الجريدة اليومية الأولى في البحرين


عالم يتغير




شرفاء الوطن: الهدف والأولويات (3 - 3)

تاريخ النشر : الخميس ١٩ أبريل ٢٠١٢

فوزية رشيد



} هناك كما قلنا من أوهم الدولة وشعبنا بأن مواجهة القيادات والصفوف الأمامية في كل المجالات السياسية والإعلامية والحقوقية، التي قادت ولاتزال تقود أبجديات الحراك الانقلابي الطائفي، على الرغم من فشله، وإفلاس أصحابه، بأن مواجهة هؤلاء أمر مستحيل، لأنه يعني مواجهة نصف الشعب كما يقولون. وهذا في نظرنا كلام خادع أو مغلوط، وسواء من يطلقه يقول ذلك بوعي أو بلا وعي، فإنه يعني كأن لا حل مع هؤلاء أبداً.
} الحل هو فصلهم كفئة مهما كانت عن الطائفة أولاً، وفصل وعيهم عن وعي الطائفة ثانياً، لأنهم مجرد تيار واحد في طائفة بأكملها، هو «تيار الولي الفقيه» الذي تسيّد اليوم لأسباب مختلفة داخلية وخارجية على وعي الطائفة وأصبح يقودها ولكن من يقودهم هم ليسوا كل الطائفة الشيعية، وثانياً من دخل في الحراك الانقلابي بقيادة هذا التيار (الولي الفقيه) يخلطون بين المذهب وبين هذا التيار من جهة، ولا يدركون حقيقة عواقب هذا الخلط من جهة ثانية، ولا عواقب الانقياد لأصحاب هذا التيار بزعامات دينية وسياسية من جهة ثالثة وأنه وبال عليهم الآن ومستقبلاً.
} ولهذا فحين تواجه الدولة هؤلاء، أو يواجههم شرفاء الوطن، فيجب الخروج أولا من وهم، أنهم بالفعل يمثلون حقيقة كل الطائفة وكل وعيها، فحتى أولئك الصغار والأطفال الذين يستغلونهم في التخريب والعنف والإرهاب هم مجرد أدوات مدفوعي الأجر، حينها فإن الدولة والشرفاء يواجهون من خرّب وعي نصف هذا الشعب، وكاد أن يجور على النصف الآخر. حتى لو ظهرت صفوف خلفية أخرى للقيادات فيجب أن يكون الحكم في مواجهتهم جميعاً هو ذات الحكَم في مواجهة الصف الأول أي المصلحتين الوطنية والشعبية، والسلامة الوطنية والأهلية، وأمن واستقرار البحرين، وكل ذلك يتم عبر القانون والقضاء وعبر الحصار الشعبي لهؤلاء.
} إذاً نعود مجدداً للحكَم الأصلي الذي هو القانون والقضاء المستمدان من الميثاق والدستور، فإذا انزاحت (الوفاق) عن طريق الوطن فمهمة الشعب والطائفة الشيعية أن يُخرجوا إلى الأرض من يمثلهم كجمعية وكمعارضة وطنية تضاف إلى معارضة أهل الفاتح أي موالية للوطن أولاً وأخيراً، ومحافظة على مصالحه ومصالح بقية مكوناته، ومراعية للقانون والمؤسسات ومبادئ الميثاق والدستور اللذين هما أساس المشروع الإصلاحي برمته، وعاملة وفق الديمقراطية المتدرجة والإصلاح الذي يخطو خطوات ثابتة لم تخطها دول عربية كثيرة، وغير متجاهلة لهوية البحرين ولا لانتمائها إلى العمق الخليجي الاستراتيجي، وهذا ما لا تفعله «الوفاق وأتباعها» اليوم وما لا تفعله الجمعيات غير المرخصة، لأنها معاً وباختصار تخرب كل ما سبق، وتعبث بمصير وطن وشعب وترهنهما مباشرة أو غير مباشرة لأطماع إقليمية ودولية خارجية، وعلى الطائفة الشيعية وشرفائها مواجهة هذه الإشكالية بتشكيل جمعية سياسية وطنية بديلة عن (الوفاق).
} إذاً لا (الوفاق) ولا أتباعها ولا بقية الجمعيات ذات البضعة الأفراد، لا بديل لهم في البحرين، بل هناك بديل وطني لهم جميعاً ومن خلاله يجب إبعادهم عن الساحة السياسية، لأنهم باختصار أخلوا بكل قوانين اللعب فيها، وهذا ما يجب أن يعيه شرفاء هذا الوطن وأن تعيه الدولة أيضا وأن يعيه شرفاء الطائفة الشيعية، وأن يكفوا معاً عن التصرف كأن (الوفاق) وذيولها قدر لا خلاص منه ولا بديل عنه ولا فكاك منه، وأنها وحدها الطائفة والشعب.
