الجريدة اليومية الأولى في البحرين


قضايا و آراء


لقد مللنا هذا التعدي الإجرامي

تاريخ النشر : السبت ١٤ أبريل ٢٠١٢



لقد مللنا ومل أهلنا ومل المواطن البحريني هذه اللعبة التي يراد لها أن تجعل من حياتنا سلسلة من الفوضى، المواطن يريد أن يعيش وأن يعمل وأن يدرس وأن يستمتع مع أسرته بالحياة، أما هؤلاء الذين ركبوا رؤوسهم وشجعهم التحريض الخارجي فإنهم لا يلتفتون إلينا ولا يهمهم أمرنا عشنا أو متنا، بل الأدهى والأمر انهم يتلذذون ويصابون بالفرح كلما سقطت ضحية وكلما احرقت دورية وكلما أحرقت حافلة عمومية يجدون في ذلك لذة ويرون في ذلك نضالا، وهو إرهاب وجريمة منظمة تجد من يساندها ومن يبررها من رجال الدين والسياسيين الذين يتكلمون عن الحقوق ويرددون بكل بجاحة كلمة السلمية.
لقد مللنا والله لقد مللنا هذه الوجوه المكفهرة، وهذه السخافة المتكررة يوميا، وهذه الجموع التي يتم جمعها احتفاليا لترديد الكلمات نفسها، والشعارات السطحية السخيفة عينها عن الحرية والديمقراطية وهم يعلمون أنهم كل يوم يعرضون الأطفال والمراهقين وكبار السن للخطر الداهم ويعرضون حياتهم واستقرارهم ومعاشهم وسفرهم وعلاجهم ودراستهم للتشويش والاضطراب تحت عنوان الديمقراطية، فأي ديمقراطية هذه ومن أين استجلبوها؟ وأي قيمة لها إذا كان مؤداها الحاق أفدح الأضرار بالمواطنين والمقيمين ومنعهم من أن يعيشوا حياتهم الكريمة الهادئة على وعود حرية مزيفة وديمقراطية مزعومة؟
لقد أصبح الواحد منا لا يهنأ بإجازته الأسبوعية فكل جمعة يحولونها إلى مناحة ويجدون لذة كبرى لو تحولت إلى جنازة، كل جمعة يحرصون على إحداث أكبر قدر من الاضرار بالاقتصاد الوطني وبالتجارة وبالصناعة وبالسياحة وبعابري السبيل.
لقد مللنا هذه الوجوه التي لا ترى في الوجود خيرا ولا في الأفق سلاما ولا في الدولة التي وفرت لهم أفضل سبل العيش أهمية، فأعطوني مثالا واحدا عن دولة شرقية أو غربية توفر لمواطنيها العمل والسكن والتعليم والصحة بالمجان أو شبه المجان، أعطوني دولة شرقية أو غربية لا تحمل مواطنيها ضرائب ولا أعباء إلا النزر القليل، أعطوني مثالا لدولة يعتدي «اللوفرية» والمراهقون على شرطتها ورجال أمنها بالمولوتوف ويحرقون سياراتها ويهددون حياة هؤلاء الرجال ولا تستخدم إطلاق النار ضدهم وتكتفي بأبسط الإجراءات المتعارف عليها دوليا.
لقد مللنا هؤلاء «الحقوقيين المزيفين الكاذبين» الذين يحملون عشرين جنسية وعشرين جواز سفر، تصوروا كل واحد من هؤلاء الحقوقيين في جيبه جواز من أمريكا وبريطانيا والدنمارك واستراليا ونيوزيلندا والسويد وإيران، هؤلاء الحقوقيون الذين يشعلون النار ويحرضون الناس على القتل والقتال يحملون جوازات مختلفة زرقاء وحمراء وخضراء ويعبرون بها من مطار إلى آخر يركضون في كل اتجاه، أما في البحرين فنجدهم في سترة وجدحفص وبني جمرة والدراز والمالكية والدير والديه وغيرها من المناطق يصرخون وينادون بحقوق الإنسان وهم الذين يحرضون على الذبح والقتل والحرق، فأناشدكم بالله هل رأيتم حقوقيا في العالم من هذا القبيل؟ الحقوقي هو الذي يدافع عن الإنسان وعن حقه في الحياة ويرفع صوته ضد الجرائم التي ترتكب في حقنا والجرائم اليومية التي ترتكب في حق القاطنين في هذا البلد الطيب وضد الفبركات والأكاذيب.
تخيلوا معي لحظة أن عبدالهادي الخواجة «طلع دنماركي» على سبيل المثال تخيلوا كل واحد من هؤلاء المحسوبين على الحقوقيين والسياسيين البحرينيين يتسلحون بالدول الأجنبية ليس لتعزيز الحرية والديمقراطية والسلامة وتدريب الناس على التسامح والمحبة والخير لهذا البلد، وإنما للتحريض والكراهية ولتبرير الاعتداءات على رجال الأمن وتعريض الأمن الوطني للخطر، فهل يحق لهؤلاء أن يسموا أنفسهم الحقوقيين؟
قل مللنا ومل هذا الشعب الطيب المظلوم جرائم هؤلاء الذين حولوا بلدي الجميل الهادئ الطيب المضياف إلى ساحة للفوضى، لقد حولوا هذا البلد الذي أقدم على أول تجربة ديمقراطية حقيقية في عهد الإصلاح السياسي الذي يقوده جلالة الملك إلى مكان للصراعات والأحقاد، لقد خربوا العلاقة بين أطياف الشعب وشوشوا عليها وقد كانت مضرب الأمثال ومحل إعجاب كل من يزور هذا البلد البحرين: بلد الأمن والأمان، بلد المحبة والوئام، حولها هؤلاء المجرمون الحقيقيون إلى ساحة للفوضى اليومية والخوف، فساكن الرفاع أصبح يخاف الذهاب إلى جدحفص أو سترة وساكن الدراز يتفادى الذهاب إلى الحد.
إذا كانت السلطة بحكم مسئوليتها الدستورية والقانونية مازالت صابرة تتحمل هذا الظلم والعدوان والتعدي عليها وعلى رموزها، فإننا كمواطنين لم نعد نحتمل هذا الاعتداء اليومي، ولم يعد بإمكاننا أن نحتمل أن يعتدى على حقنا في الحياة، وحرماننا من أشعة الشمس ومنعنا من التمتع بما في بلادنا من خير ومن جمال.
لقد مللنا نقولها بصراحة ولترتفع أصواتنا مع الخيرين: لقد مللنا هؤلاء الدجالين الذين أصموا آذاننا بأكاذيبهم المكشوفة ودعاياتهم المقلوبة وفبركاتهم التي لا يمكن أن يعقلها عاقل أو يقبلها المجنون، فقد مللنا وقد آن الأوان لننهي هذه المسرحية الهزلية القاسية التي خنقت البسمة في أفواهنا، وأصابتنا بالقرحة في قلوبنا، كيف لا ونحن نشعر بأن الفرح في وطننا يختنق ويموت في ظل هؤلاء الذين لا يسعدون إلا بحزننا ولا يفرحون إلا بضيقنا؟
لقد مللنا والله المعين.