محطات
الثائر أحمد زكي رئيس جمهورية التمثيل القادم من ميدان التحرير!
تاريخ النشر : الأحد ٨ أبريل ٢٠١٢
كلنا فاسدون لا أستثنى أحدا.. هكذا صرخ الفنان أحمد زكي في آخر مشاهد فيلم «ضد الحكومة» داخل قاعة المحكمة وأمام هيئة القضاء وكأنه يختزل واقعنا المؤلم الذي أوجده النظام داخل الشعب ففسد النظام واستشري فساده إلى أن أفسد شعبه بالتبعية.
أحمد زكي رئيس جمهورية التمثيل تمر غدا الثلاثاء 27 مارس ذكرى رحيله السابعة تاركا خلفه رصيدا حافلا من الأعمال الخالدة في تاريخ الفن المصري سواء سينما أو مسرح أو دراما تلفزيونية.
لكن البعض تساءل بعد ثورة 25 يناير التي كشفت عن زيف وضآلة الكثير من نجوم الفن الذين كانوا بوقا للنظام السابق وعبيدا للسلطة وعاندوا إرادة شعب اختار التحرر وقت الثورة.. تساءل البعض هل أحمد زكي لو كان حيا كان سينضم إلى ميدان التحرير أم يبقى أسيرا مثل غيره للنظام وينضم إلى الفلول؟!
أعمال أحمد زكي هي وحدها التي تجيب على ذلك، فكل شخصية لعبها أحمد زكي بمثابة ثورة، فهذا الفنان كان حالة مختلفة كان ثورة جاهزة للاشتعال طوال الوقت كان دائم التمرد والإبداع.
وأفلامه تعبر عن واقعنا الحالي.. ارجع إلى فيلم «البريء» وشخصية أحمد سبع الليل رضوان الفولي المجند الجاهل محدود التفكير الذي قام قادته في المعتقل بعمل غسيل مخ له ليسحل ويضرب وينكل ويقتل إذا لزم الأمر أصحاب الفكر ومعارضي النظام «لاحظ أنه نفس ما يحدث مع الثوار» لكن الفيلم انتهى بصرخة سبع الليل الذي فتح نيران رشاشه على كل من في المعتقل وقام بتصفيتهم.. وبسبب هذا المشهد ظل الفيلم مضطهدا لسنوات بل مازال يعرض على الفضائيات محذوفا منه مشهد النهاية والسبب أن أحد القيادات الأمنية في عهد النظام البائد حضر عرضا خاصا للفيلم في الثمانينيات وبمجرد ان شاهد مشهد النهاية صرخ داخل قاعة العرض بعصبية «لو كل مجند شاف الفيلم دا هيصفي قياداته» ومنذ هذا الوقت تم اغتيال المشهد وبتره تماما.
وفي فيلم «البداية» قدم زكي فكرة قيام الأنظمة الرأسمالية واستبدادها بصمت الشعوب عندما سقطت الطائرة في جزيرة وقام رجل الأعمال جميل راتب بشراء الجزيرة ممن كانوا معه على متن الطائرة وفجأة وجدوا أن اللعبة انقلبت إلى حقيقة وأنهم تحولوا إلى خادمين لهذا الحاكم المستبد الذي اعتمد على الجهل وتغيب حارسه وأوهمه ان أحمد زكي بينادي بالديمقراطية وان الديمقراطية كفر «ارجع إلى تصريحات بعد المتشددين من التيار الإسلامي ووصفهم للديمقراطية بأنها كفر بل واتهامهم لكل من يختلف معهم بالكفر».
وفي فيلم «زوجة رجل مهم» عبر أحمد زكي ببراعة عن تسلط رجال الشرطة وقدم شخصية رجل الشرطة ببراعة شديدة وكأنه يختزل حال الداخلية قبل الثورة وبعدها وجنون العظمة الذي ينتابهم وتفننهم في التعذيب والتنكيل بالناس بلا أدنى تأنيب من ضميره وانتهى الفيلم بعزله من الداخلية «هذا العزل كان منتظرا بعد الثورة في حال تطهير الداخلية»، وواصل رحلته ضد ضباط الشرطة عندما ارتدى بدلة المسجون الهارب في فيلم «الهروب» واستخدامه كأداة من قبل رجال الداخلية لإلهاء الاعلام والشعب عن الكثير من القضايا الأخرى.
وفي فيلمه «معالي الوزير» فضح أحمد زكي قبل رحيله كل وزراء النظام الفاسد فضح فسادهم وآليات اختيارهم من قبل النظام وفكرة أن الوطن أشبه بعزبة لرجال السلطة يعيثون فيها فسادا وطغيانا.
هكذا عاش وأبدع وأمتع أحمد زكي في كل شخصية قدمها بدءا من رئيس الجمهورية كما حلق عاليا في فيلمي «ناصر 56» و«أيام السادات» وصولا إلى شخصية البواب في «البيه البواب».
أحمد زكي صاحب مشوار لم يخل من السير على الأشواك أو النحت في الصخر لكي يصل، كان نموذجا للثائر الذي لا يتوقف نبض الثورة بداخله لذا لا تتعجب اذا رأيت أحمد زكي في ميدان التحرير وقت اندلاع الثورة فمثل هذا الفنان الذي لم يتملق السلطة ولم يكن من أراجوزات النظام السابق بل لم يكن يظهر في حفلاتهم الزائفة ولا مناسبات التملق التي تقام تأليها للرئيس المخلوع وحاشيته.
ولعل القدر كافأ أحمد زكي برحيله قبل أن يلوث تاريخه السينمائي بتقديم فيلم «الضربة الجوية» كسيرة ذاتية عن المخلوع لأنه كفنان كان أكبر من تلك السقطة الفنية فمن يحمل جينات التمرد والثورة داخله يصعب عليه أن يقدم سيرة ذاتية لرئيس كان مازال يجلس متربعا على عرش السلطة في البلاد قبل ان يزيحه الثوار.