الجريدة اليومية الأولى في البحرين


رسائل

الانتخابات الرئاسية المصرية وأبرز المرشحين في دائرة الجدل

انتقادات للإخوان المسلمين بسبب قرارهم بالترشح لانتخابات الرئاسة

تاريخ النشر : الجمعة ١٣ أبريل ٢٠١٢



في الثامن من ابريل اغلق باب الترشح للرئاسة المصرية قبل اقل من شهر على اجراء الانتخابات، لكن الجدل مستمر حول أبرز المرشحين للرئاسة حيث تحيط التهم والانتقادات بكل واحد منهم. في طليعة المتنافسين يبرز اسم خيرت الشاطر، مرشح الاخوان المسلمين الذي تعرض لانتقادات عدة اذ ان الاخوان كانوا قد تعهدوا في السابق بعدم خوض الانتخابات الرئاسية ليعودوا فيعدلوا عن رأيهم، مما أثار ريبة الكثيرين وجعل الشاطر في مرمى الانتقادات. اما المرشح الآخر، عمر سليمان، وهو شخصية استخباراتية رفيعة المستوى، فيؤخذ عليه انه من فلول نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك. هذا في حين واجه المرشح الاسلامي حازم ابواسماعيل معارضة لترشيحه بسبب الجدل حول جنسية والدته ، اما عمرو موسى، الامين العام السابق للجامعة الدول العربية ووزير الخارجية السابق في عهد مبارك فهو متهم بتزوير التأييدات الشعبية التي تدعم ترشحه، كما انه ايضاً يعد من شخصيات النظام السابق، وكذلك الحال مع المرشح احمد شفيق رئيس الحكومة السابق. هذا في حين يعاني عبد المنعم ابوالفتوح من مزاعم حصوله على الجنسية القطرية .
«اورينت برس» اعدت التقرير التالي عن المشهد الانتخابي في مصر:
مع بدء العد العكسي للانتخابات الرئاسية في مصر، اشتعلت المعارك الانتخابية بين المرشحين الخمس الابرز، وشهدت البلاد مفاجآت لم تكن في الحسبان أحاطت بالمرشحين كل على حدة. فبينما يمثل شبح جنسية والدة المرشح حازم أبوإسماعيل التهديد الأول لمسيرته نحو كرسي الرئاسة، يطارد الشبح نفسه نظيره عبد المنعم أبوالفتوح، الذي نفى نفياً قاطعاً حصوله على الجنسية القطرية، إلا أن وزارة الداخلية أكدت أن أبوالفتوح حمل جنسية هذا البلد منذ منتصف التسعينيات. وبعيداً عن الجنسيات، يواجه المرشح المستقل عمرو موسى اتهامات بالمسؤولية عن تزوير تأييدات شعبية لصالحه في محافظة الأقصر، وعلى الرغم من نفي موسى معرفته بذلك واستبعاده كل تأييدات المحافظة، فإن النائب العام أحال المسؤولين عن حملته بالمحافظة إلى المحاكمة.
في هذه الأثناء، يتهدد موقف مرشح جماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر بسبب وجود حكم قضائي ضده رغم حصوله على قرار عفو عام من المجلس العسكري، علما ان القانون المصري يحرم من حكم عليه بعقوبة جنائية من حق الانتخاب والترشح ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، والعفو لا يعني إلغاء الإدانة. كما ان الكثيرين يأخذون على الاخوان المسلمين تراجعهم عن قرارهم السابق بعدم خوض الانتخابات.
ريبة الناخبين
بدوره، يثير حازم صلاح أبوإسماعيل، المرشح السلفي الذي يتحدث عن الاقتداء بالنظام السياسي الديني في إيران، وعن إنهاء معاهدة السلام مع إسرائيل، ريبة الناخبين، كما ان شبهة حصول والدته على الجنسية الامريكية جعله مرشح للاستبعاد من خوض الانتخابات بحسب القانون المصري الذى ينص على ان يكون المرشح من أبوين بل وجدين مصريين أيضاً. وقد قامت تظاهرات نظمها انصاره تدعو إلى حقه بالترشح قبل أن يحكم القضاء لصالحه .
الى ذلك، يشعر الليبراليون والعَلمانيون بسخط عارم بسبب إقدام جماعة الإخوان المسلمين على تسمية خيرت الشاطر مرشحاً عنها للانتخابات الرئاسية. واستاء بعض أعضاء وقادة الإخوان من هذا القرار أيضاً لأنه يعتبر انقلاباً كاملاً على الموقف السابق بعدم المشاركة في السباق الانتخابي لاختيار خلف للرئيس حسني مبارك مما افقد الجماعة مصداقيتها امام الشعب المصري. لكن أكثر ما يثير الفضول، هو أن المسؤولين الأمريكيين لم يغضبوا من تغير موقف الإخوان بل إنهم متفائلون أيضاً بقرار سعيهم إلى الفوز بالرئاسة، حتى ان واشنطن استقبلت بعثات من الجماعة ورحبت بها جدا، كما أن مرشح الإخوان يتواصل بشكل دائم مع السفيرة الأمريكية آن باترسون وأن المسؤولين الأمريكيين أشادوا باعتداله وذكائه وبراعته.
