في ضوء زيارة جلالة الملك
العلاقات البحرينية - اليابانية.. إطلالة عامة ورؤية للمستقبل
 تاريخ النشر : الثلاثاء ١٧ أبريل ٢٠١٢
قام جلالة الملك «حمد بن عيسى آل خليفة» في الفترة من ١١ إلى ١٣ إبريل الجاري بزيارة رسمية لليابان بدعوة من جلالة الإمبراطور «أكيهيتو» بهدف تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين التي تعود بداياتها إلى النصف الأول من ثلاثينيات القرن الماضي، وغطت على مدى عقود المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية كافة .
هذه الزيارة - التي تعد الأولى للملك لليابان - تأتي تأكيدًا لتوجه في السياسة الخارجية البحرينية حرص العاهل على ترسيخه في وقت مبكر من توليه المسؤولية عام ١٩٩٩، ويقوم هذا التوجه على العمل على مد شبكة علاقات البحرين باتساع العالم، وبما يسهم في خدمة مصالح البحرين، ويخدم في الوقت نفسه قضايا أمته المصيرية.
ذلك الاهتمام بتعزيز شبكة علاقات البحرين الخارجية زاد رسوخا في ظل المشروع النهضوي والتنموي البحريني؛ حيث زادت معه الحاجة للاستفادة من التجارب التنموية للدول الأخرى، ولاسيما تلك التي نجحت في تحقيق طفرة اقتصادية وتنموية ملموسة في وقت قياسي.. ومن هنا كان التوجه لإعطاء أهمية خاصة للقارة الآسيوية، التي نجح العديد من دولها (وهي دول النمور الآسيوية) في تحقيق ما يشبه المعجزة التنموية بفضل توظيفها الجيد لمواردها واعتمادها على القطاع الخاص ومجتمع الأعمال المحلي، فضلاً عن نجاحها في تعبئة الموارد من الخارج في صورة استثمارات وقروض وما إلى ذلك.
وإذا كانت دول النمور الآسيوية قد مثلت بالنسبة للبحرين نموذجًا للنجاح الاقتصادي والتنموي يحتذى به، فإن اليابان الدولة التي تعرضت مقدراتها وكيانها كدولة للتدمير خلال الحرب العالمية الثانية بعد ضربها بالقنابل الذرية مثلت بدورها نموذجًا فريدًا، بل خارقًا للأمة التي استطاعت أن تبعث نفسها من جديد في أقل من خمسة عقود، لتصبح على رأس الهرم ؟ بعد الولايات المتحدة والصين ؟ للدول صاحبة أقوى الاقتصادات في العالم، وأكثرها تقدمًا من الناحية العلمية والتكنولوجية.
وبقدر ما تعبر زيارة جلالة الملك لليابان عن التوجه البحريني في الانفتاح على آسيا، فإنها في الوقت نفسه ذاته تؤكد ما توليه البحرين وقيادتها من أهمية لذلك العملاق الآسيوي والحاجة إلى تطوير العلاقات معه بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.
وحيث إن أي بناء لابد له من أساس، فإن العلاقات بين الدول قوة وضعفًا ترتبط بدرجة كبيرة بما بينها من رصيد سابق للعلاقات على الأصعدة المختلفة، ومن ثم فكلما كان هذا الرصيد كبيرًا زادت العلاقات رسوخًا، وأصبحت أكثر قابلية للتطور المستمر والعكس بالعكس.
مثل ذلك القول السابق ينطبق على العلاقات البحرينية - اليابانية، فالبلدان يجمعهما رصيد كبير ومتطور من العلاقات على مدار عقود ليست بالقليلة.. وحتى يمكن التأكد من هذه الحقيقة، فلابد من إلقاء الضوء على مسار هذه العلاقات حتى يمكن الوقوف على الآفاق التي يمكن أن تصل إليها في المستقبل، وخاصة أن زيارة جلالة الملك يمكن أن تكون نقطة فاصلة في الانتقال بهذه العلاقات إلى مرحلة جديدة أكثر رحابة وإثمارًا للجانبين.
