الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٤٥ - الخميس ١٩ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٢٦ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


العنف اللامحدود بين الهوية والتقية





لم يبق من عنوان تطرحه فئات التخريب ومنظمات الإرهاب المنتشرة في ربوع مملكة البحرين إلا عنوانا واحدا هو العنف اللامحدود في «مقومة» مستمرة استعداداً للانتقال لمرحلة جديدة كما عبر عنها علي سلمان في مؤتمر صحفي مؤخراً أفصح فيه بذلك عن أن البحرين ستدخل في مرحلة جديدة حال موت المضرب عن الطعام في السجن عبدالهادي الخواجة.

تطور لافت في صناعة الأزمات و«تعويل» مستمر على الجهات الخارجية بين الحنين للأم أمريكا والإلحاح للوالد الفقيه، في مرحلة تُعد في الأعراف القانونية أنها مرحلة الموت الأخير، ما يعني أن النهاية غامضة في النتائج ما لم يكن هنالك حزم وقوة يكسبان الموقف ذاته.

اليوم وبعد مضي الأزمة وانخماد نار الربيع العربي بعد أن كشفت إيران عن وجهها بتحويل الربيع إلى (الصحوة الإسلامية) وبانكشاف خططها انسحبت تدريجيا حتى لا تخسر ماء وجهها في مسلسل ليس هو الأخير من تاريخ إيران الإرهابي، لم نسمع لصيحات الربيع العربي منذ ٣ أشهر، ولم تتمكن إيران من فرض ما سمته الصحوة تعميماً على كل دول العالم لانكشاف مؤامراتها علناً في بقاع الأرض المعمورة، ويتضح المطلب بعد زيارة نجاد لأرض عربية محتلة من الفرس.

الإيهام لغة السياسة الحديثة التي لا تعرف سوى لغة التلون والتشكل على نهج البراجماتيين أصحاب النزعات والمصالح الشخصية، سياسة اللف والدوران هي الأخرى سياسة التقوقع في دائرة التخبط المستمر لغاية ليست للنفس فيها صلاح بل لتبعية عمياء ترسم الطريق بغباء.

خطاب يتفوق وفعل يتعرق والضحية أبناء النشء الجديد من سن الحدث وما دونه ولغاية الشباب مغيب العقل من لا يملك الصورة ولا نضج الفكرة يتكرر المشهد وتتكرر الآلام والمعاناة من أمهات الضحايا وأولياء أمورهم من دون جدوى لسامع يسمع الشكوى.

غفلة حلت على أهل العلم والمعرفة ونكبةٌ هي تعاون القاصدين مع ثلة الظلم والجهلة من أصحاب الدين وشخوصهم ذوي الغلبة المحاطين بالقداسة والغالب على أمرهم عبودية الشخوص لثقلهم الواهم، مسئولون عن جمع الدراهم، يقايضون الشرع في المحاكم، يشترون الذمم ، هكذا شأنهم في سائر الأيام وفي كل العواصم، نحن لا نطلب إليهم مستحيلا، نطلب فعل الحق لا شفاء الغليل، وفي العين قذى لما ألم بالبحرين من جرح طال به المدى، أيها العالم متى سيكون لك ردة فعل تساوي على أقل التقادير النهي عن المحرمات والالتزام بتعاليم الدين؟

المسئولية مازالت كبيرة في توضيح الحقيقة، والاحتكاك مع الأطراف المخربة يوصل إلى ذروة المخطط وهو الاصطدام الطائفي والحرب الأهلية التي يجرون البلد إليها، وهذا ما يريدونه أن تعم الفوضى والخراب لكسب المزيد من التأييد، هم يسعون إلى مزيد من غياب الأمن وزعزعته، وفرض حصار الخوف وانعدام الثقة بين الطائفتين الكريمتين، فتصعيد المخربين بممارسة الإرهاب وانجرار عواطف شبابنا للدفاع عن رجال الأمن هما أكبر الغايات لتفتيت وحدة اللحمة الوطنية وتنكيس ما تبقى من الثقة الشعبية كي لا يصل الأمر إلى وجود حل أمثل للأزمة التي صنعوها، وكي تتواصل حربهم الإعلامية على البحرين وقيادتها بالتزامن مع جائزة البحرين الكبرى (الفورمولا ١)، بالخصوص لوجود وسائل الإعلام المختلفة وكل الدول العالمية، فهي حربهم الرابحة أو الحرب الخاسرة التي بنجاحها ستكون نهاية العهد المستقر.

إن تفويت الفرصة على كل المخربين والمؤزمين هي الدعوة المثلى من كل صاحب عقل ومنطق، ولنجعل رجال الأمن يتصرفون بكل حكمة وكياسة مع هذه الفئة التي لاتزال تعيث في الأرض الفساد وترفض الانصياع إلى القانون.

تتسارع الحركات اليوم إلى تبني العمليات الإرهابية المتعددة وتتفاوت ردة فعل الجمعيات السياسية من واحدة لأخرى بحواجز الحياء والخيلاء وشهوة الثراء والتقية لصالح الغلبة في النهاية، لكن الخسارة الوطنية وخسارة المواطن لن تعوضهما أي حركة سياسية ولن يعوضهما معارض خان وطنه من أجل الكرسي.

إن خيار المعارضين وقوى التأزيم في المرحلتين الحالية والقادمة تحريك الطائفية وتعميم الحروب الأهلية في نزعة مستمرة لغليان الشارع ولتصحيح النظرة العالمية التي شهدت تطوراً ملحوظاً خلال ٦ أشهر مضت، فالدول الكبرى والرأي العام شهدا نضجاً في النظر بعين الاعتبار للبحرين، ما أثبت للعالم أن البحرين لم تمر بثورة عربية أو ثورة شعب، بل إن ما جرى هو خطف للوطن وإساءة إلى رموزه، وقد شجب العالم كله فعل المعارضين الذين حولوا البحرين لساحات لعب للمراهقين بحرق الطرق وسدها والعبث بأمنها وأمن شعبها، فلقد شجبت منظمات معترف بها ما يجري في البحرين من قوى التأزيم وصرحت دول عديدة بالاستنكار ودعت أخرى ما تسمى المعارضة إلى التأمل في تصرفاتها، وشهدت بريطانيا منذ يومين حالة أوضحت للعالم ماذا يريد من يسمون أنفسهم معارضين، بل وضح الأسلوب الراقي الذي يدعونه والسلمية التي يتفاخرون بها لمستوى لم تقبل به المنظمات الحقوقية ولا الرأي العام المنصف.

وهكذا يوماً بعد يوم تنكشف الألاعيب البربرية والحركات المعادية ضد مملكة البحرين، وليس هنالك سبيل للحيلولة دون وقوع ما يخططون له سوى الاتحاد والوقوف جنباً لجنب مع مليكنا المعظم وحكومتنا الرشيدة، ضمان لا ضمان بعده أن نكون يداً واحدة ضد التطرف ولا للانجرار خلف المؤزمين، حمى الله البحرين شعباً ووطناً وقيادة.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة