مصارحات
أسطورة وفاء لن ينساها تاريخ الوطن
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٠ أبريل ٢٠١٢
إبراهيم الشيخ
ستظلّ هذه الحكاية عالقة في أذهاننا، وستبقى ذكراها ترسم في مخيلتنا تفاؤلاً وفخراً بالإنسان البحريني الرائع، وسيظلّ صداها يتردّد: حتى متى التهميش يا وطن؟!
قبل عام تقريبا، تآمرت فئات لشلّ التعليم وحرمان أبنائنا منه، تورّط في ذلك الحراك من خلط قداسة العلم بالحراك الطائفي حينذاك، ليشوّهوا صورة وطن تأسّس على التسامح والتعايش النقيّ بين أبنائه، ولكن كان للبعض رأي آخر؟!
قرّروا الامتناع عن التدريس ظنّاً منهم أنّهم سيكسرون ظهر الدولة بتلك الحركة، ليفاجأوا بما يقارب ستة آلاف وثلاثمائة رجل وامرأة توجّهوا إلى المدارس وإلى وزارة التربية والتعليم، نذروا أنفسهم لسدّ تلك الثغرة، ليسطّروا ملحمة في الوفاء لهذا الوطن، ولم يكتفوا بذلك، بل وقّعوا على تعهّد بأنّ ما يقومون به هو «عمل تطوّعي» و«ليس لهم حقّ المطالبة بأيّ مقابل» نظير قيامهم بذلك العمل!
تلك الكتيبة الوطنية الرائعة، التي كانت سدّاً منيعاً في وجه من حاول تسييس التعليم، اجتمع فيها المرأة كبيرة السنّ والرجل المتقاعد، اجتمعت فيها الجاليات التي عاشت في البحرين وأحبّتها كوطنها الأصلي، كما اجتمع فيها خريجون وخريجات، أخرجتهم لنا الأحداث، كانوا مهمّشين في وطنهم، لا أحد ينادي بحقوقهم، لأنّ الدكاكين الحقوقية البائسة عندنا، تحوّلت لبازارات طائفية ومذهبية، لا ترفع صوتها إلاّ بحسب المذهب والطائفة!
قد تفاجأون، وقد تنصدمون أنّ تلك الأزمة قد أخرجت من بين ظهرانيها، أكثر من أربعة آلاف عاطل وعاطلة عن العمل، جميعهم من طائفة واحدة، يحملون شهادات جامعية!! كانوا مهمّشين في وطنهم، ولم يعلم بهم أحد، لأنّهم لم يخرّبوا ولم يحرقوا ولم يفسدوا في الأرض، ومع ذلك كان التأمين ضدّ التعطّل بعيداً عنهم بشروطه التعجيزية التي تطولهم لوحدهم لا غير؟!
تلك الكتيبة التي سَندت الوطن في عزّ الأزمة، حصل بعضهم على وظائف ثابتة بقرار حكيم من رئيس الوزراء، بينما هناك أعداد كبيرة منهم من الخرّيجين والخريجات الجامعيات، مازالوا على قائمة الإنتظار، على الدولة أن تكرمهم، فدورهم كان مشهودا، وعملهم كان محمودا.
تلك الحكاية الجميلة، وإن كانت مؤلمة في بعض تفاصيلها، فإنها تبعث على التفاؤل، كما ترسل إشارات بليغة، أنّ هذا الوطن عصيّ على من يريد التفرّد به واختطافه. عصيّ على من يريد احتكار خيارات الناس وفرضها عليهم بالعنف والتهديد والارتهان بالخارج.
برودكاست: قنابل في العكر، ماذا بعد؟! لننتظر بعد الفورمولا، ولو استخدم الإرهابيون الأسلحة النووية؟!