بيد أنه قبل التطرق للجوانب المختلفة للعلاقات بين البحرين واليابان ؟ وتحديدًا خلال السنوات العشر الأخيرة - لابد من التطرق أولاً إلى القواسم المشتركة بين البلدين والأهمية التي يشكلها كل بلد بالنسبة للآخر التي تدعم وتبرر توجههما نحو تطوير تلك العلاقات.
إذا نظرنا بداية إلى القواسم المشتركة فسنجد أنها أولاً تتمثل في تشابه البيئة الجغرافية من زاوية أن كلا البلدين عبارة عن جزر ويعتمد على البحار وعلى التواصل مع العالم عبر المواني التي عززت التجارة والتعارف مع الشعوب عبر آلاف السنين، كما أنهما ثانيًا يتشابهان في البيئة الاقتصادية لجهة محدودية الموارد، فضلاً عن أنهما ثالثًا يتقاربان في أهداف تحقيق الازدهار والاستقرار لشعبيهما، ورابعًا وهو الأهم عامل الطموح فالبحرين تسعى إلى الولوج في التنمية السياسية وتحقيق المكانة الاقتصادية المرموقة، في حين تعمل اليابان ومنذ زمن على أن تظل تتبوأ المركز الاقتصادي العالمي المتقدم جدا الذي وصلت إليه في ظل ما تواجهه من منافسة اقتصادية مع دول أخرى.
أما بالنسبة لأهمية كل بلد بالنسبة للآخر التي تدفعهما إلى تعزيز وتطوير العلاقات بينهما فتتمثل بالنسبة للبحرين فيما تتمتع به اليابان من قدرات اقتصادية هائلة، بحيث يمكن الاستفادة من تلك القدرات في تطوير التبادل التجاري وزيادة الاستثمارات اليابانية في البحرين، هذا غير إقامة الشركات المشتركة بين القطاع الخاص في البلدين، وجذب السياحة اليابانية ذات القوة الشرائية الكبيرة إلى المملكة.
البحرين تحتاج أيضا إلى تدعيم خطى نهضتها الحديثة بالتكنولوجيا اليابانية المتطورة والخبرات الفنية المذهلة التي تتمتع بها اليابان، وبما يعزز خطى التنمية المستدامة ويبقي النمو الاقتصادي فوق معدلاته المقدرة عند ٤% سنويا. وبدورها تتعدد أوجه الأهمية التي تشكلها البحرين بالنسبة لليابان، فالمملكة تنتمي لمنطقة الخليج التي تعد شريان الطاقة الرئيسي الذي يمد اقتصادات العالم بالحياة، وفي ظل فقر اليابان المدقع في موارد الطاقة، فإن هذه المنطقة تمدها بالجزء الرئيسي من احتياجاتها النفطية (٧٢% عام ٢٠٠٩). أيضًا تعد البحرين بوابة اليابان لجميع أسواق دول مجلس التعاون الخليجي نظرًا لارتباطها بتلك الأسواق بشبكة اتصالات متطورة. كذلك تتميز المملكة بانفتاحها اقتصاديا، وتتمتع بالعديد من الخصال الجاذبة للاستثمارات الأجنبية، كحق التملك الحر للأجنبي والإعفاء من الضرائب، علاوة على توافر الأيدي العاملة الماهرة، وهو ما يجعل مناخ الاستثمار في البحرين أفضل بيئة لمجتمع الأعمال ولعقد الصفقات التجارية والصناعية والمصرفية.
