بين السطور
سيحرقون الجميع
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٠ أبريل ٢٠١٢
صلاح عبيد
نشرت وكالة أنباء (يونايتد برس إنترناشيونال) العالمية يوم السبت الماضي تصريحا لرئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما الروسي (أليكسي بوشكوف) قال فيه: «إن إيران تستخف بمخاطر السيناريو العسكري لمواجهة مشاكلها، وتكرر الخطأ الذي ارتكبه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين من قبل». ونقلت الوكالة عن وسائل إعلام روسية تصريح (بوشكوف) الذي أدلى به خلال مشاركته في طاولة مستديرة أقيمت في مجلس الدوما بعنوان: (المسألة الإيرانية والسياسة الخارجية لروسيا) والذي قال فيه أيضا إن «افتراض امتلاك إيران برنامجا نوويا واسعا لا يترك لأي خبير فرصة تصديق الحجة القائلة إن الضربات العسكرية ضد المنشآت النووية ستضع حدا لهذا البرنامج، إذ يعتقد الخبراء أنهم سيعلقونه نحو ثلاث سنوات ومن ثم تعود إليه إيران لاحقا. لكنه لفت إلى أنه يتم التعامل مع المشكلة في مراكز في الولايات المتحدة وإسرائيل لا تريد أن تستأنف إيران أبدا هذا البرنامج في حال كان موجودا. وذكر أنه بعد الضربات الجوية ــ في حال تنفيذها ــ ستخضع إيران أو جزء من أراضيها لاحتلال في عملية برية بغية تدمير هذا البرنامج، أو سنرى إيران تعرضت للقصف وباتت مصممة على الرد.
وأضاف أن الجراحة التجميلية التي يستعد لها الرأي العام قد تتدهور إلى حرب إقليمية واسعة النطاق. لكنه رأى أن أمريكا تعي هذا التهديد، والتهديد جديّ بما يكفي، وإلا فلن يكون هناك أي دليل على أنه سيتم تحقيق أهداف الضربة الجوية. وأضاف أن إيران لم تعِ هذا التهديد بشكل كامل، وتكرر الخطأ الذي ارتكبه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عندما ألمح للعالم بأنه يمتلك أسلحة دمار شامل، وتلاعب بالمجموعات الموجودة في أمريكا ودفعها إلى دراسة التهديد المتأتي من العراق» انتهى.
أقول: يؤكد جميع الخبراء المنصفين الذين لا يريدون لمنطقة الخليج العربي أن تواجه حروبا مدمرة جديدة أن السياسة الإيرانية التي يتبناها (نظام الملالي) الحاكم في ذلك البلد ستؤدي إلى كارثة محققة تهوي بدول المنطقة إلى خراب واسع النطاق، إذ أنها تنزلق بإيران وبجميع دول الخليج العربية بل وبالعالم أجمع إلى مواجهة عسكرية مدمرة في هذه المنطقة من العالم تقضي على كل منجزات دول الخليج وإيران في جميع المجالات الحضارية، وتعود بالمنطقة عقودا طويلة إلى الوراء، وتطلق العنان للفوضى السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية والمذهبية والطائفية والإثنية لتمزق المنطقة إلى دويلات و(كانتونات) متناحرة تصبح الحياة فيها ضربا من المجازفة المحفوفة بالمخاطر الجسيمة، والمستفيد الأول من هذا كله بالطبع هي الدول الكبرى المهيمنة على العالم والتي سترث خيرات المنطقة وتنهب ثرواتها وتقضي على كل أمل لهذه الأمة في النهوض الحضاري عبر تغذية أسباب النزاع بين أطرافها المتصارعة.
إيران لا تكرر أخطاء صدام حسين فحسب، بل ترتكب أخطاء أشد خطورة، ستكون هي أول ضحاياها، وستدفع كل شعوب المنطقة ثمنها الفادح جدا.
إذا كان حكام إيران يظنون أنهم سيحققون نصرا سياسيا أو عسكريا أو طائفيا على جيرانهم العرب الخليجيين من دون أن يدفعوا ثمنا لذلك فإنهم واهمون، وإذا كانوا يظنون أن مشاريعهم الرامية لامتلاك سلاح نووي أو أن الدعم الذي يلاقونه اليوم من موسكو أو بكين يعني أنهم في مأمن من أي ضربة عسكرية مدمرة تنفذها ضدهم حليفتهم الخفية (أمريكا) المتلونة بوجهين فإنهم يرتكبون أفدح خطأ استراتيجي في تاريخهم الذي يوشك أن يطوي آخر صفحاته في القريب العاجل.. فهل يعي ساسة إيران هذا أم سيستمرون في اللعب بالنار إلى أن تحرقهم وتحرق شعبهم وبلادهم وكل جيرانهم؟!
salah_fouad@hotmail.com