الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٣٥ - الاثنين ٩ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ١٧ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


على رأي الأخ شمطوط..... فشلتونا!!





أحزننا كثيراً هذا الذي حدث في بيت الشعب يوم الثلاثاء الماضي من مواجهة فظّة بين وزارة الثقافة وبعض النواب، قيل فيها الكثير من الكلمات والألفاظ غير المناسبة. تذكرت حينها الأخ الفاضل النائب شمطوط ،عندما وجه كلامه ذات يومٍ إلى أصحاب الشأن في البلاد وقال كلمته الشهيرة (والله فشلتونا).

إن معظم الذي يحدث الآن في البحرين من مشاحنات ومواجهات بين أبناء الشعب الواحد إنما هو من وجهة نظري (إفرازٌ) لتداعيات الأزمة الطاحنة التي مرت على البحرين منذ منتصف فبراير من العام الماضي ٢٠١١ واستمرارها إلى الآن. وهو الأمر الذي أدى إلى (توتر المجتمع) وجاهزيته إلى الاشتعال في أي نقطة خلافٍ تحدث، سواءٌ بين المواطن والمسؤولين في الدولة، أو حتى بين المواطنين بعضهم ببعض. واسألوا علماء الاجتماع في هذا الشأن. ثم وجهوا إليهم سؤالاً مباشراً: ما هي تداعيات أزمة الرابع عشر من فبراير على البحرين (اجتماعياً)؟

ولعل الإجابة سوف تكون واضحة وجليّة في (حادثة الطفل عمر) ومعلمته الفاسدة.

ثم اسألوا علماء الاقتصاد عن الآثار السلبية للأزمة وتداعيتها على الاقتصاد البحريني. إنها خسائر قدرها رئيس الغرفة التجارية بــ ٢ مليار دينار. وأكثر منها خسائر على صغار التجار وملاك العقار الذين خَوَت عقاراتهم من المستأجرين، وانظر حولك. اينما يَمّمت وجهك في شوارع البحرين ستجد لافتات مكتوبٌ عليها (للبيع أو للإيجار) على معظم العقارات.

لقد هجر الناس البحرين، كما هجرها الأمن والأمان.

يُخطئ من يعتقد أننا لم نتأثر (سلباً) كمواطنين مما حدث ويحدث للبحرين منذ فبراير الماضي إلى الآن. سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وحتى إذا شئت..... نفسياً وعاطفياً!!

وانظر إلى الأمراض الاجتماعية التي سرت بين أوصال المجتمع الواحد (كالطائفية) وإلى الأمراض النفسية، التي يعاني منها بعض المواطنين كالكوابيس الليليّة، والتبوّل (الإرادي واللا إرادي) على فراش الوحدة الوطنية !

عامٌ مضى وهذا آخر، ونحن نتحسس طريقنا (حفاة) في نفقٍ مظلمٍ طويل، يكاد يخنقنا بغازاته ودخانه وغباره وعنفه وضجيجه. تهاجمنا فيه خفافيش الظلام والجرذان. وتحاك فيه المؤامرات ضدنا من كل جانب. نسير فيه بخطىً غَيرُ واثقة. داميةٌ أقدامنا، وقلوبنا يملؤها الخوف والقلق على هذا الوطن ومستقبل أجيالنا فيه.

لقد كادت البحرين (وهي أمنا ووطننا) أن تُختطف وتغتصب أمام أعيننا وهي الحرّة الكريمة، في شهر فبراير من العام الماضي، حتى إذا ما تخلى عنها الجميع في ذلك الوقت العصيب، هبّ الشعب المخلص الوفي إلى نجدتها، في ساحة الفاتح المهيبة، وفي المحرق الشماء، وفي ساحة الشرفاء في البسيتين الوفية، وأمام بوابة الرفاع الشامخة، وفي عراد والحد ومدينة عيسى والكثير الكثير من قرى البحرين ومدنها الحرة الأصيلة المنيعة. وقفنا جميعاً صفاً واحداً خلف قيادتنا، يدا بيد، وكتفٌ بكتف، إخواناً في خندقٍ واحد أمام قوى الشر والمؤامرات للإطاحة بالدولة والنظام.

فماالذي حدث اليوم، ولماذا تنكر لنا البعض، ممن نظن أنهم أهلنا وهم (منا وفينا)؟ كيف انقلبوا علينا وجحدوا تضحياتنا؟!

لماذا هذا الضرب والتجريح في أبناء الشعب المخلص الذي وقف صفاً واحداً، مدافعاً عن كيان البحرين وعروبتها وشيوخها.

لماذا فشلتونا....؟!