المميزات السابقة كافة التي يتمتع بها البلدان ساعدت على تكوين رصيد كبير للعلاقات البحرينية اليابانية التي يمكن استعراضها في جوانبها المختلفة على النحو التالي:
أولاً - العلاقات السياسية، إذا كانت بدايات التعامل بين البحرين واليابان تعود إلى عام ١٩٣٤ الذي شهد إرسال شحنة النفط البحرينية الأولى لليابان عقب اكتشاف النفط في البحرين عام ١٩٣٢، فإن العلاقات على الصعيد السياسي بدأت في مرحلة مبكرة من استقلال البحرين في مطلع السبعينيات؛ حيث كانت اليابان في مقدمة الدول التي اعترفت باستقلال البحرين، وذلك في ٢٤/٨/١٩٧١، وبعد شهور معدودة أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في ٢/٥/١٩٧٢ (حيث يصادف عام ٢٠١٢ ذكرى مرور ٤٠ عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين) وأصبح لليابان سفارة كاملة بالمملكة في عام ١٩٨٨، فيما افتتحت سفارة البحرين بطوكيو في عام .٢٠٠٥
ويجمع البحرين واليابان على الصعيد السياسي عدد من أوجه الاتفاق، فكلتاهما تنبذ الحروب وتعمل على استقرار الأمن ونشر السلم في العالم، كما ترفضان سياسة التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتؤمنان بأن التعاون بأشكاله المختلفة هو الوسيلة لتحقيق رفاهة الشعوب، وأيضًا تعليان من دور الدبلوماسية في حل المنازعات، غير العمل على تكريس سياسة الحوار بين الحضارات والثقافات. كذلك يتفق البلدان في كثير من المواقف فيما يخص قضايا الشرق الأوسط، ويأتي في مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وتدعيم توجهات الإصلاح في المنطقة بأبعاده الشاملة، علاوة على الحاجة إلى إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.
ويترجم الحرص من البلدين على تطوير العلاقات السياسية بين البلدين في تبادل الزيارات بين قيادات ومسؤولي البلدين؛ حيث تسمح مثل هذه الزيارات بتبادل الآراء والتنسيق فيما بينهما حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.. ولقد شهدت السنوات العشر الماضية عددًا من الزيارات لليابان من جانب مسؤولين كبار في المملكة كان أبرزها زيارة سمو ولي العهد الأمير «سلمان بن حمد» في ٨/١٠/٢٠٠٨، كما زارها وزير الخارجية الشيخ «خالد بن أحمد» في ٦/٣/٢٠٠٨، وأيضًا زارها وفد من مجلس النواب برئاسة «خليفة الظهراني» في ١٥/٢/.٢٠١١
أما الزيارات من الجانب الياباني ذات الطابع السياسي، فكانت أبرزها زيارة سكرتير البرلمان الياباني للشؤون الخارجية في سبتمبر ٢٠٠٢، وزيارة نائب وزير الخارجية «أتسونوري أنوديرا» في ٢٠/٩/٢٠٠٧، وزيارة الأدميرال «آجي توشيكاوا» في ١١/٧/٢٠٠٧، وكذلك زيارة مدير عام الشرق الأوسط وإفريقيا بوزارة الخارجية اليابانية في ٢١/٤/٢٠١١، وأيضًا زيارة وفد من مجلس الوزراء برئاسة مستشار الشؤون الدولية «فوتوسي ماتسيموتو» في ٢/٢/.٢٠١٢
ثانيًا - العلاقات الاقتصادية، هي المجال الأكثر حراكا وتنوعا في العلاقات البحرينية ؟ اليابانية؛ فاليابان منذ عام ٢٠٠٧ وهي ثاني أكبر شريك تجاري للبحرين من خارج دول الخليج العربية، وتستحوذ على ٨% من تجارة البحرين مع العالم، وقد تضاعف حجم التبادل التجاري بين البلدين ثلاث مرات في السنوات العشر الأخيرة حتى وصل إلى ١,٣٤ مليار دولار في عام ٢٠٠٨ منها واردات بحرينية من اليابان بلغت قيمتها ٩٣٢,٢ مليون دولار(وتتمثل في السيارات والأجهزة الكهربائية والإلكترونية)، وصادرات بحرينية إلى اليابان بلغت قيمتها ٤١٥,٧ مليونا (وتتمثل في مشتقات النفط والألمونيوم).. هذا فيما بلغ حجم الاستثمارات المتبادلة بين البلدين نحو مليار دولار بنهاية عام .٢٠٠٧
ويترجم اهتمام البلدين بتطوير التعاون الاقتصادي فيما بينهما الزيارات المتبادلة للوفود الاقتصادية والتجارية البحرينية واليابانية، فمن الجانب البحريني زار وفد تجاري رفيع المستوى اليابان في مارس ٢٠٠٣ لتطوير العلاقات التجارية والترويج للصناعة البحرينية (وكانت الزيارة الأولى لوفد يمثل الجهات الرسمية والقطاع الخاص)، أيضًا زارها وفد من مجلس التنمية الاقتصادية في عام ٢٠٠٨ للترويج للمنطقة اللوجستية وما تتيحه للشركات اليابانية الراغبة في الدخول إلى دول مجلس التعاون الخليجي.