ولهذا حين نقول شرفاء هذا الوطن، فنقصد الشرفاء من كل المكونات، الذين يجب أن يدركوا أن إحدى أهم أولوياتهم للدفاع عن البحرين كهدف أساسي، هو مواجهة وحصار من يعبث بالبحرين، وأيا كان مسماه، وأول المواجهة سحب صفة (المعارضة) عن هؤلاء بكل الإمكانيات الفكرية والسياسية والإعلامية والدبلوماسية، التي تملكها الدولة ويملكها الشرفاء، وجعلها معركة أساسية لكسب الحرب النهائية عليهم، ويجب كشفهم أمام العالم (بأنهم ليسوا معارضة) لأنهم ببساطة أخلوا بكل قيم ومبادئ المعارضة الوطنية والإصلاحية التي تسعى إلى خير الوطن ونهضة شعبه.
هؤلاء مجرد أدوات يحركها الخارج ويجب على الدولة مواجهتهم بالقانون والدستور والمحاسبة والعقاب، وإحراج الدول الكبرى ومنظماتها بالمنطق القوي الذي يفيد في تفنيد حقيقة هذه الفئة التي تسمي نفسها معارضة. وبذلك يتم إضعاف المخططَين الداخلي والخارجي المرتبطَين ببعضهما بعضا، اللذين يغذيان بعضهما بعضا، ويبتزان الدولة، ويتلاعبان بمصير وطننا وشعبنا وأجيال المستقبل.
} لا مصالحة مع الإرهاب أو العنف أو مع من يتبناهما أو يدعمهما أو يدافع عنهما. بهذا تسترد الدولة سيادتها وهيبتها، ومع الاتحاد الخليجي القادم تسترد أدواتها الأقوى في مواجهة القوى الخارجية العابثة بأمن الخليج عبر البوابة البحرينية.
الحرب مكشوفة وأدواتها مفضوحة، وهي (حرب مصيرية) بكل معنى الكلمة، لأنها اليوم وصلت إلى العظم، وإلى الاعتداء حتى على هوية بلداننا ومحاولة إلحاقها بالطامع الإيراني وأجندة الغربي الذي يريد كلاهما إقامة إمبراطوريته على حساب سلامة أوطاننا وشعوبنا.
} وهذا ما يجب أن يعمل عليه الشرفاء في هذا الوطن ودعم الدولة وتوجيهها نحوه، لأنها النصيحة الصادقة والمخلصة، للدفاع عن البحرين كهدف جوهري لا ثاني له، وبعدها تأتي الأولويات الأخرى مثل مكافحة الفساد المالي والإداري والقضايا الوطنية المختلفة، التي هي في جانبها الإصلاحي والمعيشي قضايا ذات ديمومة، بمعنى لا يمكن الانتهاء منها، مع رغبات أي شعب في التطور الدائم، ولا ننكر في هذا أن يتزامن العمل على كل القضايا الوطنية والشعبية، فهذه سنة الحياة حتى في خضم وجود التهديدات والمخاطر وقضية الدفاع عن البحرين، ولكن الذي نقصده هو عدم ضياع الوعي الوطني في التفاصيل ونسيان العمل الدؤوب على الهدف الأساسي الذي من دونه يضيع بلدنا، ومثلما عاش الوطن متآلفا متحابا، بعيدا عن أدوات العبث به، لابد أن يستعيد عافيته لا من خلال التسامح مع من يعبث ويدمر ويخرّب، وإنما من خلال الحسم في المواجهة وإبعاد وإضعاف من يعمل في تلك الاتجاهات أو يدافع عنها، واستعادة الطائفة الشيعية هويتها الوطنية التي ضربها من يدعي بأنه يمثلها.
حينها بالإمكان أن يعود الوطن إلى طبيعته، بعد أن يُجري عملية استئصال للغدد والخلايا السرطانية، التي تعمل ليل نهار للقضاء عليه، وإلحاقه بجغرافية السيناريوهات الحاقدة والمتآمرة، التي وصلت اليوم إلى حد محاولة اللعب على وعي بقية المكونات لإنجاح مخططها الانقلابي الغادر، الذي سيعيد هذا الوطن الناهض إلى الوراء ألف سنة.