«جورج جالاوي».. حالة خاصة بين السياسيين البريطانيين
 تاريخ النشر : الجمعة ١٣ أبريل ٢٠١٢
مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية
مرة أخرى يصعد نجم السياسي البريطاني «جورج جالاوي» في سماء السياسة البريطانية - بعد عدة سنوات احتجب فيها عن العمل الرسمي العام من خلال عضويته في البرلمان البريطاني ؟ وذلك بتحقيقه نصرًا كاسحًا في الانتخابات الفرعية في دائرة غرب مدينة برادفورد بمقاطعة يوركشاير ليستعيد بذلك المنصب والدور اللذين فقدهما في عام ٢٠١٠ كواحد من أشد المعارضين للسياسة البريطانية التابعة للولايات المتحدة، التي ترتب عليها توريط بريطانيا في حروب في أفغانستان أو العراق، والتي ألحقت دمارًا هائلاً بهذه الدول وفي الوقت ذاته آذت سمعة بريطانيا وأهدرت الكثير من مواردها الاقتصادية (٤٥ مليار جنيه إسترليني) والبشرية ٤٧٤ قتيلاً غير مئات من الجرحى والآلاف ممن يعانون أمراضًا نفسية.
وفي واقع الأمر كان هذا الصعود لنجم «جالاوي» من جديد مفاجئًا للجميع، ولاسيما خصومه، بيد أن القريبين منه والعارفين لطبيعة شخصيته كانوا يدركون قدرته على قلب الطاولة على الجميع في أي لحظة، فهو شخصية تتسم بالإصرار والطموح، ومبادئه ثابتة لا تتغير، ويتمتع بقدرة فريدة على خوض المعارك السياسية والوصول فيها إلى أقصى مدى، فلا تنال خسارة عابرة من همته لأن لديه الثقة في قدرته على العودة من جديد. إن ما سبق ليس إطنابًا أو كيلاً للمديح في شخص «جالاوي»، بل إن تاريخ الرجل السياسي هو ما يؤكد كل ما سبق ويؤيده، فـ «جالاوي» كسياسي وبرلماني له تاريخ ربما يتفرد بكونه البرلماني الوحيد ؟ مع رئيس الوزراء السابق «وينستون تشرشل» بطل الحرب العالمية ؟ الذي نال عضوية البرلمان البريطاني ست دورات، كما فاز هو كـ «جالاوي» عن أربع دوائر انتخابية في إقليمين مختلفين بالمملكة المتحدة هما: إنجلترا واسكتلندا.
وما يزكي «جالاوي» ويدعم حضوره كسياسي هو دوره كواحد من أبرز السياسيين والبرلمانيين البريطانيين المدافعين عن القضايا العربية، فموقفه من القضية الفلسطينية معروف؛ إذ يعد من القلائل على الساحة السياسية البريطانية والأوروبية المطالبين باستعادة الشعب الفلسطيني حقوقه المغتصبة، ولا يفتأ يهاجم السياسة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد هذا الشعب (من قتل وتشريد واعتقال وحصار وعدوان مستمر) وكثيرًا ما تسببت تصريحاته في هذا الصدد في استهدافه من جانب خصومه المؤيدين للصهيونية العالمية، بل تسببت تحركاته المؤيدة والداعمة للفلسطينيين في اعتباره شخصًا غير مرغوب فيه من جانب بعض الدول.وإلى جانب موقفه الثابت من القضية الفلسطينية يعتبر موقف «جالاوي» الرافض والمدين لتورط بريطانيا في حربي أفغانستان والعراق من أكثر المواقف التي أثارت الكثير من الجدل بشأنه (هو شخصيًا) سواء داخل بريطانيا أو خارجها، فبسبب هجومه على سياسة حكومة «توني بلير» التي كان من نتاجها تدمير بلدين وسفك دماء مئات الآلاف من أبناء شعبيهما، صدر قرار من حزب العمال بطرده من الحزب، وشنت ضده صحيفة «ديلي تيليجراف» وغيرها من الصحف البريطانية حملة شرسة تتهمه بالخيانة وأنه من ضمن شخصيات كانت تحصل على أموال من «صدام حسين» رئيس النظام العراقي السابق (في إطار برنامج النفط مقابل الغذاء)، وبسبب هذا الاتهام، صدر قرار من الكونجرس الأمريكي باستدعائه للاستجواب أمامه، وهناك دافع عن موقفه وهاجم السياسة الأمريكية ليجد الأمريكيين أنفسهم في موقف المدان بدلاً من أن يحاسبوا «جالاوي» على موقفه.
