المال و الاقتصاد
الأحداث السياسية تعصف بأرباح البنوك المصرية
تاريخ النشر : الأحد ٨ أبريل ٢٠١٢
اتفق مصرفيون مصريون على أن انخفاض أرباح البنوك خلال عام 2011 على الرغم من ارتفاع نسبة الادخار بالبنوك ونسبة الودائع البنكية كان بسبب الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد.
وأكدوا أن ارتفاع نسبة الادخار والودائع بالبنوك كان بسبب أن البنوك هي الملاذ الآمن للأموال في ظل الاضطرابات والانفلات الأمني وتوقف المشروعات في البلاد، على الرغم من زيادة نسبة الادخار في البنوك فإن ذلك مثل عبئًا على البنوك، لأن البنوك رفعت سعر الفائدة على الودائع حتى تستطيع المنافسة وجذب العملاء للبنك، لذلك لم يؤثر ارتفاع نسبة الودائع والادخار في البنوك في أرباح البنوك التي ظلت منخفضة بسبب الأحداث التي تمر بها البلاد.
وشهد القطاع المصرفي تراجعًا ملحوظًا في معدلات نموه لتتراجع أرباح البنوك بنحو 30% على خلفية حالة التردي الأمني والاقتصادي، بالإضافة إلى أن هناك تراجعًا ملحوظًا أيضًا في إقدام المستثمرين على الحصول على القروض من البنوك، وخصوصا أن عام 2011 لم يوجد قطاع اقتصادي واحد لم يتضرر من الأوضاع الحالية وقطاع التأمين تكبد تعويضات بمقدار 1.2 مليار جنيه بسبب الاضطرابات والسرقات والحرائق التي انتشرت في مصر وأثرت بالسلب في القطاع المصرفي، أيضًا انهيار السياحة وتوقف عجلة الإنتاج وإغلاق المصانع والاعتصامات والاحتجاجات الفئوية وأحداث العنف المتكررة، مما أثر بالسلب في البنوك، وذلك أدى إلى انخفاض أرباحها العام الماضي، بالرغم من تحول البنوك المصرية إلى الاهتمام بالسندات الحكومية التي ساهمت في ربحية الصناعات في الأجل القصير، فإن التوسع في الإقراض المصرفى ظل منخفضًا في عام 2011، الأمر الذي أدى إلى انخفاض أرباح البنوك.
وعلى الرغم من ذلك فإن أداء القطاع المصرفي في عام 2011 كان جيدًا في ظل الاضطرابات السياسية منذ اندلاع ثورة 25 يناير، حيث تميز بالتوسع في محافظ سندات البنوك التي بدورها أدت إلى زيادة ربحية الصناعات قصيرة الأجل.
ووفقًا لبيانات البنك المركزى المصري، فإن نسبة سندات البنوك سجلت 33% من إجمالي الأصول وكانت أهم المؤشرات الاقتصادية الكلية فقد سجل معدل النمو في إجمالي الودائع البنكية، 8.11% في إبريل الماضي وسجل القطاع العائلي مقابل إجمالي الودائع 57.4% وسجل معدل النمو في الودائع بالعملة المحلية 6,4% في إبريل الماضي مقابل 14.9% لنمو الودائع بالنقد الأجنبي، كما بلغت حقوق الملكية بالبنوك للأصول 6.4% والمخصصات للأصول 4.4% وبلغت نسبة القروض والخصم مقابل الودائع لدى البنوك 50.4% وسجلت الودائع مقابل الأصول 73.8% وأكدت المؤشرات الأولية أن نسبة الادخار المحلي بلغت 12.7% أمام الإنتاج المحلي الإجمالي مقابل 16.4% لنسبة الاستثمار المحلي أمام الإنتاج المحلي الإجمالي.
ويرى رئيس قطاع المعاملات الخارجية بالبنك العربي الإفريقي محسن رشاد أن تراجع أرباح البنوك على الرغم من ارتفاع نسبة الودائع والادخار بالبنوك منطقي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة على الودائع لجذب عملاء جدد للبنك وضمان المنافسة بين البنوك للفوز بالعملاء الجدد، مما أدى إلى ارهاق البنوك وعدم تحقيق أرباح من تلك الودائع، بالإضافة إلى عدم وجود إيرادات لعدم التوسع في المحافظ الائتمانية بسبب الأوضاع العصيبة التي تمر بها البلاد.
