الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٣٥ - الاثنين ٩ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ١٧ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


لماذا الشيخة مي تحديدا؟





لا يدري الكاتب ماذا يقول أمام ما حصل في مجلس النواب مؤخرا بين وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وعدد من النواب، حيث تحول الحوار الذي يفترض به أن يكون هادئا وحضاريا إلى تلاسن لفظي انتهى بفض الجلسة من قبل رئيس مجلس النواب السيد خليفة بن أحمد الظهراني بعدما سادت الفوضى وتعالت الأصوات وتبادل النواب مع الشيخة مي الكلمات القاسية التي ما كنا نتمنى أبدا أن تحدث في بيت الشعب، وما كنا نتمنى أن يحدث ذلك مع الشيخة مي لما عرفت به من أدب جم ومن لطف في التعامل ومن احترام للجميع.

لقد كان مجلس النواب دائما مكانا للتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لما فيه صالح الشعب لتحقيق المصلحة العامة، قد تتعالى الأصوات وقد تحدث اشتباكات بين النواب أنفسهم مثلما حدث أكثر من مناسبة، ولكن أن يحدث مثل هذا الاشتباك بين النواب ووزيرة وخاصة أن ما قامت به الشيخة مي من عمل يستحق الإشادة وكل الدعم، فضلا عن ان الأمر لم يكن يستدعي مثل هذه المواجهة اللفظية غير المسبوقة التي أساءت إلى الوزيرة المحترمة، كما اساءت إلى النواب المحترمين والمجلس الموقر معا.

ما كنا حقيقة نتمنى أن يحدث ذلك وخصوصا أن البلاد تعيش أزمة كبيرة وان هذا المجلس قد جاء تعديله بعد الأزمة الخانقة التي شلت البلاد وأشاعت حالة من عدم الارتياح والتوتر وتأثر الأوضاع العامة في البلاد بسبب ممارسات قوى التأزيم المريضة التي أسهمت ومازالت تسهم في توتير الأوضاع على جميع المستويات، يضاف إلى ذلك أن التيار الإسلامي المحافظ عبر خلال السنوات الماضية ومنذ بدء ربيع الثقافة عن عداوة متأصلة لكل ما هو ثقافي محاولا بكل الوسائل عرقلة أي نشاط ثقافي من منطلق مفهوم التحريم، وقد رأينا مثل هذه الأزمة أزمات مماثلة في السابق عندما هوجمت الشيخة مي بقسوة مدعومة من نواب التيارات السياسية. ففي كل مناسبة ثقافية تعتزم الشيخة مي تنظيمها تقابل من قبل التيارات الدينية بالإساءة، مع انها كانت تعمل كل ما في وسعها لخدمة هذا البلد وأهله من بوابة الثقافة، ويتواصل اليوم هذا الجهد المنظم نفسه ضد الشيخة مي ليس لإحراجها وتشويه ما تقوم به من عمل ثقافي وفني راق وإنما لخنق أي جهد ثقافي وفني وجمالي في هذا البلد، وهذا الخنق يتزايد يوما بعد يوم وقد بلغ مداه في تلك الليلة التي حوصر فيها مركز الشيخ إبراهيم الثقافي بمدينة المحرق العريقة ورفعت فيه شعارات معادية للثقافة ومنددة بالوزيرة المحترمة، ولا ندري للأسف الشديد هل مثل هذا العمل بتلك الطريقة كان هو الأسلوب المناسب للتعبير عن الرؤى أم انه كان عملا استفزازيا لا داعي له وخصوصا ان النشاط الثقافي أهلي وفي مركز أهلي لا يلحق الضرر بأي أحد ولا يعرقل حياة الناس ولا يجبر الناس على حضوره ولا يسيء لأحد؟ فلماذا تلك الهجمة الشرسة غير المبررة ولماذا هذه العدوانية ضد هذا النشاط الثقافي الراقي؟ هل يعقل أن يحدث هذا في البحرين المعروفة بالتسامح والطيبة، وخصوصا أن البحرين منذ عشرات السنين هي ساحة للتسامح يستطيع الجميع أن يعبروا فيها بكل حرية عن أفكارهم وآرائهم وأن يمارسوا شعائرهم الدينية وأنشطتهم الثقافية والسياسية والاجتماعية بحرية تامة وفرها الدستور؟ فمادامت البحرين قادرة على أن تحتضن الجميع ويكون فيها مساحة للحرية وفيها مكان للأذواق المختلفة، ومادام الجميع يعبرون عن هذه الأذواق والاتجاهات وفقا للقانون ومن خلال احترام القانون ومن دون تجاوز له فإنه لا مبرر لكل تلك الزوبعة التي أثيرت تحت قبة بيت الشعب ولا داعي للتجمعات والمسيرات والاعتصامات لمعارضة نشاط ثقافي نظم وفق القانون وبموافقة الجهات الرسمية إلا إذا كنا نعيش في الغاب ونطبق قانون الغاب، كما انه لا شيء يمكن أن يبرر في بلادنا أن يتواجه النواب مع الوزيرة بتلك الصورة المشينة التي شهدنا وقائعها بسبب اختلاف في الرأي ونقاش كان يمكن أن يكون حضاريا وان يمر بهدوء، وأن تكون النفوس هادئة ومتسامحة.

