الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

الشيخ علي مطر في خطبة الجمعة:

العاقل يجب أن يتخلص من ذنوبه بالتوبة والاستغفار

تاريخ النشر : السبت ٧ أبريل ٢٠١٢



قال الشيخ علي مطر في خطبة الجمعة بمسجد أبي بكر الصديق: لننظر ماذا يحصل لقطعة من الإسفنج أو القماش السميك المنسوج من القطن عندما توضع في الماء،لا شك أنها تثقل بسبب امتصاصها للماء... وما يحصل لشخص يمشي وكلما قطع مسافة حمل معه حجرا، فمهما كان حجم الحجارة صغيرا فإنها في النهاية سوف تثقله.
وهذا هو حال الإنسان الذي يعصي الله تعالى ولا يتوب ولا يكثر من العمل الصالح فإنه مثقل بتلك الذنوب صغيرها وكبيرها...
قال الله تعالى: «وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ولا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا».
ومثقل أيضا بآثار تلك الذنوب كالهمّ والضيق وانقباض القلب وسواده وخبث النفس وقلة التوفيق...وغيرها من آثار المعاصي.
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ، صُقِلَ قَلْبُهُ، فَإِنْ زَادَ، زَادَتْ، فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: «كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ».
قال الإمام الحسن البصري رحمه الله: «هو الذنب على الذنب، حتى يَعمَى القلبُ فيموت».
فالذنبُ بعد الذنبِ عقوبة الذنب، كما أن الحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة، كما ذكر ذلك بعض السلف.
فالإنسان أصلا مثقل بهموم الدنيا وتقلباتها ومشاكلها وفتنها، وهمّ تربية الأولاد وهمّ الأسرة وهمّ العمل والوظيفة، وهمّ الديون... فالعاقل لا يزيد نفسه ثقلا على ثقل بسبب الذنوب والمعاصي، بل يتخلص منها أولا بأول بالتوبة والاستغفار، قال صلى الله عله وآله وسلم: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ».
ولنحذر من أن نستهين بشيء من الذنوب ونستصغرها أبدا...
يقول الله سبحانه: «...وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ».
علينا أن نتخلص من الذنوب وآثارها حتى نهنأ ونسعد ونستمتع بحياتنا، فلا عيشة سعيدة هنيئة مع المعصية والإصرار عليها، وإن عاش ذلك الإنسان في أفخم القصور والفلل وركب أفخم السيارات، ومهما حاول أن يسعد نفسه أو يتظاهر بالسعادة فإنه في الحقيقة غير سعيد.
لنتخلص من كل الذنوب وخاصة المتعلقة بحقوق الناس وأعراضهم وسمعتهم، فإنها من أعظم الذنوب بعد الإشراك بالله عز وجل.
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنِ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ كَانَتْ نُكْتَةً سَوْدَاءَ فِي قَلْبِهِ، لا يُغَيِّرُهَا شَيْءٌ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
لأنها تحتاج مع التوبة إلى طلب السماح والعفو من أصحابها، ورد الحقوق والمظالم، فحقوق الناس عظيمة.
*فأن يكون للإنسان فرصة للتخلص من أثقال الذنوب، بالتوبة والإقلاع والإنابة، فإن ذلك يعدّ نعمة عظيمة، ومن رحمة رب العالمين بالعباد، فهو سبحانه أعلم بحالهم وضعفهم، ونفوسهم الأمارة بالسوء، وما يحيط بهم من مغريات وشهوات...
قال الله تعالى: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ».
وقال سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ، كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ».
وفي الحديث القدسي: «يَا عِبَادِى إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِى أَغْفِرْ لَكُمْ».
وقال صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل:«يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِى غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِى...».
*ومن رحمة الله تعالى بعباده وفضله وعطائه أيضا أن شرع لهم الأعمال الصالحات التي يمحو ويكفر بها عن خطاياهم:
ورد في الصحيحين من حديث ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: «أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ» فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللهِ إلى هَذَا قَالَ لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ».
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُ مَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ».
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيءٌ، قَالُوا لاَ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيءٌ. قَالَ: فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا».
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّى وَلاَ قُوَّةٍ. غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا».
والأمثلة كثيرة وأكثر من أن تحصى.. فنحمد الله تعالى ونشكره على فضله وإنعامه ورحمته بنا نحن الضعفاء.