عالم يتغير
شرفاء الوطن: الهدف والأولويات (2)
تاريخ النشر : الأربعاء ١٨ أبريل ٢٠١٢
فوزية رشيد
} حين تحرّك أهل الفاتح في فبراير ومارس 2011، ونُصب أعينهم هدف واحد لا ثاني له، وهو حماية الوطن من عبث من تُسمي نفسها المعارضة (الوفاق + الأتباع + الجمعيات غير المرخصة وغير القانونية) فإنني أستغرب اليوم أن لدى البعض منهم، أفكارا يبدو أن هذا الهدف الأساسي الجامع لكل الشعب من الشرفاء المخلصين قد تراجع، أو كأنه لم يعد الهدف الأساسي، فأصبح هؤلاء يشتتون وعي الشرفاء في اتجاهات فرعية على الرغم من أن التهديدات والمخاطر مستمرة وبقوة أكبر، وإن تراجع مظهرها (المحلي) المباشر بعد فشل الحراك الانقلابي الطائفي في فبراير - مارس 2011، وتعطله بصيغة (مؤقتة) يسعى أصحابها بكل الطرائق إلى إعادة هذا الوطن إلى سكته، وعبر أعمال عنف وتخريب وإرهاب ممنهج، وتصاعد في آليات الخطاب الديني المنبري والخطاب السياسي والإعلامي والحقوقي المفبركة والخادعة، واستقواء أكبر بالخارج وتنويع في مصادره ودوله وصولاً إلى روسيا وغيرها، فهل تراجع هؤلاء عن مخططهم أو نياتهم؟ وهل تراجع المخطط الأساس في الخارج الذي يغذيهم ويدعمهم ويمولهم ويدربهم؟
لماذا إذاً شعور بعض الشرفاء بالطمأنينة؟ ولماذا التراجع عن الهدف الأساس الذي هو حماية البحرين والدفاع عنها؟
} وإذا كان الدفاع عن البحرين هو أعلى سلم الأولويات وحيث من المفترض أن المسافة بينه كهدف أول وبين ما يليه من أهداف هي مسافة كبيرة، فلماذا طرح شعارات لا تفيد ترسيخ المهمة الأولى، بل تبعد الشرفاء عن تلك المهمة، حين ترديد ما يفيد أن هناك اختراقا ما قد حدث في وعي بعض أهل الفاتح، فأصبحت مهمتهم الأولى هي خلخلة العلاقة بين أبناء أهل الفاتح وبين النظام الشرعي، بل انجر هذا البعض نحو فلسفة من تُسمي نفسها المعارضة، حيث الانجرار وراء التطاول على رأس القيادة السياسية وجسدها، ومن حيث اكتساب البعض الآخر تدريجيا لغة التخريب على أرضية ردات الفعل المنفلتة، بل انساق البعض وراء شعارات مطلبية غير متوافقة زمنيا وجوهرا مع المصلحة الوطنية، فهذا البعض انساق بدوره وراء فكرة التغيير حسبما يريده المخطط الخارجي، لتنفتح بعدها أبواب الصراع مشرعة لطلاب السلطة والساعين إليها، فهذا يريدها شعبية طائفية، وذاك يريدها في اتجاه آخر، لتجد بعدها الدولة الكبرى أن خيوط اللعبة عادت بقوة إلى أصابعها، فتلعب على غايات الفوضى والاقتتال الطائفي كما لم تلعب قط.
} إن الهدف الأساسي الذي أخرج أهل الفاتح إلى ساحة الجامع الذي تسموا باسمه، بسبب تأثيره التاريخي في حماية البحرين وتعديل الميزان وتوازن القوى الداخلية، يجب ألا يغيب عن كل الأذهان لحظة واحدة.
ومن هذا الهدف الأساس وهو الدفاع عن البحرين تتفرع الأولويات وتتفرع أساليب العمل على خريطة الطريق التي يجب العمل وفقها شعبيا ورسميا لحماية الوعي الوطني من أي اختراق غير مرغوب وغير مطلوب لأنه اختراق خارجي لتوجيه الوعي المحلي في اتجاه خريطته هو وأهدافه هو بالضرورة.
