قضايا و آراء
لاتزال مدرسة خليفة بن سلمان تعطينا الدروس
تاريخ النشر : الاثنين ١٦ أبريل ٢٠١٢
مثلما اعتدنا في مسيرة سموه فقد نجح صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه رجل الدولة الحكيم وصاحب المواقف الرشيدة، نجح سموه في احتواء الأزمة التي أحدثت شرخا داخل البرلمان وبين البرلمان ووزيرة الثقافة، وذلك بسبب أزمة مفتعلة لا داعي لها، ولكن المشاحنات السياسية عادة ما تصل إلى هذه الاحتكاكات غير المرغوبة، والحمد لله فإن سموه حفظه الله قد نجح في لملمة هذا الحادث بما أبداه سموه من كريم العناية ومن جم التواضع والأخلاق العالية التي جعلت من رجل الدولة بخبرته المديدة يتفضل بنفسه شخصيا إلى البرلمان ليلتقي النواب ويطيب خواطرهم ويساعد على قلب هذه الصفحة غير المعتادة في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وبالرغم من تعمد بعض النواب التغيب عن هذا اللقاء الذي كان مفترضا أن يكونوا ممتنين له والمعتزين به فإن قد تم والحمد لله احتواء الخلاف، وقد كان ذلك رسالة قوية وواضحة نستخلص منها بعدين على الأقل:
الأول: ان الدولة تعتبر مجلس النواب شريكا لا غنى عنه بل هو جزء لا يتجزأ من نظام الحكم، ومن دونه لا تستقيم الحياة السياسية في ظل مجتمع ديمقراطي ولذلك حرص خليفة بن سلمان على أن يمنع حدوث أي شرخ مهما كان بسيطا يؤثر في دور هذا المجلس وفاعليته واحترامه واحترام أعضائه، فتجسيد التحول الديمقراطي في البحرين لا يكون من دون مؤسسة تشريعية منتخبة انتخابا حرا تلعب دورا فاعلا وحيويا في تقدم ونمو مجتمع الديمقراطية الكاملة، وهذا أمر يدركه إدراكا جيدا رجل مثل خليفة بن سلمان رجل المواقف والوطنية الذي يتجاوز دوره دور رئيس الوزراء إلى دور أبي البحرين وحكيم البحرين ومرجعيتها السياسية في الحكمة والاتزان والرؤية الثاقبة، وقد كان مؤسفا جدا ومن غير الحصيف أن يتعمد بعض النواب التغيب عن هذا اللقاء مهما كانت المبررات والأسباب، ولكن من حسن الحظ أن الأغلبية كانت حاضرة وكان وجودهم يكفي للتعبير عن الوئام وهذا التكامل بين دور السلطتين التشريعية والتنفيذية في خدمة هذا الوطن العزيز.
الثاني: ان الخطوة التي أقدم عليها سمو رئيس الوزراء هي درس للجميع، وهي أن العمل السياسي والمصلحة الوطنية هما أكبر منا جميعا وأكبر من المشاعر الشخصية وأكبر من الكبرياء الشخصية وأكبر من الكلمات النابية التي يمكن أن ننطق بها في لحظات الغضب والضيق والمحاصرة.
العمل السياسي الرشيد عمل يقوم على احترام المصلحة العامة وتقديمها على كل اعتبار، وإنه مهما حدث بيننا من مشاحنات أو اختلافات أو صراعات مهما كان نوعها فإن العمل السياسي في بعده الإيجابي يستدعي التعالي على الصغائر وعلى الخلافات عندما يتعلق الأمر بمصلحة هذا البلد.
ولا شك أن الرسالة قد وصلت إلى من يهمه الأمر، ولا شك أن مدرسة خليفة بن سلمان السياسية مازالت قادرة على العطاء وعلى الإبداع وعلى الإنتاج وعلى حل المشكلات بما تمتلكه من أفق واسعة في الفكر وما تمتلكه من رؤية سليمة ومتواصلة لخدمة هذا البلد، فحب البحرين والتفاني في خدمتها والإخلاص في الدفاع عنها والحفاظ على استقرارها هي مجموعة الضوابط الأساسية التي تحكم هذه المدرسة التي مازال أهل البحرين يتعلمون منها الكثير والكثير، وإذا كان البعض مازال غارقا في ذاتيته وفي نظرته الضعيفة للحياة السياسية العامة وللحياة البرلمانية فإنه لايزال يحتاج إلى ان يتعلم من مدرسة خليفة بن سلمان لأن السياسة هي تنكر للذات وتعالي قوتها على قوة المصالح الضيقة الصغيرة، وهي حب للبلاد والعباد. لقد كانت تلك الزيارة رسالة إلى أهل البحرين كلهم بمواليهم ومعارضيهم بأنه لا غنى عن خليفة بن سلمان وحكمته في جميع الأحوال: في السراء والضراء، واننا حقا محظوظون بأنه موجود معنا وبقيادته للعمل الحكومي فهو صمام الأمان مثلما قلنا في أكثر من مناسبة، فليحفظ الله خليفة بن سلمان.