أما الزيارات من الجانب الياباني للبحرين، فكان أبرزها في السنوات الأخيرة زيارة وفد من البنك التجاري العالمي برئاسة «هيروشي واتانابي» في عام ٢٠٠٩، وزيارة وفد من كبار المسؤولين في وزارة الاقتصاد والتجارة برئاسة «ساتوشي مياموتو» في ٢/٣/٢٠١٢، وزيارة وفد من شركة «يانمار» اليابانية في ٢٩/٣/.٢٠١٢
أيضًا يدخل في إطار الحرص على دعم وتطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين قيام مجلس التنمية الاقتصادية بفتح مكتب له في اليابان عام ٢٠٠٠، وإنشاء جمعية الأعمال والصداقة بفرعيها البحريني والياباني، فضلاً عن منتدى الأعمال البحريني ؟ الياباني الذي يهدف إلى تعزيز الاستثمارات المشتركة بين البلدين. وعلى صعيد وجود الشركات اليابانية في السوق البحرينية، هناك ؟ وفقًا لأحدث الإحصاءات ؟ ١٧ شركة يابانية عاملة في البحرين منها ٥ شركات في القطاع المالي، و٣ شركات تجارية، و٩ شركات صناعية.
ولقد اسهمت الشركات اليابانية بدور مهم في مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة في مجالات الطاقة والمياه والصناعات الثقيلة، فمثلاً كلفت شركة «سوميتومو كوربوريشن» في عام ٢٠٠٧ بمهمة تصميم محطة كهربائية نوعية وتصنيعها وإنشائها لتزويد مشروع مرسى البحرين العالمي للاستثمار بالطاقة، أيضًا قامت شركة «ياماموتو كوجيو» للصلب بإنشاء شركة لتصنيع الفولاذ كمشروع مشترك مع شركة «فولاذ» وبقدرة إنتاجية ١,٥ مليون طن ويوفر ١٠٠٠ فرصة عمل ٧٠% منها للبحرينيين. كذلك اسهمت شركة يابانية في مشروع الديزل المنخفض الكبريت الذي بدأ إنتاجه في عام ٢٠٠٧ بكُلفة ٧٢٥ مليون دولار، كما قامت مجموعة «آي جي» الفندقية بإنشاء فندق خمس نجوم تم استكماله في عام ٢٠١١، أيضًا قامت مجموعة «انترودين» بإيفاد ممثل لها إلى البحرين لدراسة إمكانية الاستفادة من طاقة الرياح بالمملكة واستخدامها كطاقة متجددة.
وفيما يخص الشركات العاملة في القطاع المالي وافقت مؤسسة نقد البحرين في عام ٢٠٠٦ على السماح لشركتين يابانيتين بإدارة الأصول في البحرين، وذلك في أعقاب ورشة العمل التي نفذتها المؤسسة في اليابان تحت شعار «التمويل الإسلامي.. الفرص المتاحة في العمل المصرفي وقطاع التأمين» من أجل جذب الاستثمارات اليابانية عن طريق الفرص التي تتيحها المملكة للمستثمرين بكل القطاعات الاقتصادية.
وثمة العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي تؤطر العلاقات الاقتصادية بين البلدين منها:
- مذكرة التفاهم التي وقعت في نوفمبر ٢٠٠٥ بين مؤسسة نقد البحرين وبورصة طوكيو للسلع بهدف تعزيز التعاون بين المؤسستين، حيث تعتزمان تطوير إطار متكامل لتمكين المؤسسات والوسطاء الماليين وغيرهم في البحرين من إنجاز المعاملات ببورصة طوكيو بما يتماشى وأحكام الشريعة الإسلامية والقواعد العامة لبورصة طوكيو.
