شرق و غرب
مروان البرغوثي.. الأمل الفلسطيني
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٠ أبريل ٢٠١٢
أحيا الشعب الفلسطيني يوم الأرض يوم 30 مارس 2012 وقد أحيا المناضل مروان البرغوثي هذه الذكرى من وراء قضبان السجن فأصدر بيانا حث فيه الفلسطينيين على إطلاق حملة للمقاومة الشعبية ضد الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية. يقبع الزعيم الفلسطيني مروان البرغوثي ؟ الذي يتمتع بشعبية جارفة ؟ في زنزانة انفرادية. من الخطأ الجسيم تجاهل التحذير الذي أطلقة مروان البرغوثي إذ ان ذلك قد يعود بعواقب وخيمة على قضية السلام في الشرق الأوسط.
لقد وجهت صحيفة هاآرتس الاسرائيلية ؟ التي تعتبر من أكبر الصحف الاسرائيلية - انتقادات لاذعة لمروان البرغوثي حيث انها كتبت في مقالها الافتتاحي تقول:
«نحن نفهمه، فلو كانت إسرائيل ترغب في إبرام اتفاق مع الفلسطينيين لكانت قد أطلقت سراحه من السجن، فمروان البرغوثي يعد من أكثر الزعماء الفلسطينيين الذين خرجتهم حركة فتح شعبية كما أنه من القادة الفلسطينيين القلائل الذين يستطيعون قيادة شعبهم إلى القبول باتفاق مع إسرائيل».
يبلغ مروان البرغوثي الآن الثالثة والخمسين من عمره وهو يتمتع بنفوذ واسع وقدرة كبيرة على التأثير في الشارع الفلسطيني رغم قامته القصيرة. ولد مروان البرغوثي في الضفة الغربية وقد انخرط منذ شبابه في النضال من أجل الحقوق الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الاستيطاني الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية. التحق مروان البرغوثي بحركة فتح وهو لم يتعد الخامسة عشرة وعندما أدرك الثامنة عشرة من عمره اعتقلته السلطات الاسرائيلية بتهمة انتمائه إلى التنظيمات المسلحة الفلسطينية التي تكافح ضد الاحتلال. يتحدث مروان البرغوثي العبرية بطلاقة تامة بعد أن أتقن تعلمها في السجن.
في سنة 1987، كان مروان البرغوثي من قادة الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت ضد الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، أدت الانتفاضة الفلسطينية الأولى إلى مقتل ألف ومائة فلسطيني و164 اسرائيليا.
في سنة 1998 حصل مروان البرغوثي على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة بيرزيت وهو متزوج من فدوى ابراهيم وهي محامية ومدافعة مستميتة عن حقوق الشعب الفلسطيني.
وينظر إلى خصال مروان البرغوثي القيادية وشعبيته على أنها كانت القوة الدافعة للانتفاضة الفلسطينية السابقة ضد الاحتلال الاسرائيلي التي انطلقت اواخر عام 2000 ودامت خمس سنوات كاملة.
وقال مروان البرغوثي في بيان أصدره من وراء قضبان السجن الانفرادي في إسرائيل بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لاعتقاله وتزامنا مع يوم الأرض: «إن اطلاق مقاومة شعبية واسعة النطاق في هذه المرحلة يخدم قضية شعبنا».
دعا مروان البرغوثي إلى وقف كل اشكال التنسيق مع الاحتلال امنيا واقتصاديا وفي المجالات كافة، الامر الذي من شأنه ان ينهي تعايشا غلب عليه التوتر لكنه متواصل بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية.
لعب مروان البرغوثي أيضا دورا محوريا في إشعال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، التي عرفت أيضا باسم انتفاضة الأقصى والتي تفجرت عقب الزيارة الاستفزازية التي قام بها رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق ارييل شارون لساحة المسجد الأقصى في مدينة القدس. بدأت الانتفاضة الفلسطينية الثانية يوم 28 سبتمبر 2000 وانتهت في بحر من الدماء سنة 2005 وقد أسفرت عن مقتل 5500 فلسطيني إضافة إلى 1100 إسرائيلي و64 من الأجانب. اعتقل مروان البرغوثي إبان الانتفاضة الفلسطينية وقد تم ترحيله إلى الأردن المجاور حيث أمضى سبع سنوات إلى أن سمح له بالعودة بعد توقيع اتفاقيات أوسلو سنة .1993
تنامت خيبة الأمل بعد فشل اتفاقيات أوسلو. عندها أصبح مروان البرغوثي ينادي بتصعيد الانتفاضة الفلسطينية ضد إسرائيل. في شهر نوفمبر 2000 قال مروان البرغوثي: «لقد جربنا سبع سنوات انتفاضة من دون مفاوضات ثم سبع سنوات من المفاوضات من دون انتفاضة، ربما حان الوقت الآن كي نجرب الاثنتين معا». في سنة 2002 كتب مروان يقول في الواشنطون بوست: «إن عدم شعور إسرائيل بالأمن نابع من انعدام حرية الشعب الفلسطيني. لن تعرف إسرائيل الأمن إلا بعد زوال الاحتلال وليس قبله».
يعرف مروان البرغوثي بصدقه ونزاهته ودماثة أخلاقه. لهذا السبب فقد اختلف كثيرا مع ياسر عرفات، بل إنه اتهم ياسر عرفات وحركة فتح معه بالفساد، كما اتهم أجهزة الأمن التابعة لأبي عمار بانتهاك حقوق الانسان. يحظى مروان البرغوثي أيضا باحترام كل الفصائل الفلسطينية.
دعا القيادي السجين إلى مقاطعة شاملة للمنتجات والبضائع الاسرائيلية رسميا وشعبيا، وتوجيه دعوة رسمية فلسطينية لفرض عقوبات ومقاطعة سياسية واقتصادية ودبلوماسية شعبية ورسمية على اسرائيل ودعوة الدول العربية والاسلامية والدول الصديقة إلى مقاطعتها والعمل على عزلها بصورة كلية ومقاومة ورفض كل اشكال التطبيع مع الاحتلال.
لم يخف مروان البرغوثي أبدا مناهضته للاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. ردا على اتهامه بالإرهاب قال مروان البرغوثي: «أنا لست إرهابيا كما أنني لست من دعاة المهادنة. أنا شخص عادي من الشارع الفلسطيني وأطالب فقط بما ينادي به كل إنسان يعيش تحت القمع.. أنا لا أسعى إلى تدمير إسرائيل بل إنني أناضل فقد من أجل إنهاء الاحتلال الاسرائيلي لبلادي».
بعد أن صدر الحكم بسجن مروان البرغوثي كتب ناشط السلام الإسرائيلي أوري أفنيري يقول: «لقد كانت المحاكمة مهزلة ولم تتوافر فيها شروط القضاء العادل البتة».
يظل مروان البرغوثي يمثل أفضل فرصة للسلام في منطقة الشرق الأوسط. لقد كتبت صحيفة هاآرتس تقول مؤخرا: «يجب أن نستمع إليه ونسمع أفكاره قبل أن يفوت الأوان، فإذا ما اندلعت انتفاضة فلسطينية ثالثة فإن إسرائيل لن يمكنها الادعاء بأنها فوجئت بالأمر. لقد حذرنا مروان البرغوثي».
* حائز درجة الدكتوراه وفائز مناصفة بجائزة النادي الأمريكي لصحافة ما وراء البحار، كما أنه يعمل مراسلا لمجلة «ميدل إيست تايمز انترناشيونال».