لماذا تستهدف هذه الفئة من الشعب الوفيّ المسالم المخلص في محبته وولائه وانتمائه للوطن والقيادة؟!

هل أن هذه الفئة مثلاً هي (الطوفة الهبيطة) في المعادلة؟!.. أم أن.. (أبوي ما يقدر إلا على أمي)؟!!

لماذا لا يوجه مثل هذا النقد القاسي، والتجريح المشين إلى الذين يعيثون في الأرض فساداً ليل نهار؟!

(والله فشلتونا، وأحرجتونا...)!!

لماذا - مثلاً - لا نسمي الأسماء بمسمياتها الحقيقية ؟

لماذا عندما تخرج واحدة (من إياهم) إلى عَرَض الشارع وتعيث في الأرض فساداً، ثم تفترش الشارع وتبدأ بالصراخ والهتاف بأعلى صوتها منادية بإسقاط الرموز السياسية، لماذا نطلق عليها وعلى أمثالها لقب.... (ناشطة سياسية)!!

والذي يخون وطنه نهاراً جهارا، ويضرب في عدله وقضائه أمام المنظمات الدولية الحقوقية، ويختلق الأكاذيب من خلال القنوات التلفزيونية الأجنبية الكاذبة، لماذا نطلق على هذا الكاذب وأمثاله من البحرينيين والدنماركيين، لقب (ناشط حقوقي)!!

(والله فشلتونا...) !

وقِس على ذلك كثيراً، حارق الإطارات، والمعتدي على الشرطة بالمولوتوف، وحارق سيارات الشرطة، والمتهجم على المواطنين، والمعطل شؤون الناس، وخارب الاقتصاد، وطارد الزوار والعميل والمتآمر والمخرب في البلد، وغيرهم الكثير.... كل أولئك ليسوا (إرهابيين) وإنما هم جهّال ومحتجين، أو أصحاب رأي!!..... وفي قولٍ آخر، ربما يكونوا..... (سلميين ومتحضرين) !!..

الله يذكر شمطوط بالخير..... (والله فشلتونا...)!!

لماذا التردّد من أن نسمّي هؤلاء على أقل تقدير.... (الخارجون على القانون)؟!! فيطبق عليهم القانون (الحاضر الغائب)، وعلى من يحرضهم.

عامٌ مضى وهذا آخر، ولا شيء يبدو في نهاية النفق. فلماذا لا يُخرجنا ولاة الأمر من هذا النفق المظلم الذي نعيش فيه منذ أكثر من عامٍ مضى إلى الآن، كي يعود إلى المجتمع أمنه وأمانه واتزانه ؟!

عامٌ مضى وهذا آخر، ونحن مازلنا نتطلع - بكل أملٍ - إلى بصيصٍ من نور في آخر النفق، فلا نراه. أو معلومة مما يدور حولنا فلا نجدها. مما يعني أننا مازلنا في منتصف الطريق، أوفي بدايته، أو أننا ربما قد ضللنا طريق الخروج من هذا النفق البئيس، فسأمنا الإنتظار وفقدنا الصبر والحكمة، وبدأنا بالنفور من بعضنا. وشكوانا إلى الله.

ختاما، سألني أحد الأصدقاء عن رأيي في فعاليات (ربيع الثقافة) لهذا العام، فقلت له: مع كامل التقدير والاحترام لجهود القائمين عليه، إلا أنني أراه (بجرأة بعض عروضه) كالذي يلقي عليك نكته في مجلس عزاء!!

فلا التوقيت مناسب، ولا المزاج العام مناسب.....

فالبحرين، رغم انفتاحها على مختلف الحضارات والشعوب إلا أنها مازالت محافظة، على بعض عاداتها وتقاليدها وقيمها الاجتماعية والدينية الراسخة. ويجب التنسيق بهذا الشأن مع مختلف مكونات المجتمع، للوصول إلى نقطة اتفاق وتفاهم على فعاليات ربيع الثقافة المستقبلية، أليس هذا هو نهج الديمقراطيين، الحوار والتفاهم ؟!!

إن في البحرين اليوم ما فيها من الهمّ والوجع، مما يشغلها عن المرح والغناء والرقص.

..... ربما ذات يومٍ يا سيدتي سنغني معاً، ونرقص طرباً على أنغام الفالس والتانغو، ولكنه حتماً ليس الآن.

ليس الآن.



.

نسخة للطباعة

رسالة مفتوحة إلى وزير خارجية الدنمارك

عزيزي السيد سوندال لقد تقدمت بطلب إلى حكومة البحرين بنقل المواطن البحريني عبدالهادي الخواجة إلى الدنما... [المزيد]

الأعداد السابقة