثقافة مقلّة في الحضور إلى جلسات مجلس النواب.. ولا تحضر هذه الجلسات إلا نادرا.. ونادرا جدا.. وكان يمكن لها ألا تحضر تفاديا لحدوث ما هو غير مستحب.. أو ما هو أنكى مما سوف يترتب على عدم الحضور.. ولكنها قد غاب عنها هذه المرة أن هناك كمينا منصوبا لها داخل أي جلسة تتجرأ على حضورها.. ولكنها للأسف الشديد هي التي أوقعت نفسها في هذا الكمين بإرادتها.. ولست أستبعد أن تكون الوزيرة على علم بما سوف يحدث.. لكن ماذا تفعل وهي الوزيرة الشجاعة على الدوام.
وعندما أقول إنها الوزيرة الشجاعة فلست أخلع عليها صفة لا تستحقها.. ذلك لأنها هي التي أذهلت الكثير من الحاضرين في الجلسة - وأنا منهم - بوقفتها الشجاعة.. فرغم هذه العاصفة النيابية التي وجهت إليها وحدها من نواب الأصالة والمنبر على وجه الخصوص وبعض النواب المستقلين.. فإنها وقفت صلبة في موقعها من تحت القبة.. تتلقى - في رباطة جأش تحسد عليها - وابلا من الاحتجاجات الملتهبة التي رماها بها النواب وعلى رأسهم النائب جاسم السعيدي.. وكل ذلك لمجرد انها قد ذكرت كلمة «مرتزقة» لتصف بها الشباب الذين - كما قالت - قد جُنِّدوا لتخريب حفل كان يتم إحياؤه بمركز الشيخ إبراهيم بالمحرق.
الوزيرة لم تستطع أن تتمالك أعصابها.. ولم ترد أن تؤجل الأخذ بثأرها في التو واللحظة وقبل أن تبارح مكانها في الجلسة.. قالت وهي تهم بالخروج من القاعة «إنه مجلس ليس فيه رجال»!!
وجاءت هذه العبارة كالصاعقة في أجواء القاعة أصابت النواب بحالة من الغليان الذي كان - وبدون مبالغة - هو الأشد في تاريخ هذه القاعة على مدى عمر كل جلسات مجلسي الشورى والنواب.. هذا الغليان الذي أسفر عن الرسالة إلى رئيس المجلس من أجل مخاطبة جلالة الملك لإقالة الوزيرة فورا، والتحرك نحو استجوابها وطرح الثقة منها.
والآن ما هو العمل؟
يرى العقلاء ان هذا التراشق الذي حصل في جلسة النواب يحدث أشد منه ألف مرة في كل برلمانات الدنيا.. بل على العكس فإن ما حصل في برلمان البحرين لا يكاد يذكر إذا قورن بما حصل في كثير من البرلمانات وخاصة في الدول عريقة الديمقراطية.. أو انه شيء يقرب من أن يكون ممارسة برلمانية عادية.. ذلك لأنه لم يحصل ضرب لا بـ(الشلوط) ولا بالكراسي.
لذا ليس أمامنا - وكما كان الطرح الكريم - للأستاذ أنور عبدالرحمن، سوى لملمة الموضوع.. وتهدئة النفوس.. وعدم المكوث طويلا عند هذه المشكلة.. ذلك لأن ما حدث ليس هذا وقته.. والبحرين فيها ما يكفيها من المشاكل والأوجاع وعبث العابثين، وغدر الغادرين.. ولا أملك إلا أن أكرر هذه العبارة الطيبة التي ختم بها مقاله: «وبوركت مبادرات المبادرين»!!