لقد خرج «جالاوي» من معاركه منتصرًا على خصومه سياسيًا وقضائيًا.. سياسيًا حين نجح مع بعض الأعضاء العماليين في تأسيس حزب «الاحترام» عام ٢٠٠٤ كحزب جديد مختلف عن الأحزاب البريطانية التقليدية (يرفع شعار الاشتراكية والمساواة والسلام وحماية البيئة والمجتمع المحلي والعمل النقابي)، أما قضائيًا فقد حكم له القضاء البريطاني بتعويض كبير (١٥٠ ألف جنيه إسترليني) في مواجهة الصحف التي نالت من سمعته واتهمته بتلقي أموال من «صدام حسين».
وعلى ذلك لم يكن غريبًا أن يستعيد «جالاوي» موقعه من جديد، إذ من خلال دوره كقيادي في حزب الاحترام دخل انتخابات ٢٠٠٥ البرلمانية ونجح في الحصول على مقعد في مجلس العموم عن دائرة بثنال جرين وباو شرق لندن.. ولم يتوان خلال تلك الفترة عن متابعة مواقفه المعروفة في انتقاد سياسة الحكومة البريطانية والمساهمة في توجيه المزيد من الضغوط على رئيس الوزراء «توني بلير» حتى اضطر في النهاية إلى تقديم استقالته.
وربما كان فشل جالاوي في الاحتفاظ بمقعده البرلماني في انتخابات ٢٠١٠، حافزًا لإعادة بناء قاعدته الانتخابية من جديد، وهو أمر لم يكن من الصعب عليه، وخاصة أنه يحظى بجماهيرية وتأييد في أوساط العرب والمسلمين وأيضًا البريطانيين.. ومن هنا كان التحرك والاختيار للدائرة الانتخابية التي يمكن أن يحقق فيها النجاح الذي يستعيد به حضوره من جديد، فانتهز فرصة تقاعد النائبة العمالية «مارشا سينج» لأسباب صحية عن شغل مقعد دائرة غرب مدينة برادفورد (الذي يسيطر عليه حزب العمال منذ عام ١٩٧٤) وتقدم منافسًا مع آخرين من أجل الحصول على هذا المقعد في الانتخابات التي ظهرت نتيجتها في ٣٠ مارس الماضي.
كانت عودة «جالاوي» هذه المرة أكثر توهجًا لأنه نجح في اكتساح منافسيه في الانتخابات وبفارق كبير من الأصوات وصل إلى ١٠ آلاف صوت عن أقرب منافسيه؛ حيث حصل على ١٨,٣٤١ صوتًا وبنسبة ٥٦% من الأصوات، في حين حصل مرشح حزب العمال «عمران حسين» على ٨٢٠١ صوت، مقابل ٢٧٤٦ صوت لـ«جاك وايتلي» مرشح حزب المحافظين، و١٥٠٥ أصوات لــ«جانيت سندرلاند» مرشحة حزب الديمقراطيين الأحرار.
تلك النتيجة الكاسحة واللافتة حملت معها الكثير من الفاعلية على صعيد ردود الفعل، بالنظر إلى أنها لم تكن متوقعة من وجهة نظر الكثيرين، فــ «جالاوي» نفسه بدا كما لو كان غير مصدق لما حدث حتى انه وصف فوزه بهذه الانتخابات بأنه «الانتصار الأعظم في حياته»، بل انه شبه ما حدث في برادفورد على أنه يماثل ما حدث في بعض بلدان العالم العربي في إطار ما يسمى بــ «الربيع العربي» ليصبح هو الآخر «ربيع برادفورد»؛ لأن من شأنه تغيير الكثير من القناعات الثابتة في السياسة البريطانية.
فقد اعتبر «جالاوي» التصويت القوي لصالحه بمثابة «رفض كامل» للأحزاب الثلاثة الرئيسية التي تهيمن على النظام السياسي البريطاني.. وطالب حزب العمال بالتوقف عن تخيل أن الطبقة العاملة والفقراء لا خيار لهم سوى دعم العمال بسبب كراهيتهم للمحافظين أو شركائهم في الحكم من الديمقراطيين الأحرار.. وتمادى «جالاوي» في تقريعه للعمال ليرجع فشلهم إلى دعمهم للحروب الخارجية غير الشرعية والدموية والمكلفة، وخصوصا أن الناس في بريطانيا لم تعد تقبل بأن يكون لها دور في غزو واحتلال بلدان شعوب أخرى وإغراق هذه البلدان في بحور من الدم.