الأمر المدهش غير المفهوم الذي لاحظناه هذا العام تحديدا أن بعض الاخوة النواب قد درجوا على التصعيد والاستفزاز للوزراء أحيانا من دون مبرر وأحيانا أن الموضوع حماسي، وقد رأينا جولات من التطاول الذي لا يعبر عن حالة سليمة فقوة النائب ليست أبدا في صراخه أو تطاوله على الوزراء بل القوة في إبداء الرأي بالمنطق والحجة الدامغة والحكمة والهدوء ووضع المصلحة العليا فوق كل اعتبار، بعيدا عن الاستفزاز والإثارة والبحث عن الشهرة المجانية والاستعراض المضحك أحيانا كالذي رأيناه من بعض أعضاء لجنة التحقيق في تمديد اليوم الدراسي، كذلك فإن إثارة قضايا من نوع مسرحية أو حفل عزف على البيانو أو حفل موسيقي أو أمسية ثقافية وعرضه على البرلمان كأنه موضوع مصيري وذو أولوية وطنية كبيرة، أيضا لا يتصف بالجدية في نظرنا، فالبلاد تعيش أزمة وتحتاج إلى تكاتف السلطتين التشريعية والتنفيذية لتجاوز الأوضاع والأوجاع، فالاقتصاد يمر بمرحلة صعبة وجماعات التأزيم تعمل على زعزعة الأمن في البلاد وتستمد الدعم من الخارج لتخريب البلاد والاقتصاد وتدمير الوحدة الوطنية، وكان الاولى بالمجلس الموقر أن يعي هذا الوضع وأن يترجم هذا الوضع في أسئلته وتحقيقاته بل إن ما يقوم به في مواجهة السلطة التنفيذية للاستعراض المكشوف الذي يدعو إلى الأسف، ولعل هذا الاستعراض هو الذي أوصلنا إلى هذه الأزمة التي تفجرت مؤخرا والتي نتمنى بكل صدق أن نتجاوزها من خلال تبادل الاعتذار من أجل مصلحة هذا البلد الطيب، وكما قال رئيس التحرير الأستاذ أنور عبدالرحمن: المطلوب تهدئة النفوس ولملمة الموضوع، لأن البلاد فيها ما يكفيها من أزمات ومشاكل وآلام.



.

نسخة للطباعة

رسالة مفتوحة إلى وزير خارجية الدنمارك

عزيزي السيد سوندال لقد تقدمت بطلب إلى حكومة البحرين بنقل المواطن البحريني عبدالهادي الخواجة إلى الدنما... [المزيد]

الأعداد السابقة