رسائل
مخاض الإسلاميين الجزائريين ينتظر الانتخابات التشريعية
تاريخ النشر : الخميس ١٢ أبريل ٢٠١٢
عقب تصاعد دور الحركات الإسلامية مؤخرًا في مصر وتونس والمغرب وليبيا، يكثر الحديث هذه الأيام في الجزائر حول إمكانية وصول الإسلاميين مجددًا إلى الحكم في الانتخابات النيابية المقبلة على غرار ما حدث في الجزائر في انتخابات 1991، التي ألغيت منعًا لوصول الجبهة الإسلامية للإنقاذ، حيث أفاد وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية أن الجزائر تمثل حالة استثنائية أمام صعود الأحزاب الإسلامية في بعض الدول العربية، مؤكدًا أن الأحزاب الإسلامية الجزائرية غير قادرة في رأيه على تحقيق فوز كبير في الانتخابات البرلمانية المتوقع إجراؤها في ابريل الحالي.
وعلى عكس ذلك توقع الأمين العام لحزب الإصلاح الإسلامي قادري ميلود فوز الإسلاميين في الانتخابات المقبلة بأغلبية برلمانية في حال إجراء انتخابات نزيهة وشفافة، محذرًا من أي إجراء قد تتخذه الحكومة الجزائرية لتزوير الانتخابات، وكذلك من مغبة تزوير الانتخابات لاحتمالات تسببه في اندلاع ثورة عارمة في ضوء وجود عدد من الاضطرابات في عدد من الولايات الجزائرية.
وكذلك كان رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى غداة اجتماع كوادر حزبه «التجمع الوطني الديمقراطي» مؤخرًا قد أكد أن فوز الإسلاميين في الانتخابات المقبلة يحتاج إلى معجزة، وأنه سيتصدى لكل من تسول له نفسه المساس باستقرار الجزائر أو العودة بها إلى الوراء وهو ما أدى إلى انتقادات واسعة تعرض لها أويحيى من جانب الأحزاب الإسلامية الجزائرية، واعتبروها مقلقة ومخيفة وتنم عن عقلية وثقافة التزوير الذي حدث في رأيها في الانتخابات النيابية السابقة في الجزائر.
الجدير بالذكر ان الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي حققت فوزًا ساحقًا في الجزائر عام 1991 تأسست في الثامن عشر من فبراير 1989 وفقًا للتعديل الدستوري والتعددية الحزبية اللذين فرضتهما الانتفاضة الشعبية في أكتوبر 1988، واعترفت الحكومة الجزائرية وقتها رسميا بالجبهة الإسلامية للإنقاذ في السادس من سبتمبر 1989، وكان يترأسها آنذاك الشيخ عباسي مدني وينوب عنه الشيخ علي بلحاج، وقد خاضت الجبهة الإسلامية أول انتخابات وفازت فيها بنتيجة ساحقة لكنها ألغيت فيما بعد، ومع إلغاء الانتخابات وقرار حل الجبهة وإعلان حالة الطوارئ في الجزائر آنذاك، أعلن الكثير من نشطاء الجبهة الجهاد ضد العسكريين وكونوا الجيش الإسلامي للإنقاذ ومرت الجزائر بفترة عصيبة من الاضطرابات الدموية أسفرت عن مائتي ألف قتيل وخسائر بمليارات الدولارات.
ويلفت مراقبون للشأن الجزائري أن الشارع الجزائري ينقسم مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية ما بين متفائل بصعود التيارات الإسلامية مثلما حدث في مصر وتونس والمغرب وأصوات أخرى مستبعدة تمامًا تكرار تجربة الربيع العربي في الجزائر استنادًا إلى أحداث التاريخ وما تعرضت له الجزائر في حقبة التسعينيات.
