مقالات
دور المرأة العربية
تاريخ النشر : الأحد ٨ أبريل ٢٠١٢
تأخذ معظم التقارير الاقتصادية الدولية على البلدان العربية ضعف مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية كأحد أسباب ضعف إنتاجية المجتمع ونمو الاقتصاد. إن حق المرأة في المساواة في المجتمع والحياة الاقتصادية هو حق طبيعي كفله ديننا الحنيف، وبحكم وجودها كإنسان فاعل ومؤثر في الحياة. ويظهر ذلك فيما تقلدته المرأة من مناصب قيادية عليا على جميع المستويات كوزيرة ووكيلة وسفيرة ووكيل ادعاء وعضو في البرلمان وموظفة وعاملة وغيرها.
كما شهد العقد الماضي تطورا سريعا في مشاركة سيدات اعمال العرب في النشاط الاقتصادي، حيث يقدر أن 27% من المشاريع التجارية في الدول العربية مملوكة من قبل النساء.
وقدرت دراسة أجرتها مؤسسة «مايفير لإدارة الثروات» حجم الثروة التي تستثمرها سيدات الأعمال الخليجيات بنحو 40 مليار دولار في 2010.
كما إن السيدات اللواتي شغلن مناصب عليا في مختلف القطاعات سواء في الجهات الحكومية أو مؤسسات القطاع الخاص أظهرن أداء استثنائياً، وتمثل هؤلاء النساء مصدر إلهام لغيرهن من بنات جنسهن، ما شجعهن على القيام بأدوار أكبر في مجتمعاتنا، وأعطاهنّ الأمل في إمكانية تحقيق النجاح في شتى مجالات الحياة إذا ما تمّ توظيف مهاراتهنّ في الأماكن المناسبة. فعلى سبيل المثال، يحظى القطاع المصرفي العربي بنخبة متميزة من القيادات المصرفية النسوية اللاتي أثبتن جدارتهن باستحقاق. ومع ذلك، فأن حجم العمالة النسوية في القطاع المصرفي العربي لا يتجاوز الـ5%.
وتبرز هذه الأرقام بما لا يقبل الشك وجود بنية استثمارية نسائية عربية قوية. وفي ضوء أن الدول العربية في حاجة ماسة إلى تعاون اقتصادي أوسع تستطيع من خلاله الوقوف ضد تيارات العولمة والتكتلات الاقتصادية القائمة، يبرز دور سيدات الأعمال بحضورهن المتنامي على الساحة الاقتصادية, وخصوصا أن هناك تطورًا بالفعل في حركتهن ونموًا متزايدًا ومتنوعًا في المجالات والأنشطة التجارية المختلفة كافة التي اخترقنها، وهو ما يتبين من خلال مجمل اللقاءات والمؤتمرات المحلية والإقليمية والعالمية التي يشاركن فيها إلى جانب بنائهن أسسا مؤسسية لخدمة أغراضهن كمجالس سيدات الأعمال, وكذلك اجتيازهن انتخابات الغرف التجارية.
وعلى ذلك فإنه بالتنسيق وتوحيد الجهود فيما بينهن يمكن أن يحققن ما يطمحن في الوصول إليه وما تطمح في الوصول إليه الدول العربية. ومن المهم أن تكون ركيزة الانطلاق بالنسبة إليهن في ذلك، هي توسيع الأنشطة التي يعملن فيها، وخصوصا والواضح أن أغلب أموال سيدات الأعمال تنحصر في مجالات معينة كالصناعات الخفيفة وتجارة الجملة والتجزئة ومجال العقارات والمطاعم والفنادق على الرغم من أن إمكانياتهن المالية أكبر من ذلك بكثير.
ولعب العديد من الحكومات العربية دورًا في تمكين سيدات الأعمال وتهيئة المناخ الاستثماري المناسب لهن حتى يخضن المجال الاقتصادي بنوع من الحرية، وكانت البداية عبر الإصلاح التربوي الذي ساعد على ظهور السيدات المتعلّمات ممن يتمتعن بدرجة عالية من الكفاءة التي تمكنهن من لعب دورهن الطبيعي، كما تم تدشين قوانين العمل الجديدة التي تسمح لهن بالحصول على الرخص التجارية التي تشجّعهن على استثمار أموالهن وأصولهن في المشاريع الصناعية والتجارية.
ورغم هذه النجاحات المتحققة على أرض الواقع فإن سيدات الأعمال العرب مازلن يعانين صعوبات وعقبات تحول بينهن وبين تحقيق ما يتطلعن إليه من طموحات تمكنهن من المساهمة الفعالة في مسيرة التنمية الاقتصادية، ولعل من أهم هذه العقبات قلة وأحياناً عدم وجودهن بالشكل المأمول في أغلب مجالس إدارات الغرف التجارية وإدماجهن بصورة كاملة في مواقع اتخاذ القرار.
ومن الصعوبات القائمة أيضًا أن التشريعات الحالية تشجع المشاريع التجارية الضخمة بصورة أكبر من المشاريع التجارية الصغيرة، التي من الصعب أن تستمر في ظل هذه الظروف الاقتصادية المحيطة، فالتجار الكبار أقوياء يستطيعون الصمود بعكس أصحاب المشاريع الصغيرة.
ومن موقعنا هذا، ندعو المصارف العربية إلى إيلاء اهتمام أكبر لدعم مساهمة المرأة العربية في الحياة الاقتصادية، سواء من خلال تأسيس أقسام خاصة تهتم بتمويل وتطوير أعمال المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر الخاصة بالنساء، أو من خلال أنشاء أقسام تساند وتدعم إدارة ثروات سيدات الأعمال العرب ومساعدتهن على تطوير أعمالهن وأنشطتهن، ولعل قيام اتحاد المصارف العربية بتبني عدد من الفعاليات في هذا المجال سوف يسهم في تحقيق هذه الأهداف.
} رئيس ا تحاد المصارف العربية