ولأن خصوم «جالاوي» أرجعوا ما حققه من إنجاز إلى اعتماده بالأساس على أصوات المسلمين والعرب في برادفورد، لذا انبرت «سلمى يعقوب» زعيمة حزب الاحترام لمواجهة هذا الادعاء ووصفته بأنه «متغطرس» ومجاف للحقيقة؛ حيث لفتت إلى أن حصول «جالاوي» على ٥٦% من جملة الأصوات يعني أن الجالية المسلمة لم تكن وحدها التي اختارته؛ حيث هناك الشباب وكبار السن من البريطانيين من كل الاتجاهات.. كما أن حزب الاحترام فاز بجدارة في كل أطراف دائرة برادفورد الانتخابية.
وفي الوقت الذي كان فوز «جالاوي» في برادفورد انتصارًا تاريخيًا له على المستوى الشخصي ويصب بصورة إيجابية في رصيد حزب الاحترام كحزب صاعد يبحث عن دور على الساحة السياسية البريطانية، فإنه في المقابل ينتقص من رصيد حزب العمال ويعبر عن المأزق الذي يواجهه الحزب في الوقت الحالي بسبب السياسات غير الرشيدة لزعيمه السابق «توني بلير» وتبعيته للسياسة الخارجية الأمريكية الفاشلة على الساحة الدولية التي لم ينجح خلفاؤه في علاج تأثيراتها السلبية على الحزب وعلى موقعه كثاني أكبر حزب في بريطانيا مع حزب المحافظين، وخاصة أنه ظل يسيطر على مقعد دائرة غرب برادفورد على مدى ٣٨ عامًا (أي منذ عام ١٩٧٤). فرئيس الحزب الحالي «إد ميليباند» وصف نتائج الانتخابات بأنها غير متوقعة، ولم يهون من أسباب الهزيمة التي نالها حزبه.. بل أكد شعوره بالإحباط لأنه كان يجب الفوز في هذه الانتخابات.. وفي إسقاط على دور الجالية الإسلامية ببرادفورد في فوز «جالاوي»، أوضح «ميليباند» ان أسباب فوز جالاوي تعود إلى اعتبارات محلية تخص دائرة برادفورد وأنه يجب على حزب العمال أن يتفهم ويعي الدروس من تلك التجربة.
وما بين زهو «جالاوي» بالانتصار والشعور بالخيبة والهزيمة من جانب حزب العمال جاء رد فعل الصحافة البريطانية معبرًا عن صدمتها بالنتيجة وحاملاً لمختلف أشكال النقد والهجوم الذي يتعدى التشكيك في مصداقية «جالاوي»؛ حيث انتقدت صحيفة التايمز في افتتاحيتها يوم ٣١/٣/٢٠١٢ مديحه لـ «صدام حسين» رغم ما ارتكبه من جرائم وفظائع في حق الشعب العراقي.
أيضًا شكك «جورج جرانت» في مقاله بالتليجراف يوم ٣١/٣/٢٠١٢ في حقيقة موقفه من القضايا العربية، وانتقد وصفه لفوزه في انتخابات برادفورد بأنها «ربيع برادفورد»؛ حيث يرى الكاتب أن هناك شكوكًا في تأييد شعب برادفورد لمواقف جالاوي تجاه قضايا الشرق الأوسط.
كذلك حاول الكاتب «رود ليدل» في مقاله بصنداي تايمز يوم ١/٤/٢٠١٢ النيل من «جالاوي» بالسخرية منه ومن فوزه حين وصفه بأنه «ليبرالي مثل جماعة حماس» ووصفه منطقة غرب برادفورد بـ«غرب كراتشي» كناية عن كثرة قاطنيها من المسلمين الآسيويين، فضلاً على انتقاده «جالاوي» لكثرة هجومه على كل ما هو يهودي وإمعانه في استخدام كلمة الصهيونية.
