بالشمع الاحمر
التجمع.. بين الأمس واليوم..!
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٧ أبريل ٢٠١٢
محمد مبارك جمعة
مقارنة بسيطة بين خطاب تجمع الوحدة الوطنية في فبراير 2011 وخطابه اليوم من شأنه أن يثير تساؤلات عدة. كيف لا والتجمع اليوم بات يتحدث عن نقص في الكوادر المدربة وانخفاض عدد المتطوعين من النشطاء من المئات إلى 28؟ والقانونيين من 65 إلى 2؟ بحسب ما ذكره الزميل أحمد زمان في مقالة له مؤخراً، فإن د.عبداللطيف المحمود قال إن لدى التجمع العديد من الأفكار والمشاريع، إلا أنه لا يمكنه الإفصاح عنها بسبب نقص التمويل. ويذكر في مقالته أن التجمع يرد على من يلومونه بسؤالهم: ماذا قدمتم أنتم للتجمع؟
يا جماعة هل هذا الكلام معقول؟ كيف لتجمع الوحدة الوطنية أن يلوم الناس في حين أنه لم ينشط سوى في بداية الأزمة واستمر بعد ذلك عدة أشهر ومن ثم اختفت فعالياته في الوقت الذي كان الناس هم الذي يطالبونه بالتحرك ويحاولون استنهاضه؟ إن انخفاض عدد المتطوعين والقانونيين ونقص التمويل -بحسب ما نقل عن الدكتور المحمود- نرى -إن كان صحيحاً- أن التجمع هو من يتحمل مسئوليته وليس الناس، وخصوصاً بعد أن ظهرت أصوات من داخل التجمع تغرد خارج السرب، وتتحدث بلغة لا تعكس رأي الشارع الذي التف حوله في فبراير 2011م، وأحد الأمثلة كانت قبل ليلتين، فكان من الطبيعي أن يثير ذلك قلقاً وتململاً لدى الجماهير العريضة التي أحيت التجمع وأعطته ذلك الزخم. لماذا يسأل التجمع الناس عما قدموه له في حين أن خطابه لا يقدم لهم ما يرونه صحيحاً ولا يشرح لهم على الأقل كيف ينبغي أن تدار الأمور سياسياٌّ؟
الموضوع لا يزال في متناول اليد، وللأمانة فإن د.عبداللطيف المحمود قادر بخطابه على شحن العزيمة الشعبية بشكل تام. لماذا لا يظهر الدكتور المحمود في تسجيل فيديو مستنهضاً المتطوعين والقانونيين والأطباء والأكاديميين والممولين؟ لماذا لا يدعو الدكتور المحمود إلى تجمع حاشد يعيد اثناءه في خطاب محدد هيكلية العمل للمرحلة القادمة ويدعو إلى عودة المتطوعين والكوادر المتخصصة؟ ولماذا لا تنشط وسائل التجمع المعنية في مواقع التواصل الاجتماعي بخطاب يستهوي الناس، شريطة ألا يكون ذلك مجرد أمر عارض بل برنامج واضح لفعاليات التجمع ولرؤيته وسياسته، سياسة تنبع من رأي الشارع، تتواصل معه وتشرح له وتعلمه.
لا أعتقد أن المتطوعين سيبخلون على التجمع، لكن التجمع هو من بخل على نفسه، ولم يثبت للناس بشكل تام أنه مستقل في سياسته، وفي أحيان أخرى كان يسير في الاتجاه المعاكس، والحق أقول لكم: إن الناس ترى في تجمع الوحدة الوطنية الصيغة المناسبة للانخراط في العمل الوطني السياسي، لأنها تمقت بطبيعتها التحزب أو اللجوء إلى جمعيات أخرى تقتصر على لون واحد أو توجه واحد، غير أن انخفاض خط نشاط التجمع وتغير خطابه أو تلونه ما بين فينة وأخرى، أعطى المجال للتشكيك والضرب من تحت الحزام.
لست أنا من سيشرح هذه الأمور لتجمع الوحدة الوطنية وكوادره، ولست ها هنا أكتب منتقداً لمجرد النقد، فوالله إننا نحب ونقدر كل كوادره، من اتفقنا معهم ومن لم نتفق معهم، وأقول: إذا عزم التجمع على الانتفاض مجدداً فسيجد أن الجميع يلتف من حوله، وسيجد أفواج المتطوعين تقدم له خدماتها. ولأن ما نقوله صحيح، أو هكذا نعتقد، فإن حال التجمع قد تبدل من القيادة والتأثير قبل سنة إلى الحديث عن تمويل ونقص كوادر ومتطوعين اليوم