ومن أولويات خريطة الطريق هذه للدفاع عن البحرين هي مواجهة من تختطف صفة المعارضة لنفسها، وكشف حقيقتها على الملأ الخارجي عربيا ودوليا، وفرز سلوكاتها الإرهابية عن غطاء الشعارات المطلبية الخادعة، مثلما توضيح الصورة حول توزيع الأدوار بين (الوفاق وأتباعها) وبين (الجمعيات غير المرخصة) وبين الغاية التي توحدهم معاً، وهي إسقاط النظام الشرعي، واستبدال جمهورية أو نظام طائفي موالٍ لجمهورية الولي الفقيه الأم به، أي العودة ألف عام إلى الوراء، فهل هذه مهمة إصلاحية أو ديمقراطية مثلاً؟
× مواجهة هؤلاء في الداخل وإضعافهم بكل الوسائل هما تخليص للشعب البحريني بكل مكوناته، حتى للطائفة الشيعية نفسها، من مستقبل معتم ينتظرهم لن يختلف عن وضع (شيعة الأحواز العرب) وعن وضع المواطن الإيراني أيا كان مذهبه أو عرقه وعن وضع السلانة في جمهورية النفاق الطائفية، وحيث لا يوجد مسجد واحد لهم في طهران.
يجب تركيز كل الجهد والقوى الشريفة والوطنية لإفشال مخططات الفئة الباغية على بقية الشعب، لسلب هذا الوطن من أمنه وسلامة مواطنيه وإسقاط الدولة والنظام والقانون والدستور لإرجاعه إلى الوراء، أن يتوحدوا ليشكلوا قواماً متماسكاً لـ(معارضة وطنية) تعرف لماذا هي تحافظ على شرعية نظامها، ولماذا تتمسك به، مثلما تعرف كيف تدافع عن وطنها، وتعرف معهما كيف تُسدد ضرباتها إلى فئة انقلابية طائفية، أضرت ليس بالوطن وبقية المكونات الأساسية، وإنما أضرت بالدرجة الأولى بالطائفة التي تنتمي إليها، ولذلك تجب التفرقة، وكما نقول دائماً، بين القيادات الانقلابية في كل المجالات، والصفوف المختبئة التي تتدرج خلفها، صف أول وثانٍ وثالث وهكذا، وأن إضعاف هؤلاء لا يعني إضعاف الطائفة كلها بل يعني إنقاذا للطائفة من أسباب الضرر التي أوقعتها القيادات الانقلابية عليها، فواحد من أكثر الأوهام التي زرعتها القيادات الانقلابية في روع سواء الدولة أو غالبية الشعب أو العالم، أنها هي والطائفة شيء واحد، وأنها هي والشعب البحريني شيء واحد.
هذا واحد من أخطر شعارات الحرب النفسية التي مارستها على الجميع، ولذلك أوهمت الداخل والخارج أيضاً بـ (أنها وحدها من يُمثل المعارضة) وأنها وحدها من يمثل الطائفة، وأنها وحدها من يمثل الشعب. ولذلك فإن أولى الأولويات لتحقيق هدف الدفاع عن البحرين هي إضعاف هذه القيادة الانقلابية، وفضحها، وكشفها، وكشف زيفها وعبثها بكل المكونات، ثم حصارها حتى القضاء عليها لاحقاً فلا يعود بيدها العبث بالبحرين وبأهلها لتحقيق أجندة إما إيرانية وإما غيرها.
× حين يتم إضعاف الأدوات المحلية التي تقود حراك العبث بأمن هذا البلد وشعبه، فإنه يعني أيضاً إضعافا للاعبين الخارجيين الذين يعتمدون في لعبتهم على هذه الدمى تحت شعارات كاذبة أنهم المعارضة وأن مطالبهم ديمقراطية وإصلاحية، وأنهم ينشدون العدالة، ولن نسرد هنا ما سلكته هذه الفئة، وما ارتكبته من أفعال إجرامية في حق الوطن، فهي أصبحت معروفة للجميع وهي كلها نقيض ما تدعيه المنظمات الدولية عن الوفاق وأتباعها، فإذا كانت الأولوية أيضاً للدفاع عن البحرين هي مواجهة المخططات الخارجية فإنها حتماً لن تنجح ما لم يتم تفكيك وإضعاف ومواجهة من تدرب لينفذ تلك المخططات في بلده.
واجهوا بقوة وبوعي وبإدراك كامل، وبتضافر بين جهود الدولة وجهود أهل الفاتح وكل الشرفاء، هذا الخطر الداخلي الملعوب عليه خارجيا، ومع هذه المواجهة لا تخلطوا أبداً بين هؤلاء وبين الطائفة، كما تم الإيهام في الحرب النفسية، لأن إضعاف هؤلاء هو تقوية للطائفة وإعادة إليها دورها الوطني الحقيقي وتخليص لها لتعود إلى حضن الأم البحرين.
وغدا نكمل.