الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أفق


كللا شيءٍ من أجل السلام، كلّ شيءٍ ضد الحرب والفاشية

تاريخ النشر : الأحد ١٥ أبريل ٢٠١٢

عبدالله خليفة



سينبع التوحدُ في مجتمعات الخليج والجزيرة العربية وإيران مما يجري من حراك داخل المذاهب الإسلامية والشخصيات والقوى الديمقراطية والوطنية والتقدمية.
إن الحراك السياسي الذي صار عالمياً يعبر عن الرسملة المتعددة الأشكال ويسحب الجماهير في كل البلدان للتصويت والمساهمة في الحكم ونقد وتغيير الظروف والعادات الاجتماعية وأحكام الفقه المحدودة الرؤية.
والعملية في المنطقة تغدو أكثر فأكثر إسلامية عربية إيرانية، مثلما هي عالمية، وكما تتقلص الرأسمالياتُ الحكوميةُ الشديدةُ المركزية تنمو الرأسمالياتُ الحرة بدرجاتٍ محدودة متفاوتة، وتتداخل الأممُ الفارسية والعربية والكردية والتركية والغربية والشرقية وتتصادم، وهذه التداخلاتُ المناطقيةُ العالمية هي كلها تجري في إطار الحداثة ذات المركز الغربي وحيث المراكز الشرقية القومية الكبرى تسهم في الحضور وتبدأ بالبروز وتصارع وتتغير.
إن الإرث الإسلامي كحاضنة أساسية للوعي الجماهيري هو الذي يقررُ العمليات السياسية الانتخابية ونقائضها كذلك، أي هو يستجيبُ لليبرالية والديمقراطية من جهة، ويُسخر أيضاً للدكتاتوريات ولنقص الإصلاح ومحدوديته وللسلبية عند الكثيرين المبعدين طويلاً عن المواطنة والمساهمة في الحياة السياسية الاقتصادية.
والخطورة الكبرى أنه قد يُستخدم للحروب وللفاشية العنصرية هذه الأم المجنونة للخراب.
إن هذه العمليات المناطقية الكبرى التي تجري من دون تخطيط هي فعل العفوية والتطورات الكبيرة الحادة التي تجري في كوكب الرسملة العنيفة، وتغدو الخطورة حين لا تُقرأ السببيات العميقةَ لعنفِ الرأسماليات الشمولية العسكرية الكبرى في إيران وروسيا والصين وتأثيراتها على المنطقة.
إن خطرَ الفاشية العسكرية وانفجاراتها الكارثية قد تكون قادمة فعلاً، وهي بحاجةٍ الآن إلى عودِ كبريتٍ واحد.
ولهذا فإن المساهمات السلمية والتوحيدية وجذب الشعوب كافة للسلام والأعمال الحضارية المتداخلة المشتركة هي على رأس الأولويات السياسية المفترضة من قبل الدول والأحزاب.
ولكن هذه لا تبدو على جدول أعمال العديد من هذه الدول والأحزاب، فغالباً ما تُوجه الأفكار نحو الجوانب الجزئية وإلى المصالح الاقتصادية المباشرة والأهداف الآنية الأنانية للأحزاب والقوى الاجتماعية والشخصيات القصيرة النظر، وإلى تسعير الخلافات المذهبية والقومية.
عندما كان خطر النازية يتصاعد في أوروبا والعالم، وكانت الستالينية راقدةً في العسف البيروقراطي، ظهر قائدٌ اسمه جورج ديمتروف البلغاري دعا في لحظة تاريخية كونية ومن داخل سجنه في ألمانيا هتلر المسعورة بالروح الحربية العدوانية وقمع المثقفين والأحزاب، إلى جبهة سلمية عريضة تجمعُ كلَّ الشعوب وتحاصر الحزب النازي قبل أن يحول هتلر مشروع الإبادة إلى برنامج يومي يدكلا به البلدان الأخرى.
مثل هذه اللغة التوحيدية الواسعة هي مطلوبة الآن لمجابهة الخطِر الإيراني كذلك، فلديه ترسانة هائلة من الأسلحة وحوله ميليشيات تتغذى كل يوم بالعصاب الفاشي.
لكن العرب النشطين في معارضة هذه السياسة يجابهونها بأشكالٍ عتيقة سطحية، ومن خلالِ قواقع طوائفِهم وبعض العنتريات يطلقونها موسمياً، وعدم اتخاذ سياسية مناطقية عالمية تحاصرُ الفاشيةَ المتصاعدةَ بجديةٍ تامة ومسئولية عالية ومن خلال بُعد نظر عربي إسلامي أممي.
وقد أعطتْ حوادثُ العراق والبحرين وسوريا ولبنان نماذج توضحُ وتدللُ بلغةٍ ساطعةٍ مخيفة إلى أي مدى من الممكن أن تقود التدخلاتُ وانتشارُ التفكك بين المسلمين والعرب والمواطنين والقوى السلمية والديمقراطية والشعوب والعالم ككل، إلى مذابح مروعة وحروب كارثية!
كما أعطت نماذج أخرى إلى أين تقود عمليات التوحد على مستوى شعوب المنطقة ودولها في وقف ووضع حدود لدكتاتوريات دموية.
إن التوجه للقوى الإسلامية والليبرالية والديمقراطية في إيران وخاصة ومساندتها بكل الأشكال المعنوية عبر برنامج مشترك لوضع حد لتصاعد الفاشية ومحاصرتها، وتُستخدم فيها أدوات المذاهب والثقافة والتاريخ المشترك والتعاون الإنساني والتأثير الإعلامي الواسع مثلما يتطلب ذلك النمو الديمقراطي في كل الدول، ويجري فيها كذلك حل مشكلات المواطنين الملحة في الفقر والبطالة والوجود الاجتماعي السياسي عامةً ويحدث التقاربُ الوطني وتُشرح الأبعاد الخطِرة السياسية الاجتماعية وليس المذهبية، وأن قنابل وصواريخ إيران لن تفرق بين الأديان والمذاهب والبشر والمدن، لن تفرق بين ساحل إيراني أو ساحل عربي، وبين أطفال أكراد أو أطفال عرب.
التركيزُ في الصراع الديني المذهبي القومي هو الخطر، فليس ما تواجههُ الشعوبُ هو صراعٌ مذهبي قومي، ولكن فاشيةً عسكريةً متصاعدة مُؤيَّدة من قبل أنظمةٍ رأسمالية حكومية شمولية خربةٍ من الداخل ومن جمهور مُخدَّر، ولهذا فإن السلامَ بحاجةٍ لكل الأصوات في كل الدول، لتغدو حملات واسعة تشل أيدي الأجهزة المُقدِمةِ للسلاح التقليدي وللسلاح النووي، وتوسع حضور الملايين في المنطقة وفي دول آسيا لرؤية المخاطر الجسيمة من نظام مسلح متدخل فاشي ليجري تمزيق قناعه الديني الزائف، ويُكتشف الوجه الحقيقي العنصري المعادي للبشر.
إن كشفَ هذا الوجه الحقيقي للجماهير المؤمنة المخدوعة، وتحريك إرادتها للتصويت والنضال ضده هي الجبهة الشعبية الجديدة ضد الحرب التي نادى بها جورج ديمتروف في كل لحظة خطِرة ينام فيها مسئولون وسياسيون حكوميون ومعارضون ويدغدغون الوحشَ العسكري بالتنازلات والهدايا من أجسام الدول والسكان.