- مذكرة التفاهم التي وقعت في عام ٢٠٠٨ بين وزارة المالية البحرينية وبنك اليابان للتعاون الدولي، وذلك بغرض إقامة شراكة استراتيجية متكاملة تعطي الأولوية لمشروعات الطاقة النظيفة ومعالجة المياه ونظم الصرف الصحي وشبكات النقل بالمناطق الحضرية.
- مذكرة التفاهم التي وقعت في يناير ٢٠١١ بين غرفة تجارة وصناعة البحرين وجمعية الأعمال والصداقة البحرينية اليابانية بهدف إيجاد آليات وقنوات فاعلة لتنشيط العلاقات الاقتصادية والتجارية بين قطاعات الأعمال وتذليل العقبات التي تحول دون استمرار زيادة حجم التبادل التجاري.
تجدر الإشارة إلى أن غرفة تجارة وصناعة البحرين قامت في عام ٢٠٠٦ بتشكيل وفد اقتصادي وتجاري زار اليابان وبحث تسريع توقيع الاتفاقيات الثنائية بين البلدين بمجالات التعاون التجاري والاقتصادي والفني وتجنب الازدواج الضريبي وتشجيع وحماية الاستثمار.
ثالثًا - العلاقات الثقافية، وهذه العلاقات أخذت صورًا مختلفة خلال السنوات العشر الماضية منها: مشاركة المملكة في ندوة حوار الحضارات بين العالم الإسلامي واليابان في مارس ٢٠٠٢، وتنظيم دورات لتعليم اللغة اليابانية بجامعة البحرين، حيث تم افتتاح مركز للدراسات اليابانية بها في عام ٢٠٠٠، كما تتم الاستفادة من التجربة العلمية والتقنية اليابانية في تطوير المناهج الوطنية، ويوجد ٢٣ طالبًا بحرينيٌّا يستكملون دراساتهم العليا بالجامعات اليابانية، أيضًا يشارك شباب المملكة منذ عام ٢٠٠٢ فيما يعرف ببرنامج سفينة شباب العالم الذي تنظمه الحكومة اليابانية، هذا غير تنظيم برامج للتبادل الثقافي باستضافة الفرق الفلكلورية المعروفة في البلدين.. وكان آخرها استضافة فرقة فلكلور ياباني للمشاركة في مهرجان ربيع الثقافة هذا العام.
ولقد كان التعاون في مجال التعليم العالي والمجالات البحثية محورًا للقاءي وزير التعليم في ٩/٣/٢٠١٢ ورئيس جامعة البحرين في ٢٢/٣/٢٠١٢ سفير اليابان بالمملكة وذلك للاستفادة من الخبرة اليابانية بمجالات تكنولوجيا الهندسة والاقتصاد وتقنية المعلومات والاتصال في التعليم.
وتكشف زيارة جلالة الملك حمد لليابان عن نقلة نوعية جديدة للعلاقات بين البحرين واليابان؛ حيث عكست مباحثات العاهل عن إدراك متنام من جانب المسؤولين اليابانيين لمحورية مكانة البحرين من زاوية موقعها وتأثيرها (أو وزنها) الدولي، فضلاً عن أهمية استقرارها من أجل استقرار المنطقة.. وهذا الإدراك هو ما جعلهم يؤيدون السياسات الإصلاحية لجلالة الملك حمد في جميع المجالات، بل جعلتهم يبدون تجاوبًا تامًا مع ما عرضه الجانب البحريني من مجالات متنوعة للتعاون بين البلدين في المرحلة القادمة فمثلاً:
- في المجال السياسي، تم توقيع مذكرة تفاهم حول المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية في البلدين، وأشاد الجانب الياباني ببرنامج الإصلاح البحريني وتأييده لخطوات الحوار والمصالحة وكل ما يدعو إلى استقرار البحرين. - في المجال التعليمي، جرى الاتفاق على ترسيخ التعاون في مجال التعليم وإنشاء مؤسسة علمية وتكنولوجية لتدريب أبناء البحرين على الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة.
