الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقال رئيس التحرير


رسالة مفتوحة إلى وزير خارجية الدنمارك

تاريخ النشر : الاثنين ٩ أبريل ٢٠١٢

أنور عبدالرحمن



عزيزي السيد سوندال
لقد تقدمت بطلب إلى حكومة البحرين بنقل المواطن البحريني عبدالهادي الخواجة إلى الدنمارك.
ولا شك أنك تعلم أن الخواجة أدانه قضاء البحرين وصدر عليه حكم لارتكابه جرائم خطرة بحق الدولة والمجتمع.
ولهذا، فأن تطلب أنت الآن الإفراج عنه، فمعنى ذلك أنك تتدخل في شأن محلي، وتتدخل بشكل سافر في عمل القضاء البحريني وأحكامه.
من المعروف أن السبب الذي استندت إليه في تبرير طلبك هذا هو أن الخواجة يحمل الجنسية الدنماركية. لكن عليك أن تتذكر انه أولا وأخيرا مواطن بحريني.
هل نفهم من طلبك هذا انه لو كان الخواجة قد ارتكب جرائم شبيهة في الدنمارك، كنتم ستقبلون تدخل البحرين وتقدمها بطلب شبيه بطلبك بإعادته إلى البحرين؟
الأمر المؤكد أن أي شخص يقبل حمل جنسية مزدوجة، يعرف سلفا ان معنى هذا أن عليه أن يخضع لقوانين وقضاء الدولة التي قبل حمل جنسيتها.
وحتى لو لم يكن الخواجة مواطنا بحرينيا، ويحمل الجنسية الدنماركية وحدها، وارتكب جريمة في البحرين، فإنه يجب أن يخضع لقانون الدولة التي ارتكب جريمته على أرضها، وينفذ العقاب الذي تحكم به المحكمة.
ما فعله الخواجة هو أمر اختاره بمحض إرادته، وعلى أمل أن يلفت إليه أنظار العالم الخارجي. لكن هل معنى هذا انه إذا أقدم كل شخص محكوم عليه في جريمة على الإضراب عن الطعام، يجب على المجتمع الدولي أن يتدخل ويطلب الإفراج عنه؟
إذا حدث هذا، فأي معنى يبقى بعد ذلك للقانون؟ وأي قيمة سوف تبقى لإجراءات الدول لإقرار الأمن والنظام العام؟
وسلطات السجن المسئولة في البحرين تعتني بالخواجة إلى أقصى حد، وتوفر له، مثله مثل أي نزيل، كل سبل الرعاية والاحترام لحقوقه الإنسانية، في الوقت الذي يرد فيه دينه إلى المجتمع الذي أجرم في حقه.
وإذا كان على هذه الدولة أن تخضع للضغوط وتفرط في قوانينها وفي أحكام قضائها بسبب الجنسية المزدوجة أو بسبب الإضراب عن الطعام، فسوف يكون من الأفضل حينئذ إلغاء النظام القضائي برمته، إذ لن يصبح لوجوده معنى.
ان القوانين في كل الدول توضع لا لكي يتم انتهاكها وتجاوزها، لكن لكي يتم احترامها وتطبيقها على من يرتكب أي جريمة بحق المجتمع والدولة.
ونحن نعتقد ان شخصا محترما متعلما مثلك، يجب أن يكون على وعي تام بأن طلبك هذا لا يمكن أن يقبل به أي بلد متحضر، ولا أي حكومة يهمها أمر أمن واستقرار بلدها وشعبها.
حقيقة الأمر أن طلبك هذا هو طلب مستحيل ومرفوض جملة وتفصيلا وفقا لأي معيار أخلاقي أو قانوني أو سياسي.
ودعني أُنهي رسالتي المفتوحة هذه إليك بمقولة للزعيم الإصلاحي الشهير مارتن لوثر كنج، قال: «إن الأخلاق لا يمكن تقنينها، لكن السلوك يمكن تنظيمه وضبطه. والأحكام القضائية قد لا تغير القلوب، لكنها يمكن أن تردع من لا قلوب لهم».
وإننا نأمل مخلصين أن تدرس بعناية قضية هذا الشخص الذي تطالب بالإفراج عنه وتصرفاته. وإذا فعلت هذا بشكل محايد ونزيه، فلسوف تكتشف حتما أنك بطلبك هذا قد جانبك الصواب وابتعدت عن الحقيقة كثيرا جدا.