الرأي الثالث
درس ونصيحة «بومروان».. رحمه الله
تاريخ النشر : السبت ١٤ أبريل ٢٠١٢
محميد المحميد
حينما انضممت الى سلك التحكيم الكروي كانت أول محاضرة لنا كحكام مستجدين لكرة القدم للأستاذ الفاضل أحمد جاسم «بومروان» رحمه الله، وكانت أول نصيحة قدمها لنا أن من يريد أن يكون حكما متميزا فعليه بالثقافة الكروية والتحكيمية واللياقة البدنية والهدوء، وأمر آخر مهم هو «الصبر ثم الصبر ثم الصبر».. لم أكن أعلم لماذا ربط «بومروان» صفة الصبر بالتحكيم والتمييز الرياضي؟
بعد المحاضرة سألته عن سبب التأكيد لـ«الصبر» فقال: إن العمل في المجال الرياضي مثله مثل كل المجالات في الحياة، ومن يريد أن يتميز ويتألق في أي مجال فعليه بالعمل والمثابرة والصبر، لأن التحديات والمشكلات ستصادف أي إنسان يعمل في أي مجال كان، وسيواجه معوقات ومنعطفات، وعليه أن يصبر ويتعلم من الدروس لأنه يسير نحو هدف التميز في مجاله.
في الاجتماع الاسبوعي لحكام كرة القدم تعلمت من ملاحظات «بومروان» أمورا كثيرة في التحكيم الرياضي، تماما كما استفاد جميع الزملاء، وكان بومروان بمثابة ربان ونوخذة التحكيم والاتحاد الكروي البحريني، وكان ملاذ الجميع حينما تشتد المسائل وتتعقد الأمور الرياضية في الاتحاد ومع الأندية وحتى بين الحكام.
توطدت علاقتي مع «بومروان» في خارج نطاق المجال الرياضي، وكنت أحضر أسبوعيا في مجلسه العامر بحضور نخبة من كوكبة التحكيم الكروي في البحرين أمثال الأستاذ جاسم مندي ومحمد خلقون وأحمد الشروقي ويوسف شريف ويوسف محمد ومحمد تلفت، والزملاء الأفاضل مثل عبدالرحمن عبدالخالق وجاسم محمود وخليفة الدوسري وخالد خليل وخليفة إبراهيم وياسر تلفت ونواف شكرالله وزوج بنت بومروان الطيار راشد الزياني وغيرهم.
وكان للأستاذ أحمد جاسم الفضل الكبير حينما تم تعييني حكما دوليا لكرة القدم في كرة الصالات، وحينما قررت الابتعاد عن التحكيم لدواعي العمل والصحافة والدراسة الجامعية، استشرت «بومروان» في الأمر فأكد لي أنه يراني شخصا متميزا في أي مجال ينفع الوطن، وكما كنت متميزا في التحكيم الكروي فإنه واثق بأنني سأكون متميزا في أي مجال آخر في الوطن الكبير والعزيز.
فشكرت له نصيحته وإشادته، وأكدت له أنني مازلت أحفظ نصيحته التي سمعتها منه منذ خمس سنوات في أول محاضرة حينما كنت حكما مستجدا، ثم انقطعت علاقتي بالتحكيم الكروي وظلت علاقتي بجميع الأستاذة والزملاء، وكنت دائما ما ألتقي «بومروان» في المسجد، فقد كان محافظا على الصلاة وهو رجل فاضل وصاحب علاقات طيبة مع الجميع، ولم تمنعه المشاغل العديدة من التواصل والتواضع.
في العام الماضي حينما بلغني أنه أصيب بجلطة، تأكدت أنه سيتمكن من العودة والشفاء لأنه إنسان يدرك طبائع الأمور، ولديه من قوة الإرادة والإيمان الكثير، وهو صابر ومحتسب، وحينما أبلغني بالأمس الأخ العزيز عبدالرحمن عبدالخالق رئيس لجنة الحكام الحالي بأن «بومروان» قد انتقل إلى رحمة الله، حزنت كثيرا ولم أعرف ماذا أقول وماذا أكتب..؟
تذكرت النصيحة التي أسداها لي «بومروان» ذات يوم، وقد استفدت منها كثيرا، ورأيت من باب الأمانة والوفاء أن أنقلها الى أسرته الكريمة وأبنائه وبناته وعائلته ألا وهي الصبر ثم الصبر ثم الصبر، فلقد ترك لكم «بومروان» ذكرى عطرة طيبة خالدة، ونال احترام الجميع، رحمه الله رحمة واسعة.