وإذا كانت هناك صحفًا اهتمت بالنيل من فوز «جالاوي»، فإن هناك صحفًا أخرى اهتمت بالبحث في أسباب هذا الفوز؛ فصحيفة أوبزرفر يوم ١/٤/٢٠١٢ حددت من ضمن الأسباب نجاحه في حث أبناء برادفورد وخاصة فئة الشباب على عدم التصويت لمرشح العمال كما كان يفعل أسلافهم في السابق، أيضًا نجح في استغلال حالة عدم الثقة والكراهية نحو الأحزاب السياسية الرئيسية بسبب سياساتها المتخبطة ومعاناة أغلبها من مشاكل فساد في التمويل.. بينما ساقت الإندبندنت يوم ١/٤/٢٠١٢ سببًا آخر يتمثل في انتقاده للبرلمان البريطاني لعدم اكتراثه بمصالح من هم خارج لندن وخاصة الموجودين في شمال إنجلترا.. في حين كان السبب الأهم هو ما أشار إليه مقال «طارق رمضان» في الجارديان يوم ٣٠/٣/٢٠١٢ فيما يخص تأييده للقضايا العربية، علاوة على مسه لقضايا محلية عاجلة، فالمضمون السياسي لحملة «جالاوي» ركز على الكوارث التي حدثت في العراق وأفغانستان؛ حيث طالب بمحاكمة «توني بلير» كمجرم حرب، ودعا إلى ضرورة انسحاب القوات البريطانية من أفغانستان من دون إبطاء، وانتقاده الحكومة وحزب العمال على خلفية التدابير التقشفية التي استهدفت الطبقة الأقل حظًا مثل الفقراء والعجزة، بالإضافة إلى مسألة الخصخصة الجديدة للتعليم والصحة والبريد.
وفي نفس السياق الذي يرجع نجاح «جالاوي» إلى تأييده للقضايا العربية؛ أشار «اندرو راونسلي» في الأوبزرفر يوم ١/٤/٢٠١٢، و«تيم رايمنت» في صانداي تايمز يوم ١/٤/٢٠١٢ إلى تصويت عدد هائل من المسلمين الغاضبين مما يحدث في العراق وأفغانستان لصالح «جالاوي» فضلاً على تركيز حملته الانتخابية على موقفه المناهض للحرب ودعمه لحقوق الشعب الفلسطيني.. وإن بدا «تيم رايمنت» منصفًا حين لفت إلى حصول جالاوي أيضًا على تأييد قطاع من البريطانيين البيض.
ومن جانب آخر كان لفضائح الفساد والأزمات التي تورطت فيها أحزاب رئيسية من ضمن أسباب فوز «جالاوي»؛ حيث نوه «جوناثان فريدلاند» في مقاله بالجارديان يوم ٣٠/٣/٢٠١٢ إلى فضيحة المال مقابل التواصل والحصول على المعلومات المتورطة فيها الحكومة الائتلافية الحالية، بالإضافة إلى فرض ضرائب غير مبررة وأزمة الوقود.
وبعيدا عن محاولات النيل من الفوز الذي حققه «جالاوي«، والتحليلات المختلفة التي تفسر أسباب هذا الفوز، فإن هذا الأخير في واقع الأمر يحمل العديد من الدلالات بالنسبة إلى مستقبل السياسة في بريطانيا سواء على المستوى الحزبي أو حتى بالنسبة إلى التوجهات الخارجية البريطانية.. ولعل من بين هذه الدلالات ما يلي:
- هذا الانتصار يفتح نقاشًا واسعًا على الساحة السياسية بالنسبة إلى أداء وسياسات الأحزاب السياسية التقليدية ورؤية المواطن والناخب البريطاني لمدى قدرة هذه الأحزاب على اتباع سياسات وتبني مواقف تعكس تفضيلاته في المرحلة الراهنة، ومن الواضح في ضوء النتائج الضعيفة للأحزاب الثلاثة الكبرى العمال والمحافظين والديمقراطيين الأحرار أن الناخب البريطاني لم تعد تروقه سياسات هذه الأحزاب لأنها باتت تعود عليه بالسلب، فتورط العمال في حربي أفغانستان والعراق واستمرار هذا التورط في ظل حكم المحافظين وشركائهم من الديمقراطيين الأحرار أصبح مرفوضًا من جانب قطاع كبير من البريطانيين بالنظر لما تسبب فيه من خسائر فادحة على المستويين الاقتصادي والبشري، كما أن السياسات الداخلية لهذه الأحزاب اقتصاديًا واجتماعيًا لم تكن بالرشادة المطلوبة ولم تعد بالنفع على المواطن العادي بل عادت عليه بالضرر.
