حديث القلب
رفــض الخطــة
تاريخ النشر : الجمعة ١٣ أبريل ٢٠١٢
حامد عزة الصياد
ماذا نسمي سقوط 150 شهيدا سوريا في اليوم الواحد؟
برفض نظام الأسد خطة المبعوث الدولي والعربي «كوفي عنان» لوقف القتل في سوريا، انفجرت صدمة الرجل بغير تمهيد بالالتفاف حول التفسير الخاطئ لفهم نيات النظام، وكان على المبعوث الدولي أن يدرك أن ما طرحه من مبادرات لا يتطابق مع ما تخطط له الحركات الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وأصفهان لصالح إسرائيل، وذلك عن طريق نشر الخراب والدمار والفوضى في العالم العربي من المحيط إلى الخليج.
قوانين مبادرة «عنان» لا تقاس بمدى التزام نظام الأسد بها، لكن تقاس بالمصلحة الإسرائيلية في الحفاظ على جبهتها الشمالية هادئة مع هضبة الجولان، ولا يوجد ما هو أنسب لحراستها إلا هذا النظام، بما يفسر النفاق الأمريكي، والتردد الأوروبي، والتعنت الروسي، وما يدور بينهم من مواقف يتم إعدادها بالتنسيق مع حلفائهم بالمنطقة.
من هذه الصدمة التي صرح بها عنان، تبدو ثمة إشارات جديرة بالملاحظة:
الأولى: عندما اتجهت مبالغة النظام في قتل الشعب السوري وارتفاع حصيلة القتلى، كان متصورا أن تكون مهمة «عنان» هي أسرع وسيلة لحقن دماء السوريين، حيث سبقتها مهمات أكثر فشلا تزعمتها كل من تركيا وجامعة الدول العربية، ومن ثم تحققت لقوى النظام بعض الأهداف، جرى العرف على تسميتها الانتهاء من «مرحلة كسر العظم وإسقاط الدولة»، والثمن الذي دفعه الثوار في مقابل ذلك كان باهظا جدا من إزهاق الأرواح وحرق المدن وتهجير مئات الآلاف من السوريين على الحدود مع تركيا والأردن ولبنان.
الثانية: لا يمكن الاستطراد كثيرا فيما حدث من مجازر وحشية قام بها نظام الأسد قبل يومين من عشية انتهاء المهلة التي حددها «عنان» لوقف الأسد عملياته العسكرية، فيما بدا المبعوث مصدوما لما جرى في اللطامنة بحماة، وتل رفعت بحلب، وادلب، ودرعا وخربة غزالة، وريف دمشق، وأحياء كثيرة في العاصمة السورية، وحمص، ودير الزور، وما خلفته العمليات من دمار وإحراق البيوت وحصار المدن بالدبابات والجرافات وكاسحات الألغام واستخدام الطيران واستهداف المدنيين بالصواريخ والقنابل.
الثالثة: ما وراء الصورة الظاهرة من صدمة «عنان» عندما رأيناه مكفهر الوجه منذ ثلاثة أيام، هو ما نشاهده نفسه يوميا في خيبة الأمل من تصريحات «نبيل العربي» منذ ثلاثة أشهر وثرثرة كل ما صدر من نتائج عن مؤتمر أصدقاء سوريا في تونس، فقد كان متصورا بهذه الجهود أن يقترب الثوار في سوريا من محاولة الحسم في إسقاط النظام، لكن ما حدث دفع النظام إلى مزيد من القتل والإبادة.
الرابعة: رغم وجاهة ما صدر عن مؤتمر أصدقاء سوريا في اسطنبول، من اعتراف نحو 74 دولة بالمجلس الوطني ممثلا شرعيا للشعب السوري، فقد اتجهت سياسة النظام لضرب خطة «عنان» في مأساة لم يشهدها التاريخ إلا في عهد التتار عندما خان بن العلقمي الخليفة العباسي المستعصم بالله بالاتفاق مع هولاكو على دمار بغداد.
الخامسة: لهذه الأسباب وغيرها، لا أتوقع أن يكون المجلس الوطني الانتقالي في سوريا مسنودا بأساس، إن تم «تعويله» على ما ستسفر عنه قرارات مؤتمر باريس القادم، لكن ما تجب الإشارة إليه هو ضرورة البحث عن حلول عاجلة بتسليح الجيش السوري الحر لمجابهة بطش النظام.