قضايا و آراء
يا أستاذ عبدالرحمن.. أهل البحرين أدرى بشعابها!
تاريخ النشر : الأحد ١٥ أبريل ٢٠١٢
قرأت الرسالة المفتوحة التي كتبها الأستاذ عبدالرحمن ابن شيخنا العلامة يوسف القرضاوي الذي نعرف له فضله، ونقدره أعظم تقدير، ولانزال ننهل من علمه وفقهه، ونرجع إليه لمعرفة الكثير من أمور ديننا.
وإذ نشكر للأستاذ عبدالرحمن ابن شيخنا يوسف القرضاوي غيرته وحرصه الشديد على استقرار الأمن في مملكة البحرين إلا أننا كنا نرجو كما رجت الأستاذة سميرة رجب في ردها عليه أن يكون الأستاذ عبدالرحمن ابن شيخنا يوسف القرضاوي بيننا ويسمع منا ولا يعتمد على أجهزة التواصل الاجتماعي وعلى لقطات الفيديو ويجعلها هي مصدره الوحيد الذي لا يستدرك عليه، ولا يرد له شهادة، ونحن نعلم أن هذه الأجهزة رغم دقتها وما قدمته للبشرية من عطاء في التواصل الاجتماعي، وفي الرصد والمتابعة فانه من السهل اختراقها، واستغلالها أسوأ استغلال لقلب الحقائق، والترويج للأكاذيب.
ولو عاش الأستاذ عبدالرحمن ابن شيخنا يوسف القرضاوي بيننا أيام المحنة، ورأى بأم عينيه ما يجري على أرض الواقع لأدرك الحقائق من دون الحاجة إلى وسيط مشكوك في صدقه ونزاهته من كلا الطرفين.
فمجمع السلمانية الطبي تحول إلى ثكنة عسكرية، وتم تحويل غرفه إلى مصدر للبيانات العسكرية، ومخازن للسلاح، كما تم تحويل سيارات الإسعاف التي خصصت لنقل الحالات الخطرة إلى المجمع لتلقي العلاج، تم تحويلها إلى سيارات لنقل الأسرى الآسيويين العاملين في مملكة البحرين، الذين يقبض عليهم عشوائيا، ويعاملون أسوأ معاملة لإرهابهم، ودفعهم إلى عدم المجيء إلى مملكة البحرين.
ولو ذهب الأستاذ عبدالرحمن ابن شيخنا يوسف القرضاوي إلى جامعة البحرين، ورأى أيضاً بأم عينيه من دون واسطة من أفلام مفبركة، او بيانات حكومية رسمية هي عنده متهمة، لرأى العجب العجاب، فإن يد الدمار لم تترك مبنى من مباني الجامعة إلا ودمرته، كما عاثت في الأجهزة الغالية الثمن تخريباً وتدميراً، كأنها في معركة مع العدو، ولم تكتف بهذا بل أخذت تطارد الطلبة والطالبات من الطائفة الأخرى والاعتداء عليهم بقسوة لا نظير لها.
ولو سار الاستاذ عبدالرحمن ابن شيخنا يوسف القرضاوي في شارع المرفأ المالي، ورأى أيضاً بأم عينيه من دون واسطة من أجهزة رسمية، أو أفلام لعبت فيها يد التزوير لتبدو على غير حقيقتها، عندها سوف يرى المخربين وهم يقطعون الطريق على السالكين والمتجهين إلى مواقع أعمالهم في أهم شارع من شوارع المملكة، ثم رأى بأم عينيه كيف يضعون العوائق أمام السيارات، ويشعلون حاويات القمامة، ثم يوقفون أصحاب السيارات، ويتعرضون لهم بالأذى، ثم يراهم أيضاً وبأم عينيه وهم يسكبون الزيت في الشوارع حتى يعطلوا حركة المرور، وما ينتج عن ذلك من أخطار.
ثم لو كان الأستاذ عبدالرحمن بن يوسف القرضاوي حاضراً بيننا وذهب إلى دوار مجلس التعاون أو اللؤلؤة، لرأى بأم عينيه ومن دون واسطة كيف يهان رموز المملكة، ويداس على صورهم بالأقدام زيادة في الإهانة، ثم سمع بأم أذنيه كيف ينادى بسقوط وموت رموز النظام، ثم يعلو صوت أحدهم بإعلان الجمهورية الإسلامية وفق نظام ولاية الفقيه المعمول به في إيران.
ولو كان الأستاذ عبدالرحمن ابن شيخنا يوسف القرضاوي حاضراً بيننا ورأى ما يربو على ستة آلاف من المعلمين والمعلمات وهم يتركون مدارسهم ويتوقفون عن العمل، ولولا عناية الله تعالى ولطفه اللذان تجليا في انبعاث ما يساوي هذا العدد من المتطوعين ليحلوا محلهم كي لا تتوقف عملية التعليم، ولا يتضرر أبناؤنا من هذا السلوك غير المسؤول، وفي هذا لفتة إلى أن هناك من العاطلين من الطائفة الأخرى بعدد المضربين، وأن الذين أضربوا يتمتعون بالفرص نفسها في الوظائف وربما أفضل.
كما أن تمكنهم من احتلال مجمع السلمانية الطبي، وتحكمهم في مداخله ومخارجه، مؤشر أيضاً على غلبة طائفة على الطائفة الاخرى، وهذا يرد على ادعاءاتهم بعدم وجود تكافؤ فرص في العمل والتعليم.
وبعد، فالخطأ الذي وقع فيه الأستاذ عبدالرحمن ابن شيخنا يوسف القرضاوي حينما كتب ما كتب، وأخذ هذا الموقف الذي لا يحسد عليه، والذي يخالف فيه رأي والده الشيخ وموقفه، كأنه يقول: ان الموقف الذي وقفه والدي العلامة الشيخ يوسف القرضاوي فيما يخص محنة أهل البحرين لم يكن على أساس مكين، ولم يستكمل أدلته الفقهية السليمة.
ثم نريد أن نؤكد أمرا مهما، هو أن مملكة البحرين ليست مدينة فاضلة، وليست جنة وارفة الظلال، هي كغيرها من البلاد والممالك، لديها انجازات على قدر إمكاناتها، وربما أقل من إمكاناتها، وهي أيضاً لديها قصور في كثير من جوانب حياتها، وأن هناك بعض الفساد المالي والإداري نحن لا ننكر هذا، ولكن الذي لا ننكره أيضاً أن هناك جهوداً مبذولة من أجل الإصلاح، كما أن هناك بنى تحتية من المدارس الحديثة في مبانيها، وفي تجهيزاتها، تقدم العلم للمواطنين والمقيمين من دون أعباء مالية، وتوفر المملكة خدمات صحية على مستوى عالٍ، والعلاج فيها بالمجان للمواطنين والمقيمين، وهناك قوانين تحمي حرية التعبير، وليست هي مواد في الدستور جامدة من دون تفعيل كما ذكرت في مقالك، بل هناك صحف معارضة تنشر آراءها بكل حرية،كما أن هناك صحفاً موالية، وأيضاً صحفاً مستقلة في آرائها ومواقفها، واستكمالاً لمواصفات الدولة الحديثة فإن هناك مؤسسات ديمقراطية تشرع وتراقب وتحاسب، فإذا كان هناك قصور ما فيسأل عنه الجميع ويحاسب عليه الجميع.