الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات


أنا أو.. الطوفان..!!

تاريخ النشر : السبت ٧ أبريل ٢٠١٢



سمعنا تحذيرات حول إفلاس شركات تجارية وبنوك، تحت طائلة تقديم منح مالية ومساعدات حكومية لهذه الشركات.. وكأنما أصحابها هم وحدهم الذين تضرروا جراء الأزمة..!
وسمعنا أيضاً رئيس جمعية سياسية لطالما زعم السلمية يتغنى بالممارسات التخريبية ويشيد بالمخربين الذين نفذوا عمليات الاعتداء على رجال الأمن، وكأنما يقول لنا إن هذه الممارسات الإرهابية والتخريبية ستبقى سيفاً معلقاً على رقابكم جميعاً إلى أن تستجيبوا لرغباتنا وطموحاتنا السياسية..!
لقد كتبنا سابقاً عن الديمقراطية حين تكون ذات مخالب وأنياب، وعن الحريات حين تتحول إلى ممارسات هجينة وغريبة عن كل أعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا وتشريعاتنا.. ويبدو أن اختزال كل ذلك يتمثل اليوم في استعداد كل من هب ودب لممارسة الابتزاز على الدولة والمجتمع تحت شعار «أنا أو الطوفان».
إن أخطر ما يصيب الدولة أو المجتمع، هو الخضوع لطبقة من تجار وسماسرة الأزمات الذين يحملون من الأخطاء والخطايا ما تنوء بحمله الدولة والمجتمع.. وتشكيل طبقة من السياسيين الذين يشوهون الديمقراطية بممارسات لا تعدو كونها تلاعبات بالشأن العام لحساب مصالحهم وطموحاتهم وأطماعهم..! وأخطر ما يصيب النظام، هو غياب النظام نفسه.. وتراجع العدالة والإنصاف فيه، وانحسار القانون أمام قوى تبدو وكأنما هي محصنة من أن تمس.
والأخطر من ذلك أن هناك بيننا من يحمل نفس هويتنا وجواز سفرنا ويعمل على أن تكون البحرين مكشوفة الظهر أمام التحديات والأزمات وابتزاز الدول والقوى الخارجية الطامعة.. وهؤلاء يعملون ليل نهار على إبقاء الوطن في حالة أزمة، ويجتهدون في تأليب أطياف المجتمع على بعضها البعض.. لأن البيئة الصحية لهم هي بيئة الأزمة وليس بيئة الاستقرار والأمن والتنمية.
وحين يتساءل الناس عن كيفية تراجع هيبة الدولة، فالواقع أن هيبة الدولة تراكمية، تبدأ من احترام قانون السير، ولا تكاد تنتهي عند احترام الدستور ورموز الوطن. ومن الواضح أن هناك الكثير من الخطوط الحمراء التي تم تجاوزها على طريق هيبة الدولة ومعها هيبة المجتمع المدني.. وإلا ما معنى أن يصبح الدفاع عن المجتمع المدني مرتبطاً بأشخاص منخرطين في أجندات خارجية مدفوعة الأجر والأجرة.. وأن يصبح أشخاص مغرقين في نظرتهم العنصرية رموزاً معمدين دولياً في بيزنس الدفاع عن حقوق الانسان؟!
إن مؤشرات تراجع هيبة الدولة والمجتمع، لا تتوقف على السياسة وممارسات الابتزاز، فحسب، بل عرفنا خلال الاسبوع الماضي أنها وصلت إلى أعماق العملية التربوية.. وعرفنا من قبل أنها وصلت إلى أعماق العملية الطبية. فالطالب لم يعد يأمن على كرامته في مدرسته، والمريض لم يعد يأمن على حرمة جسده عند الطبيب.. وكل ذلك يحدث تحت طائلة مبدأ «أنا أو الطوفان».. ولأن القوانين لم تعد تأخذ مجراها الصحيح.. مقابل سيادة مبدأ الاسترضاء، وتكاثر الأشخاص العاديين جداً الذين يتم فرضهم على الدولة والمجتمع كخطوط حمراء.
والبحرينيون بشكل عام لم يعودوا يشعرون بهيبة دولتهم، لأنهم باتوا يعتقدون، أن الذي يشتِم، والذي يجاهر بالاعتداء على هيبة الدولة، باللسان والقلم أو بالتصرلاف، يفوز بالصدارة، وتعرض عليه المكتسبات من كل حدب وصوب وتبادر الدولة لاسترضائه.. بينما يتراجع الأنقياء والمخلصين إلى الصفوف الخلفية.
في الشأن الوطني: الخاسر الأكبر!
لعل ما تصرفه الدولة من أموال على حفظ الأمن وتعويض الخسائر جراء أعمال التخريب والإرباك اليومي لمسيرة التنمية.. لعل هذه الأموال تكفي وحدها لإنجاز حزمة كبيرة من المشاريع التنموية التي نحن بأمس الحاجة إليها. وبالتالي فإن الخاسر الأكبر جراء ممارسات التخريب والإرباك والتعطيل اليومي لمسيرة الحياة، هم المواطنون أنفسهم.. ومن كل الفئات والطبقات بلا استثناء، فالضرر لا يطال فئة من دون أخرى.. عداك بالطبع عن الآثار المعنوية لحالة المعاناة النفسية والقطيعة والتشرذم الاجتماعي.. ولعلنا جميعا نعرف المتسببين والمحرضين على ذلك، فلماذا لا يتوقف هؤلاء عن الإضرار بالوطن كله؟! ولماذا لا يتوحد الوطن كله للوقوف في وجه هؤلاء؟!