الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقال رئيس التحرير


واعيباه.. هذا ليس من شيم العرب!

تاريخ النشر : الثلاثاء ١٠ أبريل ٢٠١٢

أنور عبدالرحمن



إن تشريف رئيس الوزراء يوم أمس لمجلس النواب في زيارة ودّية كان مبادرة نابعة من نية صادقة ترنو إلى لمّ الشمل وتعزيز وحدة الصف الوطني استجابة لما تفرضه مقتضيات الوضع الراهن في البلاد الذي يتطلب كل جهد مخلص من أجل رأب الصدع واحتواء حالة الانقسام المشين بين أبناء الوطن الواحد.
ونحن نقول للسادة النواب الذين تقاعسوا عن الحضور إلى البرلمان أمس إن تصرفهم كان، من دون أي شك، خجلاً وحياء من التقاء رئيس الوزراء بعد أزمة الأسبوع الماضي في البرلمان.
ولكن على السادة النواب الذين تغيبوا أن يدركوا أن تصرفهم هذا ليس له نتيجة إلا زيادة الانقسام انقساماً والتشتت تشتتاً.
عليكم أن تدركوا أن خليفة بن سلمان هذا الإنسان الحكيم الذي لا يكل ولا يمل من قبول تحدي تحمّل المسئولية الوطنية، يبادر دائماً بحكمة وسعة صدر إلى احتواء أخطاء الآخرين وتطييب الخواطر في شدائد الظروف والمحن، كان الدافع الأساسي وراء زيارته للبرلمان هو التحاور معكم أيها النواب بهدف الخروج من الأزمة التي حدثت الأسبوع الماضي، وهو الرجل المهتم كثيرا بتقوية العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
والعجيب أنكم أيها النواب تدّعون دائما أنكم حريصون على العلاقة بين السلطتين والعمل على تعزيزها، ذلك أن المستفيد الأول من قوة هذه العلاقة هم المواطنون والشعب مصدر السلطات، والذي سيكون أول الرابحين لحصد ثمار التعاون المثمر بين الحكومة والبرلمان عندما تكون العلاقة بينهما تتسم بالتفاهم والتناغم والانسجام.
إن غيابكم أمس هو هروب من مواجهة الحقائق والواقع، وهو أمر لا يمكن أن يفسر إلا باعتباره تنصلا من تحمل المسئولية، وهذا ما لا يليق بكم وأنتم من ائتمنكم الشعب على أرفع مسئولية سياسية وهي المسئولية التشريعية في البرلمان.
ولمعلوماتكم، فإن ما جرى من وقائع مؤسفة تحت قبة البرلمان الأسبوع الماضي من مشاجرة بين النواب ووزيرة الثقافة لم يحظ باهتمام المواطنين، بل انهم اعتبروا أن مثل هذه الأمور يمكن أن تحدث في أي برلمان، وقد وقعت أحداث أشد إيلاما من قبل في البرلمان الهندي والبرلمان الياباني وكذلك في البرلمان الكوري الجنوبي.
كما حدث أمر مماثل من قبل في البرلمان الإيطالي قبل نحو عقدين من الزمن، وعلى ذلك فإن المشاجرات البرلمانية هي حقيقة برلمانية قابلة للتكرار، بل إنه حدث، غير مرة، تحت قبة هذا البرلمان ذاته.
أما عدم حضوركم، في حين أن رئيس الوزراء كان قاصداً مخاطبتكم والحوار معكم بهدف التهدئة وتنقية الأجواء، فهو أمر مشين لكم جميعاً وعيب كبير وتقصير فاضح أيضاً.
ونحن نسألكم الآن، ونحن نعرف أن كل واحد منكم يتشرف بحضور مجلس رئيس الوزراء، أسبوعيا، ما هو موقفكم من إحجامكم هذا عندما تلتقون سمو رئيس الوزراء في مجلسه مرة أخرى؟!
والحقيقة التي لابد أنكم تدركونها جيداً هي أن رئيس الوزراء لم يأتِ إلى مجلسكم من أجل مناقشة مشكلة بين الحكومة ومجلس النواب، وإنما جاء لكي يعاونكم ويحثكم على العودة إلى جادة الصواب، وفوق كل ذلك لكي يقول لكم إننا أبناء وطن واحد، وليس هناك بيت لا يحدث فيه بين الفينة والأخرى خلاف من نوع ما.
إننا إذ نكتب هذه الكلمات، فإن باعثنا هو إيضاح وإجلاء الحقائق أمام الرأي العام وجمهور الناخبين كي يكون بمقدورهم تقييم مستوى أداء نوابهم الذين صوتوا لهم من أجل دخول البرلمان ومنحوهم الثقة، ولكي يعرفوا أنكم في الشدائد والمواقف الكبرى تحجمون عن مواجهتها والتعامل معها بما يرقى إلى مستوى تحمل المسئولية.
فهل من اللياقة الأدبية والقيم الأخلاقية أن يأتي إليكم كبير القوم، وأنتم تعلمون بموعد زيارته، فيكون ردكم هو ألا تمكثوا في داركم كي تستقبلوا ضيفكم الكبير؟! إن هذا ليس من شيم العرب... ياعرب!
وختاماً نقول: لقد أسأتم كثيراً إلى الناخبين الذين منحوكم ثقتهم، وأسأتم أيضاً إلى أنفسكم، ونتمنى أن تدركوا أو تستدركوا ما فعلتم.