عالم يتغير
شرفاء الوطن الهدف والأولويات
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٧ أبريل ٢٠١٢
فوزية رشيد
} لابد من وجود (مشروع وطني) يعمل الجميع عليه حكومة وشعبا، لمواجهة المستجدات والمتغيرات والتهديدات والمخاطر، التي ضيعت حتى الآن سمات أصيلة في مجتمعات عربية كبيرة، ويراد بها جر هذا البلد الذي كان مضرب المثل في أمنه واستقراره وسلمه الأهلي، وتعايش الأديان والمذاهب فيه، يراد اليوم جر بلدنا إلى ذات سكة الفوضى، وحيث مسيخ العصر الدجال، يلعب بكل ما أوتي من دهاء وقوة وخبرة استعمارية طويلة على الأخلاقيات ليجعل اللاأخلاقي هو السائد، وعلى الانسانية ليجعل اللاانساني هو السائد، وعلى ردود الفعل المنفلتة للشعوب، ليجعل من غضبها نارا تحرق الوطن، قبل ان تحرق أي شيء آخر، وليلعب على الطائفية وعلى العرقية، وعلى كل ما يفرق ولا يجمع، فهي جميعا وغيرها الكثير، وقود النار التي يحرق بها البشر والأوطان، ثم كما قرأنا عن المسيخ الدجال في آخر الأزمان، يصور للناس الجحيم جنة والجنة جحيما، ليفتتن الكثير من البشر به، وهو ما يفعله دجال العصر اليوم، حيث هو يفتن الناس بالكلمات والشعارات، ويلعب على أحلامهم، فيندفعون خلفه معتقدين ان ارضه هي أرض الأحلام، وانه سيحقق الخير لهم، فاذا بالنتيجة خراب ودمار وفوضى، وقتل وحرق وجنون، وتراجع عن الأخلاقيات وعن المبادئ الإنسانية، لأنهم ببساطة حين سمحوا له بأن يلعب بعقولهم وبوعيهم وبأخلاقياتهم، سمحوا له بالنتيجة ان يحولهم إلى «مسوخ»لا هدف لها ولا غاية الا العنف والتخريب وتجاوز كل المحرمات، وهو ما حذرنا القرآن الكريم منه.
} هذا ما يفعله اليوم بعض ابناء الأوطان، الذين تدربوا على يد المعاهد والأكاديميات والمراكز الصهيونية، ولا نستثني منهم أحدا سواء في المنطقة العربية أو غيرها.
} ولهذا فان اليوم أهل الفاتح، ومن نصبوا أنفسهم قيادات لهم سياسية أو دينية أو مجتمعية أخرى، ومن يقود منابر توجيه الرأي والوعي سواء كانت منابر تقليدية أو منابر حديثة، كوسائل التواصل الاجتماعي الالكترونية، فهم جميعا مدعوون وبقوة إلى فرز ما يحدث حولهم، وما يحدث في وطنهم البحرين، وما يراد لخليجهم العربي، الحيوي والاستراتيجي، من مآلات ونهايات حزينة هم في خير منها اليوم، ووسيلة من يخطط ويستهدف أمران يخرج عنهما الكثير من الفرعيات والهوامش وهما:
الأول: الأفكار.
والثاني: البشر كأدوات مستهدفين بتلك الأفكار.
} المعركة اليوم والحرب الراهنة على المنطقة العربية وعلى الخليج العربي ومنه البحرين، هي (معركة فكرية) بالدرجة الأولى، وحرب على الانسان وجذوره الوطنية والقومية وأخلاقياته ومبادئه الانسانية، فان تم تجريده من كل ذلك وسقط الانسان ووعيه في خضم الحرب القائمة، اصبح مجرد أداة لتنفيذ المخططات والمشاريع التدميرية ضد وطنه وضد شعبه وضد أمته وضد هويته، وزاده أو أدواته في كل ذلك بعض الشعارات والأفكار حول الحرية والديمقراطية وغيرهما، وهي لتعمية العقول والقلوب.
فماذا نستفيد من حريات وغيرها، حين يُلقي المستعمر الجديد شراكه علينا وعلى أوطاننا، ونتحول إلى ادوات لتنفيذ مخططاته، والسؤال الجوهري: هل نكون بعدها فعلا أحرارا؟ هل سنكون ديمقراطيين ونحن كقطع الشطرنج يتم تحريكها؟ هل سيتحقق المنشود من التغيير؟
} هنا يأتي دور الهدف ودور الأولويات على أرضية الوعي الحقيقي بكل ما يحيط بنا وما يراد لنا والغايات التدميرية التي يسوقوننا نحوها تحت غطاء الشعارات البراقة.
وفي هذا فان الهدف الذي يجب على كل شبابنا الوطني أو الموالي لوطنه عن صدق، ان ينتبه جيدا للفخاخ المنصوبة له في كل مكان، فلا الفئة التي تسمي نفسها المعارضة وتحتكر هذه الصفة لنفسها، هي معارضة حقيقية كالمعتاد، بمعنى انها تعمل من اجل الوطن والشعب ونهضتهما ورقيهما، والا ما كنا رأينا منها كل ما هو نقيض لذلك، بل ما هو تدميري وتقسيمي وطائفي، ولا هي عروبية محافظة على هوية هذا الوطن وانتمائه وجذوره وتاريخه وحضارته، والا كان قد نطق قادتها كأبسط مثال: ان الخليج عربي، ولا هي ديمقراطية فمرجعيتها الدينية واستبداد تلك المرجعية ودعوتها إلى السحق والكراهية للآخر تؤكد ديكتاتوريتها وتسلطها وليس شيئا آخر، أما الشعارات التي ترفعها، فهي كذر الرماد في العيون، وحق يراد به باطل، لذلك فكل من يتقرب من ضفة (الوفاق) أو اتباعها، ومن يرفع معها شعاراتها أو بعضها فليدرك انه قد دخل (الفخ المحلي).
} بالمقابل فان فخاخ الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة، هي كثيرة ومتنوعة بل باذخة في عطاياها ودعمها على المستويات كافة لكل جماعة أو أفراد أو مكونات في الشعب تقبل الدخول في لعبتها، والتدرب عليها، لتتحول إلى دمى متحركة في يدها، وهي تظن انها مع التدرب قد تحولت إلى جماعات حقوقية وديمقراطية وإلى نشطاء مستقلين وإلى إمكانيات مفتوحة للتغيير، حسب رغبتها هي كجماعات فيما هي تتحرك حسب رغبة الدولة أو الدول التي تتلاعب بها عبر منظماتها ومراكزها واكاديمياتها المشبوهة، المأمورة بأوامر الرؤوس المدبرة التي تدير اللعبة كلها.
هذه هي الحقيقة الخطرة، وهذه هي أصول اللعبة بين القوى الداخلية التي تسعى إلى تغيير نوعي مطلوب من دون غيره، وبين القوى الخارجية التي تحركها لتعبث بأوطانها، فما هو هنا دور أهل الفاتح والشرفاء في كل ذلك؟
وما هو هدفهم؟ وما هي أولوياتهم؟
وغدا نكمل.