مقالات
أجواء الفورمولا واحد
تاريخ النشر : الاثنين ١٦ أبريل ٢٠١٢
بدأ العد التنازلي لموعد انطلاق سباقات الفورمولا واحد في البحرين، والتي من المتوقع أن تبدأ في العشرين من الشهر الجاري. ولم يتبق سوى بضعة أيامٍ تفصلنا عن هذا الحدث الرياضي الكبير، الذي يشدّ انتباه ملايين البشر من مختلف دول العالم، المحبين والمتابعين لهذه الرياضة العالمية.
بضعة أيامٍ وتبدأ فعاليات هذه المناسبة الكبرى.
ولكنك إذا قمت بجولةٍ في سيارتك حول مدن وقرى البحرين هذه الأيام، كي تتفحّص وتشاهد بعينيك مدى استعدادات البلد لهذه لمناسبة وهذه الاحتفالية، فسوف تُدهش عندما لا ترى الاهتمام الكافي بهذه المناسبة من قبل الناس، بسبب تواضع الدعاية والإعلان (الميديا) الواجب توافرها، وكذلك قصور الفعاليات التي يجب أن تصاحب هذه المناسبة.
كان يجب أن نعيش أجواء هذه المناسبة العالمية ونلمسها في شوارع البحرين.
كان من المفترض مثلاً أن تُدعى بعض الفرق الشعبية العالمية البسيطة - من مختلف دول العالم - البرازيلية والإيطالية والفرنسية والصينية والهندية... وغيرها، وخاصة تلك الفرق الشعبية التي تؤدي فنون الفلكلور في بلدانها. كل مجموعة تتكون من خمسة إلى عشرة أشخاص. ويتم توزيع هذه الفرق الشعبية على مختلف المناطق في البحرين. كي تقدم هذه الفرق عروضها الفنية المرحة والبريئة طيلة أيام المسابقة، أمام الناس والمارة، في معظم مدن وقرى البحرين، في الشوارع، والطرقات، والساحات المفتوحة، والميادين العامة، كما هي في المجمعات التجارية. فيسعد الناس، وينتشر صوت الفنون التقليدية التراثية العريقة للكثير من دول العالم في أجواء البحرين، ويعمّ الفرح. ويشعر الناس فعلاً ان هناك حدثا ما مميّزا وفريدا في البحرين، ويتم تداوله فيما بينهم.
ذهبت مساء الجمعة الماضي متفقداً بعض أسواق البحرين، وشوارعها المعروفة. عند باب البحرين، وأمام الكنيسة بالقرب من المستشفى الأمريكي، وإلى أسواق المحرق العتيدة، عسى أن أجد شيئاً مختلفاً عما أراه طيلة أيام العام أو أرى أثراً للفورمولا واحد في شوارع البحرين. ولكن لا شيء!
عند باب البحرين وأمام الكنيسة وعند ثغر المحرق، وفي أسواق الرفاع وجرداب وجدعلي، وغيرها من الشوارع والحارات في البحرين، لم أجد سوى (الهدوء الحذر) يلفّ المناطق بدمه الثقيل، وأرتالاً من الجاليات الآسيوية تجوب الشوارع من دون غاية أو هدف، وبعض المواطنين الذين ذهبوا للتبضّع والتمشي... فقط لقتل الوقت والملل، ولا شيء غير ذلك.
فأين صخب الفورمولا واحد؟... وأين أجواؤها التي كان من المفروض أن تملأ الدنيا ضجيجاً ومرحاً وتألقاً وجمالا في هذا الوقت من العام، ولم يبق على المناسبة سوى بضعة أيام؟!
لقد قلنا فيما سبق ان بطولة الفورمولا واحد ليست فقط (حلبة سباق). ولكنها (منظومة متكاملة) من الخدمات والفعاليات الرسمية والاجتماعية المنّوعة، تشارك فيها الدولة والمواطن معاً، حتى يصلوا سوياً إلى المزاج العام المصاحب لهذه المناسبة.
وبالإمكان تحقيق ذلك، ربما الآن أو مستقبلاً في البحرين، بشرط الدراسة والإعداد والأخذ بالملاحظات.
إن بطولة الفورمولا واحد تتطلب تهيئة خاصة من الإعلانات المقروءة والمسموعة والمرئية، والفنادق الفارهة الوافرة، والطرق الواسعة، والجسور والكباري الممتدة، والاستقرار العام، والاحتفالات الشعبية المصاحبة لها في معظم مدن وقرى البحرين. والجوائز المنوعة، والبرامج الترفيهية، والكثير الكثير من التوعية والاحتفالات الشعبية العالمية، ذات الطابع الفلكلوري.
والفورمولا واحد، تتطلب قبل هذا وذاك، مجتمعا مترفا، ولو قليلاً. حتى يتسنى له شراء التذاكر والمشاركة في هذا الفرح الكبير. فالواجب على الدولة أن تضخ قبل العرض وبعده، بعض (الكاش) في جيوب المواطنين، كي تطيب خواطرهم ويعتدل مزاجهم.
وبالنسبة إلى (المعارضة المتشددة) في البحرين، بالإمكان أيضاً دعوتها للمشاركة في احتفالات الفورمولا، وذلك بعمل اتفاق (هدنة) مع المعارضة خلال أيام المسابقة. وأعتقد أنه - كما هو الحال في كل الحروب - لا مانع من أن يقوم (المتحاربون) فيما بينهم باتفاق هدنة، إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك، أو عند طلب أحد الفريقين.
وبما أن البحرين، تستضيف في هذه الفترة فعاليات هذه المسابقة، وسوف يتوافد إلى البحرين الكثير من شعوب العالم، من مختلف الأطياف والجنسيات، فانه لا مانع من أن تتوقف المعارضة عن أعمال الحرق والشغب خلال هذه الفترة، وأن تؤجّل المعارضة ممارساتها الاحتجاجية هذه إلى ما بعد المسابقة، حتى لا تروّع ضيوف البلاد وتسبب لهم الضيق والإزعاج، وتحرجنا معهم. وهي أيضاً مناسبة جيدة للمعارضة كي تبين للعالم مدى (السلمية) التي تمارسها في البحرين، أليس كذلك؟!
وبما أن المعارضة «تحب البحرين» وتتمنى لها الخير، فلا مانع من دعوة المعارضة أيضاً إلى المشاركة في هذه الاحتفالات. وبما أن «شباب المعارضة» - هدانا الله وإياهم - لا يعرفون سوى الحرق والتفجير، فالفكرة هي أن يُزوّد الشباب ببعض (البخور) كي يتم حرقه عوضاً عن الإطارات المؤذية، كما أن بإمكانهم تفجير (الألعاب النارية) ورميها، عوضاً عن اسطوانات الغاز والمولوتوف، وأن يبدل الشباب نغمة السيارات إلى نغمة (تن تن..... تن تن )..... أي (أهلا وسهلاً).
أهلاً وسهلاً بالفورمولا واحد في البحرين. وكل عام وانتم بخير.
Ebrahim@gmail.com