- في المجال الاقتصادي، تم توقيع اتفاقية في مجال الاقتصاد والتجارة والطاقة، وأبدى الجانب الياباني رغبته في المشاركة في مشروع تطوير القطاع النفطي الذي يكلف من ٦ إلى ٨ مليارات دولار، كما تم طرح موضوع توسعة مشروع البتروكيماويات الخاص بشركة الخليج للبتروكيماويات الذي يكلف ٢,٥ مليار دولار.
- في مجال الاتصالات، تم بحث أوجه التعاون بمجال الأقمار الصناعية واستفادة البحرين من الخبرة اليابانية في هذا المجال.
- في المجال الدفاعي، تم توقيع مذكرة تفاهم حول التبادلات الدفاعية بين وزارتي الدفاع بالبلدين، كما تم توقيع اتفاقية بين قوة دفاع البحرين وشركة الأدوية اليابانية إس بي آي.
ولقد نجحت الزيارة في تحقيق العديد من الفوائد للمملكة.. أولاها: انها كانت دليلاً على انتعاش الاقتصاد البحريني وتخطيه تبعات الأزمات المحلية والعالمية.
ثانيًا: حققت لها مردودات تجارية وصناعية وتقنية عالية.
ثالثًا: أوجدت أرضية خصبة للاستفادة المتبادلة بشقيها النفطي وغير النفطي، وبما يعود بالنفع على السوق البحرينية من مشاريع مشتركة مع الحكومة أو القطاع الخاص الياباني.
رابعًا: اسهمت في استفادة قطاعات صناعية عديدة كالطاقة والصناعات النظيفة والصديقة للبيئة إضافة إلى السياحة والسفر والخدمات المصرفية.
خامسًا: توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات بمجالات حيوية كالاقتصاد والتجارة والطاقة والتشاور السياسي والدفاع.
وحتى يمكن الانطلاق بالعلاقات البحرينية - اليابانية إلى آفاق أرحب، فإن الأمر يتطلب أن يأخذ القطاع الخاص في البلدين دوره المطلوب بعد زيارة جلالة الملك «حمد» من أجل تفعيل الأفكار والرؤى وتحويلها إلى مشروعات نوعية ذات قيمة مضافة لاقتصاد البلدين، كما أن الحكومة البحرينية مطالبة باستثمار موقع المملكة في المنظومة الخليجية، كي تلعب دور البوابة في المنطقة التي تمر عبرها المشروعات والصادرات اليابانية، باعتبارها بوابة الاستثمار في الخليج والمركز المالي الرئيسي بالمنطقة.
أيضًا يجب أن تكون هناك استراتيجية بحرينية للاستفادة من العلاقات مع اليابان في تحديث وتنويع قطاعات الاقتصاد البحريني، بحيث لا يقتصر على القطاع الخدمي فقط، بل يمتد إلى القطاعين الصناعي والمعرفي، استنادًا إلى ما تحظى به اليابان من خبرات هائلة بهذين المجالين.
كذلك فإن بناء الدولة الحديثة وتحقيق النهضة الشاملة بأبعادها المختلفة يستلزمان أن تكون هناك قاعدة علمية جيدة حتى يتم البناء وتتحقق النهضة على أسس راسخة، وبما يضمن الاستمرارية لهما، وفي هذا الشأن قد يكون الاتفاق على إنشاء مركز علمي بالتعاون مع اليابان أحد أبرز نتائج زيارة جلالة الملك لطوكيو، ولاسيما أن اليابان تتمتع بإمكانات وقدرات مذهلة بمجال العلوم والتكنولوجيا.
وفي جميع الأحوال، فإن الزيارة تعزز انفتاح البحرين على منطقة شرق آسيا بقيادة اليابان، كما تقوي روابط طوكيو بالمنطقة التي تعد حوض الطاقة في العالم، كما أنها تقوي أواصر الاقتصاد الوطني مع اقتصادات كبيرة في العالم كاقتصاد اليابان في هذا الوقت البالغ الأهمية، لأنه يوجه الأنظار والجهود في الداخل إلى التنمية وبناء الدولة الحديثة.
.