- لما كان حزب العمال هو الخاسر الأكبر في «معركة برادفورد»، فإن مستقبل الحزب من وجهة نظر البعض بات على المحك بعد أن أصبح حزبًا ضعيفًا في المنافسة أمام الأحزاب الأخرى، فأداء الحزب في انتخابات برادفورد وعدم اكتراثه بالمنافسين استنادًا لتاريخه الطويل في الحفاظ على مقعد غرب المدينة يؤشر إلى وجود خلل في منظومة عمل الحزب، وهو ما يعني حاجته إلى إعادة تنظيم وإيجاد قيادة قوية قادرة على انتشاله من حالة التدهور التي يعانيها.
- انتصار «جالاوي» - أحد أبرز السياسيين البريطانيين والأوروبيين المؤيدين والداعمين للقضايا العربية - الذي جاء الإعلان عنه متزامنًا مع ذكرى الاحتفال بيوم الأرض وانطلاق مسيرة القدس الدولية في ٣٠/٣/ ٢٠١٢ بأكثر من ٦٠ دولة - يعطي إشارة أولية بأن قضايا الأمة العربية العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية أصبحت محل اهتمام شعبي دولي، وهو أمر باتت تعبر عنه في الوقت الراهن قوافل المتضامنين (والتي كان جالاوي واحدًا من منظميها كقافلة شريان الحياة «٣» إلى قطاع غزة) سواء البرية أو البحرية أو الجوية لكسر الجدار العنصري والحصار الإرهابي والاستيطان الاستعماري، كما تعبر عنه أيضًا مؤتمرات ومنتديات ومبادرات يحتشد فيها أحرار العالم، الأمر الذي جعل قادة إسرائيل يحذرون في غير مناسبة واحدة من وجود حركة عالمية تهدف إلى نزع الشرعية عن إسرائيل، وهي الحركة التي تدعي أجهزة استخباراتية إسرائيلية أن جورج «جالاوي» واحد من الذين يقفون وراءها.
- أن نجاح «جالاوي» في كل مرة يسعى خصومه إلى إسقاطه والتخلص منه بسبب تعريته لهم ولحقيقتهم أمام شعوبهم، يرجع إلى أنه نجح في الربط المباشر بين قضايا الحرية والعدل في بريطانيا وبينها على المستوى الدولي، فشعب يستعبد شعوبًا أخرى لا يمكن أن يكون شعبًا حرًا، كما أن ظلم بعض الحكومات لشعوب العالم هو امتداد للظلم الذي تمارسه في الداخل ضد طبقاتها الشعبية والوسطى.
- إعجاب «جالاوي» بثورات الربيع العربي التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، ووصفه ما حدث في برادفورد بأنه «ربيع برادفورد» كدليل على تغيير قناعات الناخبين في المدينة، ربما يعكس من ناحية أخرى رغبة«جالاوي» في حدوث ثورات ربيع في السياسات الغربية التي تجاوزها الزمن حيال العديد من قضايا الداخل والخارج، فهناك حاجة إلى تغيير النظرة السائدة في الغرب حيال الأقليات الإسلامية التي تعيش فيها، وكذلك فهم حقيقي للإسلام كدين يحض على التسامح ويرفض التطرف والعنف.. أيضًا هناك حاجة لإعادة النظر في المواقف الغربية حيال قضايا المنطقة العربية وأولها التخلي عن الانحياز لإسرائيل والعمل على إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، فالغرب وبريطانيا تحديدًا مسؤولان عن مأساة الشعب الفلسطيني حين أيدا ودعما إقامة الكيان الصهيوني في فلسطين، فضلاً على الحاجة كذلك إلى أنماط علاقات جديدة مع دول المنطقة تقوم على تبادل المصالح والمنافع بعيدًا عن التدخل في شؤونها والإضرار بها من خلال سياسات استئسادية لم تخلف لها سوى التدمير ونهب مواردها، وهي سياسات استعمارية كثيرًا ما هاجمها «جورج جالاوي»، كما هاجمها ويهاجمها كل داعمي العدالة والكرامة في هذا العالم.
.