استطلاع رأي
وخيرت الشاطر، هو مستثمر ومليونير ويعتبر رجلاً براغماتياً ومعاصراً. ولا شك أن جماعة الإخوان تعتبر خياراً بديلاً أفضل من السلفيين الأكثر تطرفاً الذين أصبحوا الورقة الصعبة في عالم السياسة المصرية بعد عهد مبارك.
وفي استطلاع اخير للرأي، حصد المرشح السلفي نحو 22 في المائة من الأصوات. في المقابل، حقق عضو آخر هو عبد المنعم أبو الفتوح ويعتبر أكثر نسبة متدنية جداً مقارنةً بأبوإسماعيل بلغت نحو 8 في المائة، وهو الذي طرد من الجماعة عندما قرر المشاركة في الانتخابات. كذلك، حصد إسلامي معتدل آخر، محمد سليم العوا، 4 في المائة من الأصوات فقط. أما المرشح الأوفر حظاً في استطلاع الرأي نفسه بنسبة 33 في المائة من الأصوات، فهو وزير الخارجية السابق في نظام مبارك عمرو موسى القومي العَلماني وهو لايزال يحظى بشعبية واسعة بسبب رفضه العلني للسلوك الإسرائيلي والأمريكي في الشرق الأوسط، ما أثار أحياناً استياء رئيسه مبارك في تلك الفترة. لكن أهم ما في الأمر هو أن استطلاع الرأي أثبت أن 58 في المائة من الناخبين يفضلون فوز مرشح إسلامي: إذا احتدمت المنافسة الانتخابية من دون مشاركة الشاطر، كما تشير أرقام استطلاع الرأي، فقد يتفوق السلفيون على غيرهم.
احتكار السلطة
وقد سبق أن تعهد الإخوان بعدم المشاركة في السباق الرئاسي لطمأنة الأطراف الأخرى التي ظهرت في المشهد السياسي بعد عهد مبارك إلى أنهم لن يحاولوا استغلال شعبيتهم من أجل احتكار السلطة. لكن ربما أدرك قادة الجماعة أن ذلك القرار يعني هزيمتهم وإهدار فوزهم الأخير في المنافسة السياسية الكبرى التي يخوضها الإخوان، ولا تتعلق تلك المنافسة بالعَلمانيين أو السلفيين بل بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
واعتبر الكثيرون في مصر أن قرار الإخوان يعبر عن ذعرهم ويشكل رداً على احتمال أن يستغل ضباط الجيش المصري الانتخابات للتفوق على أقوى منافسيهم السياسيين.
وبرأي المراقبين: «يظن الإخوان أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يحضر شيئاً ضدهم. ويخشى الإخوان أن تؤدي الانتخابات إلى فوز أحد المرشحين المقربين من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وبالتالي سيتكل المجلس على شرعية الرئيس المنتخب لإعادة بناء النظام السياسي عن طريق انتخابات برلمانية جديدة بهدف إضعاف الإخوان».
مع ذلك، لا يبدو أن جميع أعضاء الإخوان مقتنعون بهذا الكلام، فقد قيل إن التصويت في المكتب السياسي داخل حزب الحرية والعدالة كان منقسماً جدا عند اتخاذ قرار الترشح. حتى إن أحد أعضاء البرلمان من الحزب، محمد البلتاجي، استعمل صفحته على موقع الفيس بوك للتشكيك علناً بقرار تسمية مرشح عن الحزب، فحذر من أن هذا القرار «يسيء إلى الإخوان والأمة في ظل هذه الظروف لأنه يمنح جميع المسؤوليات إلى فئة واحدة». وهناك من يعتقد أن الأغلبية التي كسبتها جماعة الإخوان في المجلس التشريعي ستفقد قيمتها سريعاً إذا فشلت الجماعة في ضمان الفوز بالرئاسة وانحصرت المنافسة بين السلفيين ومرشح المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
بعيداً عن حسابات الطبقة السياسية، يبدو أن قاعدة الناخبين المؤيدين للإخوان المسلمين تحمسوا لقرار الترشح للرئاسة واعتبروا انه ما من خيارات أفضل على الساحة الآن. ثمة خيارات جيدة أخرى ولكنه الخيار الأفضل حتى الآن. فخيرت الشاطر هو رجل أعمال مهم وتثق به القيادة. وبرأيهم يمكنه أن يساعد مصر لتجاوز هذا الوضع الاقتصادي الصعب. علما ان الشاطر كان معتقلا في عهد حسني مبارك ويعتبره انصاره مناضلا سياسيا لكونه «اعتقل عشر مرات ورفض التزام الصمت في وجه الظلم الذي تحمله بقية المصريين خلال عهد مبارك ومن سبقوه».
نظراً إلى احتدام التنافس بين الجماعات الإسلامية واحتمال أن يسهم انضمام الشاطر إلى المنافسة في توحيد الناخبين العَلمانيين والقوميين لدعم شخصية مثل عمرو موسى، لا شك أن قرار الإخوان صعّب عملية توقع نتائج الانتخابات. إنها واحدة من أبرز سمات الديمقراطية!