وأضاف رشاد أن ارتفاع كُلفة الموارد في البنوك بسبب رفع سعر الفائدة أدى إلى انخفاض هامش الربحية من تلك الموارد وكان له أثره البالغ على البنوك أيضًا، مما أدى إلى انخفاض أرباح البنوك على الرغم من زيادة نسبة الودائع في البنوك إلى زيادة بعض المصاريف الإدارية لبعض البنوك من خلال التأمين على مقرات البنوك وسيارات نقل الأموال والودائع البنكية وماكينات الصرف الآلي، وأيضًا زيادة المصروفات على النظام الخاص بالبنك وكروت الفيزا وترتيبات الأمن على البنوك لضمان تأمين البنوك في ظل الظروف الحالية، وهناك أيضًا افتتاح مقرات جديدة لبعض البنوك وتخريب لمقرات البنوك الموجودة بمنطقة وسط البلد خلال الأحداث الأخيرة، مما أدى إلى انخفاض أرباح البنوك.
ويتفق معه في الرأي مدير عام بالبنك العربي الإفريقي الدولي أحمد سليم، حيث قال: إنه من الطبيعي أن تتراجع أرباح البنوك في عام 2011 وتزيد نسبة الادخار في العام ذاته، حيث إن أرباح البنوك تراجعت بسبب تعثر بعض القطاعات الاقتصادية ورجال الأعمال بسبب الأوضاع المضطربة في البلاد وانهيار السياحة وتوقف بعض المصانع عن العمل وزيادة المدخرات في البنوك أمر طبيعي ومنطقي لأن البنوك هي الملاذ الآمن للمواطنين في ظل عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وعدم توافر الأمن في الشارع المصري، لذا توجه المواطنون إلى البنوك للحفاظ على أموالهم في مكان آمن ومضمون وبعيد عن التوترات الموجودة بالشارع المصري، وبسبب ذلك ارتفعت المدخرات والودائع في البنوك وساعد على ذلك رفع البنوك لسعر الفائدة على الودائع والادخار، وبذلك ارتفعت نسبة الودائع والادخار في البنوك وقلت الأرباح بسبب الوضع الاقتصادي الصعب والتعثر بالمشروعات والقطاعات الاقتصادية ورفع سعر الفائدة على الودائع في البنوك.
ويضيف أحمد آدم الخبير المصرفي ومدير مركز البحوث ببنك أبوظبي سابقًا أن أسباب انخفاض أرباح البنوك كان بسبب أنه لا يوجد توظيف بالبنوك، بالإضافة إلى تسجيل معدل نمو القروض نسبة أقل من 2% في النصف الأول من عام 2011 وهذه النسبة هي أكبر نسبة تراجع في القروض ومعدل النمو الـ 2% لا يضيف ربحًا إلى البنوك، بل يذهب إلى الفوائد المضافة على أصل القرض.
وأشار إلى أن كساد السوق المصرية خلال عام 2011 كان السبب الرئيسي في تراجع أرباح البنوك خلال العام الماضي، بالإضافة إلى إغلاق البنوك لمقراتها في أثناء الثورة أكثر من شهر، مما أدى إلى زيادة الأعباء على البنوك وبعد الثورة توقفت المشروعات السياحية والمشروعات الجديدة بسبب الانفلات الأمني وكثرة الاضطرابات، مما أدى إلى إغلاق المصانع أبوابها وتوقفها عن العمل وزيادة نسبة المتعثرين بسبب الخسائر الفادحة التي طالت كل قطاعات الاقتصاد في مصر ولا توجد مشروعات جديدة تستطيع البنوك أن تمولها ولم يتقدم العملاء لطلب قروض من البنوك خلال العام الماضي، وهذا كله أدى إلى تراجع أرباح البنوك، على الرغم من زيادة نسبة الودائع والمدخرات بالبنوك خلال العام الماضي.
وأكد الخبير المصرفي أن زيادة نسبة الودائع والمدخرات خلال العام الماضي أمر طبيعي بسبب الأوضاع الحالية فتوجه العملاء إلى البنوك لأنها المكان الوحيد الذي من الممكن أن تضع فيه أموالك وأنت مطمئن عليها في تلك الأوقات العصيبة ولارتفاع سعر الفائدة على الودائع والادخارات مشيرًا إلى أن زيادة حجم الودائع كان بسبب زيادة سعر صرف الدولار الأمريكي، فعندما يتم تحويل الودائع من الدولار الأمريكي إلى الجنيه المصري، فبالتالي تزيد قيمة الوديعة بسبب ارتفاع سعر الصرف، وبالتالي فإن نمو الودائع نمو خادع وغير حقيقي، مما ساعد على عدم تحقيق البنوك لأرباح من تلك الزيادة وأسهم في انخفاض أرباح البنوك أيضًا انخفاض نمو الأنشطة المصرفية ككل خلال العام الماضي سياسيًا وأمنيًا، وتوقع آدم أن تعود الأمور كما كانت عليه وترتفع أرباح البنوك بنهاية عام 2012 مع تحسن الأوضاع تدريجيًا خلال هذا العام.