الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مصارحات


ضياع الحقوق بين الواسطات والمكرمات!

تاريخ النشر : الأربعاء ١٨ أبريل ٢٠١٢

إبراهيم الشيخ



بسبب الكثير من المعايير التي أصبحت «مقلوبة» في حياتنا، أصبح المواطن لا يحصل على حقوقه بشكل طبيعي!
حقوق معيشية ووظيفية أصبحت لا تُمرّر للمواطن بالصورة التي يُفترض أن تكون، ومن دون منّ ولا تكرّم، بل أصبح عليه أن يسعى للحصول على «واسطات» أو «مكرمات» لينالها!
موظّف مجتهد في وظيفته، يكفل له النظام الوظيفي تدرّجاً معيّناً في الوظيفة، تمرّ عليه السنون وهو قابع في محلّه، والسبب أنّ النظام الوظيفي لا يضمن له الحصول على حقوقه بصورة طبيعية، وإنّما يحتاج إلى مسئول يخاف الله يسعى له ويتوسّط؛ ليحصل على حقوقه!
الحال عند المدنيين والعسكريين على السّواء، حيث عناد أيّ مسئول أو «نحاسته» قد تحرم موظّفا أو مجموعة من الموظّفين من حقوق كثيرة، تترتّب عليها أضرار معنوية ومادية، تتسبّب في الإحباط وقلّة الإنتاجية.
حقوق معيشية وإسكانية، البعض يحصل عليها بسهولة ويسر بسبب «واسطات» فلان أو علاّن، بينما من وَجبت له تلك الحقوق، كُتب عليه الانتظار لأنّ ظهره غير محميّ بصلابة نظام يمنع ذلك التلاعب بحياة الناس ومستقبلهم ومعيشتهم.
المواطن له حقوق في وطنه، والتعاطي مع تلك الحقوق بعقلية «المكرمات» أمر غير مقبول لا شرعاً ولا إنسانيا.
لا يوجد أي سبب لانتشار مفاهيم «المكرمات» و«الواسطات» و«المحسوبيات»،إلا بفساد القوانين، وانحراف مفهوم العلاقة بين الموظّف والمسئول، وعدم وجود آليات تضمن عدم التلاعب بمصائر الناس.
تلك المصائب التي تحدّثنا عنها، تنعكس بصورة مباشرة على الفرد وعلى سلوكه وأخلاقياته، حيث عوّدت البعض أنّ «الوشاية» و«نقل الأخبار» سببان مهمّان لإرضاء المسئولين، وبالتالي سيكونان سببين رئيسيين في الحصول على ثقتهم وبالتالي مكرماتهم وواسطتهم.
إقرار قوانين واضحة وآليات مثبّتة من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتوعية المواطنين بها من قبل ديوان الخدمة المدنية وجهات العمل الأخرى، سوف يسهم في القضاء على تلك النوعية من العقليات التي يتبنّاها المسئولون الضعاف، ويطبّقونها في مواقع العمل المختلفة.
للمواطن في بلده حقوق مختلفة، ونشر ثقافة «المكرمات» و«الواسطات» كوسيلتين تمكنّان صاحبهما من الحصول على حقوقه هو استعباد للنّاس، وممارسة نوع بشع جداً من الفساد الإداري والوظيفي.
برودكاست: قالها الفاروق عمر: «متى استعبدتم النّاس وقد ولدتهم أمّهاتهم أحرارا». فالحاكم والوليّ والمسئول قد يحكم الرعيّة ويسوسهم، لكنّه لا يملكهم.
آخر السّطر: لن يستطيع أحد أن يركب ظهرك إلا إذا كنت منحنيا (مارتن لوثر كنج).
آخر الكلام: يقاتلون لإفشال سباق الفورمولا، والهدف إفشال أي نجاح للوطن. قلناها سابقا: الوطن انتصر وسينتصر بتوفيق الله سبحانه، ثمّ بإرادة المخلصين من أبنائه، ولا عزاء لمن لا يحبّ الخير لوطنه.