وقد نقلت دوائر إعلام عن مقربين إلى الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة أن الأحزاب السياسية الإسلامية ستحصل على نسبة تتراوح بين خمسة وثلاثين وأربعين بالمائة من الأصوات، وأطلق مؤخرًا مائة وثمانية وستون شخصية من التيار الإسلامي الجزائري بكل توجهاته مبادرة لتوحيد الأحزاب الإسلامية ضمن تحالف انتخابي من أجل الدخول بقائمة واحدة للفوز بالانتخابات التشريعية المقبلة.
وقالت قيادات إسلامية جزائرية إن الإسلاميين يؤيدون النظام البرلماني بدلاً من الرئاسي القائم حاليا، وستقوم بحملة للدعوة إلى تغيير الدستور، وأن النظام ليس جادا عندما يتحدث عن الإصلاحات السياسية ومازال يحكم البلاد كما كان يفعل سابقا.
وكان مراد مدلسي وزير الخارجية الجزائري قد أكد في تصريحات له مؤخرًا أن بلاده قد تعرف الربيع الإسلامي على غرار ما حدث في مصر وتونس وليبيا، لافتًا إلى أن النظام السياسي في الجزائر مفتوح، لكن يمنع استعمال الدين كسجل تجاري لأغراض انتخابية مستدلاً على ذلك بوجود حزب إسلامي في الحكومة منذ اثني عشر عامًا، مضيفًا أن الجزائر ترحب بصعود الإسلاميين للحكم في الدول العربية احترامًا لإرادة الشعوب العربية.
واتفق معه في الرأي المفكر محيي الدين عميمور مستبعدًا فوز الإسلاميين في الانتخابات مثلما حدث في تونس والمغرب لأسباب تتعلق في رأيه بعدم استعداد المواطن الجزائري لتكرار حقبة التسعينيات من جديد، مضيفًا إن الإسلاميين في الجزائر لم يقدموا إشارات مطمئنة للمواطنين وانقلبوا على الدستور عام 1991 بعكس الإسلاميين في تونس والمغرب الذين قدموا في رأيه إشارات مطمئنة للجميع.
وحذر مثقفون جزائريون من وصول الإسلاميين إلى سدة السلطة، معتبرين ذلك خطرًا على الجزائر، وأعلنت دوائر ثقافية رسمية في البلاد رفضها الشديد لوصول الإسلاميين إلى الحكم منوهة بأنها ستناضل من أجل عدم حدوث ذلك، وكان وزير الشئون الدينية والأوقاف الجزائري أبو عبدالله غلام الله قد استبعد وصول الإسلاميين إلى الحكم في الانتخابات المقبلة، وتحدث سمير بودينار رئيس مركز الدراسات الاجتماعية في مدينة وجدة المغربية عن التحديات الكبيرة التي تواجه النظام الجزائري مع تزايد الاحتجاجات في العديد من الدول العربية، مؤكدًا أن النخب الحاكمة في الجزائر ستضطر إلى القيام بتغيير حتمي في سياساتها الداخلية والخارجية.
وحللت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أسباب عدم لحاق الجزائر بركب الثورات العربية أو ما يعرف بثورات الربيع العربي لتجربة الجزائر الانتخابية في عقد التسعينيات وما أسفرت عنه من تدخل الجيش لمنع وصول الإسلاميين إلى الحكم وهو ما تسبب في سقوط مائتي ألف قتيل خلال حروب ونزاعات امتدت ستة أعوام، وانتقدت الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون التيارات الإسلامية لفشلها على حد تعبيرها في حقبة التسعينيات، لافتة إلى أن فوز التيارات الإسلامية في كل من تونس والمغرب جاء بمساعدة أطراف وقوى أجنبية.
يذكر أن دوائر صحفية بريطانية أرجعت أسباب إيواء الجزائر لأفراد من عائلة معمر القذافي إلى مخاوف أمنية دفين لدى النظام الجزائري من أن تحيي الثورة في ليبيا عنف الإسلاميين المتشددين في الجزائر.
وكالة الصحافة العربية