مقالات
أبعاد الخطبة النجادية في الجزيرة الإماراتية
تاريخ النشر : الأحد ١٥ أبريل ٢٠١٢
لأن البحرين والإمارات كما الجفن للعين في صلتهما الوثيقة ببعضهما البعض وتأثرهما المشترك، فزعت البحرين كأول دولة خليجية لشقيقتها الامارات.. مستنكرة الزيارة غير المبررة التي قام بها الرئيس الايراني احمدي نجاد لجزيرة أبوموسى، والتي احتج عليها معالي وزير الخارجية الاماراتي سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، في تصريح اعتبرته الاوساط السياسية شديد اللهجة بعد فترة من الهدوء وسياسة ضبط النفس التي تتبعها الامارات في معالجة قضية احتلال جزرها الثلاث.
ـ ولكن ما هي اسباب رفض الزيارة؟
ان الرفض الاقليمي والخليجي لهذه الزيارة ينصب على ما يؤول اليه تفسير الرسائل الطنّانة التي وجهها الرئيس الايراني وهو معتل المنصة هناك، وما يكمن وراءها من غايات ومرام، فمن بين تلك الرسائل - بحسب ما نقلته وكالة انباء مهر الايرانية عن الرئيس - ان «الدول التي تحاول حاليا مصادرة اسم الخليج الفارسي لا تمتلك مطلقا ثقافة وحضارة كي تريد ان تقف في مواجهة ايران».
ثم قوله «العامل الثاني في تأكيد اسم الخليج الفارسي هو الدولة الحاكمة في تلك الفترة.. في العصور القديمة لم يكن هناك وجود لأي حكومة كبيرة في المنطقة مثل حكومة ايران, وكانت جميع الثقافات تحت سلطة حاكمية ايران, وعلى هذا الاساس تمت تسمية الخليج الفارسي».
لقد برهنت هذه الزيارة في بعدها السياسي ان إيران الشاه وايران نجاد هي نفسها تمضي في نسق واحد مستمر ومستدام. تغيّرت ألوانها السياسية ولم تتغيّر أهدافها وأعماقها، فكلاهما يصر على أدوار كبرى تتخطى الحدود والمقاييس المألوفة. وطموحات جامحة لتأكيد فرادة امبراطورية مضمونها قومي وظاهرها ديني مذهبي!
ـ ماذا عن اختيار هذا التوقيت تحديدا؟
اما عن اختيار هذا التوقيت بعد مضي اربعين عاما على احتلال الجزيرة، فذاك مآله إلى سياسة تصدير الازمات الداخلية التي تتبعها دوائر السياسة الايرانية، ولا سيما انها تواجه الآن ضغوطات مكثفة لرفع يدها عن مساعدة النظام السوري، والكشف عن حقيقة برنامجها النووي، وفُرضت عليها عقوبات اقتصادية أخسرتها كثيرا من عملائها المشترين لإنتاجها النفطي، ناهيك عن اقبالها على فترة انتخابية رئاسية جديدة ودعوات شعبية تطالبها بمزيد من الاصلاحات والحريات، عجزت عن تقديمها لسنوات، فتلجأ إلى إلهاء الشعب عن مساءلتها عبر إيهامه بوجود اخطار محدقة وقضايا قومية يشير اليها دائما الخطاب الرسمي الايراني بمصطلحات القوى الاستكبارية والإمبريالية وما إلى ذلك.
ـ الاهم، كيف يمكن للإمارات التعامل مع هذه الاستفزازات؟
الإمارات دأبت على التزام الصبر السياسي والحكمة الدبلوماسية ومراعاة حُسن الجوار في معالجة قضية الجزر المحتلة، وهذه الحكمة لا تعكس غبشا في الرؤى ورخاوة، بل على العكس تماما حكمة نادرة في مواجهة النزق السياسي الانفعالي، وتجنيب المنطقة ويلات وحروبا.
ويبقى لدى الامارات الخيارات اما الاستمرار في التفاوض او اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لإغلاق هذا الملف المفتوح منذ أربعين عاما. ومن ثم لجم كل الأفواه والأيادي المتطاولة على سيادات الدول الخليجية والعابثة في وحدة ومصائر شعوبها.
وايا كانت القرارات والحلول التي تهتدي اليها، فإننا في البحرين ندعو الله ان يحفظ الامارات وخليجنا العربي، آمنا مستقرا وموئلا دائما للشعوب المتحضرة.
للتواصل مع الكاتبة @wejdanjassim