الجريدة اليومية الأولى في البحرين


يوميات سياسية


الإمارات والعرب والعدوان الإيراني الأخير

تاريخ النشر : السبت ١٤ أبريل ٢٠١٢

السيد زهره



إقدام الرئيس الايراني نجاد على زيارة جزيرة ابوموسى الاماراتية المحتلة لا يمكن وصفه الا بأنها خطوة عدوانية ايرانية جديدة. هي خطوة عدوانية لا تستهدف الامارات وحدها وانما تستهدف كل دول مجلس التعاون والدول العربية.
هذه الخطوة العدوانية الايرانية تمثل, بداية كما اعلن وزير خارجية الامارات الشيخ عبدالله بن زايد, انتهاكا سافرا لسيادة الامارات . الجزر هي اراض اماراتية عربية محتلة، والزيارة انتهاك لسيادة الامارات على الجزر.
بالطبع، الزيارة في حد ذاتها لا تغير من الواقع شيئا، وليس لها أي قيمة فيما يتعلق بوضع الجزر كاراض اماراتية عربية محتلة.
لكن خطورة الزيارة تتمثل فيما تعبر عنه من عدوان ايراني سافر، ومن نوايا عدوانية تجاه كل الدول العربية.
نجاد بزيارته هذه اراد اعلان راية العداء صراحة للامارات ولكل الدول الخليجية العربية والدول العربية. هو يعلم تماما موقف الامارات من قضية الجزر المحتلة ويعلم اصرارها على تأكيد سيادتها على الجزر وعلى انهاء الاحتلال الايراني. وهو يعلم ان كل دول مجلس التعاون وكل الدول العربية بلا استثناء تؤيد موقف الامارات وسيادتها على الجزر بلا أي تحفظ. هذا موقف جماعي عربي معروف للجميع. ومعنى هذا ان نجاد بزيارته هذه أراد اعلان راية العداء لكل الدول العربية بلا استثناء.
واذا كانت الزيارة في حد ذاتها تمثل خطوة عدوانية سافرة، فان نجاد في التصريحات التي ادلى بها اثناء الزيارة كشف صراحة وبشكل مقيت عن كراهية شديدة لكل العرب، وعن عنصرية قبيحة، ولم يتورع عن توجيه التهديدات العدوانية صراحة الى كل العرب.
نجاد اتهم كل الدول العربية بأنها «لا تمتلك ثقافة ولا حضارة»، وهدد كل العرب بأنهم يواجهون «ايران الكبيرة والمقتدرة».
دعك من الجهل الذي كشف عنه نجاد بالتاريخ وبالحضارة حين يقول مثل هذا الكلام. المهم انه اسفر عن عنصريته وعنصرية نظام بلاده بهذا الشكل الفج، ورفع راية العداء صراحة لكل العرب.
من المفهوم ان نجاد بزيارته العدوانية وبكلامه العدائي العنصري على هذا النحو، يحاول ان يصور ايران كما لو كانت في اوج قوتها وكما لو كان بمقدورها ان تفعل ما تشاء في المنطقة. وهذا هروب من مواجهة الواقع الذي بات العالم كله يعلمه. والواقع ان ايران تمر بأزمة طاحنة على كل المستويات الداخلية والخارجية، ومشروعها الرامي الى تحقيق الهيمنة في المنطقة يتهاوى. ونجاد نفسه تآكلت سلطاته ومستقبله في مهب الريح.
لكن الذي يجب ان نتوقف عنده هنا هو هذا النوع من التفكير الايراني الذي عبرت عنه الزيارة وعبرت عنه تصريحات نجاد.
نعني ان النظام الايراني كلما اراد ان يداري ضعفه ويهرب من ازماته، وكلما اراد ان يقنع الشعب الايراني في الداخل بان النظام في موقع قوة، لا يجد سبيلا لذلك الا اظهار العداء للعرب، والكشف عن عنصريته القبيحة ونواياه العدوانية تجاه دول الخليج العربية بالذات.
الآن، بالنسبة إلينا في دول مجلس التعاون، وبالنسبة إلى الدول العربية بصفة عامة، فإن هذا العدوان الايراني الأخير، يأتي ليؤكد حقيقتين يجب الا يغيبا عن بالنا أبدا:
اولا: ان كل مزاعم ودعاوى ايران بانها حريصة على اقامة علاقات حسن جوار وتعاون، وبانها تحترم استقلال وسيادة دول الخليج العربية، او انها حريصة على امن واستقرار المنطقة، هي كلها دعاوى كاذبة فارغة.
حقيقة الأمر ان كل مواقف وسياسات ايران تجاه دول المنطقة ليس لها من هدف الا تقويض امن واستقرار هذه الدول، والتحريض الطائفي على نظم الحكم فيها. ويكفي هنا التآمر الايراني على البحرين ورعايتها السافرة لمحاولة الانقلاب الطائفي على النظام والدولة.
ثانيا: ان الخطر الايراني على دول الخليج العربية هو خطر داهم. هو خطر يهدد الاستقرار الداخلي في دول الخليج، ويهدد امن واستقرار المنطقة كلها.
وعلى ضوء كل هذا، فإن هذا العدوان الايراني الاخير الذي تمثل في زيارة نجاد لابوموسى، وفي تصريحاته العنصرية وتهديداته، يجب الا يمر من دون موقف خليجي عربي، وعربي عام، حاسم وحازم.
لا يكفي هنا مجرد اصدار بيانات الادانة لزيارة نجاد ومجرد التنديد بانتهاك سيادة الامارات.
اولا، آن الأون لأن تتصدر قضية جزر الامارات العربية المحتلة الاهتمام الخليجي العربي، والعربي العام.
كل الدول العربية يجب ان تدفع القضية الى واجهة الاهتمام العالمي، وان تصر على المطالبة بإحالة القضية الى التحكيم الدولي، بعد ان اكدت ايران مرارا انها ليست مستعدة على الاطلاق لحسم القضية عن طريق التفاوض.
وثانيا، آن الاوان لأن تبني دول الخليج العربية استراتيجيتها على اعتبار ايران دولة معادية لدول وشعوب المنطقة.
ايران لم تترك أي مجال للشك في انها دولة معادية.
ويترتب على هذا، وضع استراتيجية خليجية عربية لمواجهة الخطر الايراني كخطر استراتيجي بعيد المدى.
هذا بشكل عام. اما فيما يتعلق بالعدوان الايراني الاخير، فلا بد من رد عملي جماعي من دول الخليج العربية.
الاربعاء القادم سوف يجتمع وزراء خارجية دول مجلس التعاون لبحث القضية بناء على طلب الامارات.
المفروض ألا يكتفي هذا الاجتماع بمجرد اصدار بيان ادانة للخطوة العدوانية الايرانية. المفروض ان يتخذ خطوات عملية محددة في مواجهة ما فعله النظام الايراني، كي يدرك ان سيادة الامارات وكل دول مجلس التعاون هي خط احمر، وكي يدرك ان أي خطوة عدوانية مثل هذه لن تمر بلا رادع، وان دول الخليج العربية التي سخر منها نجاد قادرة على الدفاع عن سيادتها وعن مصالح دولها وشعوبها.