الجريدة اليومية الأولى في البحرين


الثلاثاء وكل يوم


تكنولوجيا اليابان بين «الغرفة» و«الشورى»

تاريخ النشر : الثلاثاء ١٧ أبريل ٢٠١٢

أحمد عبيدلي



تماثل اهتمام رئيس لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس الشورى صلاح علي عبدالرحمن وما طلبه وفد الغرفة من اليابان: نقل التكنولوجيا إلى البحرين. وفد الغرفة ذكر اليابانيين بالتزام الجانب الياباني بملتقى خليجي ياباني بالبحرين 1997 لإنشاء مركز بالمملكة للعمل على نقل التكنولوجيا اليابانية الى دول مجلس التعاون. وكرر الوفد الدعوة الى تنفيذ المقترح وعقد مؤتمر لذلك بين اليابان ودول المنظومة الخليجية مع نهاية العام الجاري. رئيس لجنة الشؤون الخارجية كرر أن أهمية اليابان هي كونها شريكا لا يستغنى عنه لرفد برامج التنمية بالجديد والمتطور في عالم التقنية والاقتصاد والاستثمار.
لا أدري إن كان واقعياً الطلب من اليابان تأسيس مركز لنقل التكنولوجيا، لأنه ليس هناك من تكنولوجيا جاهزة للنقل. ويمكن إنشاء مراكز أو معاهد تساعد في النقل. ولربما وقف ذلك خلف رد ياباني مهذب لدى سماعهم الطلب. فواجب المضيف الإنصات لرغبة الضيف وفهمها أو تفهمها.
يمكن تأسيس معاهد تقنية ومراكز أبحاث ولكن يصعب وجود مركز لـ«نقل التقنية»، وأي تقنية تنقل؟ وكيف ذلك وهي في حالة تجدد وتوسع بانتظام وعلى مدار الساعة؟
التقنية اليابانية المنتظمة والمستمرة والمتجددة ترتبط بالأساس بطريقة عيش يحياها الياباني منذ دخوله المدرسة حيث يعلي من شأن التجديد والتغيير وطلب المختلف واستلهام الإبداع وتكريس النفس للعمل، ويجري تثبيت ذلك في عقل الدارس وممارسته منذ نعومة الأظفار مروراً بمراحل لاحقة في الإعدادية والثانوية وانتهاء بالجامعة والتعليم العالي. ومن ذلك المنهج يتبلور تقدم تكنولوجي لاحق.
وكتبت جابان تايمز في 15 يونيو 2007 أن عام 2006 شهد 32155 حالة انتحار بالبلد بانخفاض محدود عن عام سبقه إلا أن حالات الانتحار بين الطلبة كانت بازدياد حيث سجلت 886 حالة بزيادة 25 حالة (2,9%). ولقد أدت تلك الحالات إلى أن تجري الحكومة أبحاثا عن الظروف بالمدارس التي تؤدي الى مثل تلك الحالات.
وبالطبع ليس هناك من مدعاة للاقتداء بالممارسة اليابانية تلك، فالرغبة في الدراسة والعلم موجودة في التقاليد العربية، وإن أفادت التجربة اليابانية ففي وجود نزوع ياباني نحو الدأب والكمال المطلق، وتكريس النفس ينتشر بالمنهج التعليمي ليبلغ منعطفه السلبي في حالات الانتحار تلك.
وإيراد تلك المسألة هو فقط للإشارة الى أن تحت سطح النجاحات اليابانية الفائقة يختفي مزيج من التقدم والتقاليد، يشكل هيكلاً عظمياً يكتسي باللحم والعضلات والبشرة.
ولذلك، وقبل أن يعقد المؤتمر الموعود سيبرز السؤال عمّا إذا كان المطلوب ممكناً من الناحية العملية. ولربما أعاد الداعون الى انعقاده النظر فيما يريدون تعلمه من اليابان وإعادة صياغة المشروع. في بحرين الخمسينيات من القرن الماضي استخدمت ثلاث كلمات لوصف المنتج ذاته: ياباني ـ تقليد ـ تشيكويتو. وبأقل من نصف قرن أعادت اليابان التسمية بحيث بات المنتج منها يعرف بـ: الياباني ـ مبتكر ـ فائق الجودة. وبين الوصفين تقف التجربة اليابانية لتلهم الآخرين.